الحديث و قد علمنا به حالا و خلقا لله الحمد على ذلك
[الماء الحي و ما يعترضه من المزاج الطبيعي]
و أما حكم الماء الآجن في الباطن دون غيره مما يغير الماء مما لا ينفك عنه غالبا فاعلم إن اللّٰه سبحانه ما نزه الماء عن شيء يتغير به مما لا ينفك عنه غالبا إلا الماء الآجن فقال تعالى في صفة أهل الجنة الموصوفة بالطهارة ﴿فِيهٰا أَنْهٰارٌ مِنْ مٰاءٍ غَيْرِ آسِنٍ﴾ [محمد:15] يقال أسن الماء و أجن إذا تغير و هو الماء المخزون في الصهاريج و كل ماء مخزون يتغير بطول المكث فإذا عرض للعلم الذي به حياة القلوب من المزاج الطبيعي أمر أثر فيه كالعلم بأن اللّٰه رحيم فإذا رأى رحمته بعباد اللّٰه كما يراها من نفسه من الرقة و الشفقة التي يجد ألمها في نفسه فيطلب العبد إزالة ذلك الألم الذي يجده في نفسه برحمة هذا الذي أدركته الرحمة عليه من المخلوقين قام له قيام الرقة به و حمل ذلك على رحمة اللّٰه فتغيرت عنده رحمة اللّٰه بالقياس على رحمته فلم ينبغ له أن يطهر نفسه لعبادة ربه بمثل هذه الرحمة الإلهية و قد تغيرت عنده و علة ذلك أن الحق ما وصف نفسه بالرقة في رحمته فالحق يقول لك هنا لا تجعل طبيعتك حاكمة على حياتك الإلهية و من يرى الوضوء بالماء الآجن لم يفرق فإن الحق قد وصف نفسه في مواضع بما يقتضيه الطبع البشري فيجري الكل مجرى واحدا و الأولى ما ذكرناه أولا أن لا نزيد على حكم اللّٰه شيئا فيما ذكر عن نفسه
[العلم الذي تذوب في اوقيانوسه الشبه]
و أما حكم الباطن في العلم القليل إذا وردت عليه الشبه المضلة و أثرت فيه التغير فإنه لا يجوز له استعمال ذلك العلم فإنه غير واثق به و إن كان عارفا بأن لذلك العلم وجها إلى الحق و لكن ليس في قوته لضعف علمه معرفة تعيين ذلك الوجه فيعدل عند ذلك إلى العلم الذي يستهلك الشبه و هو العلم الذي يأخذه عن الايمان من طريق الشرع و العمل به فإنه العلم الواسع الذي لا يقبل الشبه لأنه يقلب عينها بالوجه الحق الذي تحمله فيصرفها في موضعها فتكون علما بعد ما كانت بكونها شبهة جهلا
[نور الإيمان الذي تندرج فيه أنوار العلوم]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية