في معرفة النفس بفتح الفاء
وهو الباب 198 من الفتوحات المكية
«وصل»
![]() |
![]() |
[97] - «وصل»
الأقسام الإلهية من نفس الرحمن الواردة في القرآن والسنة فإن بها نفس الله عن المقسوم له ما كان يجده من الحرج والضيق الذي يعطيه في الموجودات قوله فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ وإرادته
مجهولة التعلق لا يعرف مرادها إلا بتعريف إلهي فإذا أكده بالقسم عليه والإيلاء كان أرفع للحرج من نفس المقسوم له كما نفس الله عن المؤمنين غير الموقنين بقسمه على الرزق وما وعد به من الخير المطلق والمقيد بالشروط لمن وقعت منه ووجدت فيه أنه لحق مثل ما إنكم تنطقون فنفس الله عنهم بذلك وحصل لهم اليقين وما بقي لهم بعد إلا الاضطراب الطبيعي فإن الآلام الطبيعية المحسوسة ما في وسع الإنسان رفعها إذا حصلت بخلاف الآلام النفسية فإنه في وسعه رفعها فوقع التنفيس بالقسم إن الرزق من الله لا بد منه وبقي في قلب بعض الموقنين بذلك من الحرج تعيين وقت حصوله ما وقع به التعريف ولو وقع لم يرفع الاضطراب الطبيعي فلما علم الحق أنه لا ينفس في تعيين الأوقات لذلك لم يوقع بها التعريف فإن الطبع أملك والحس أقوى في الذوق من النفس وسبب ذلك أن المحسوس على صورة واحدة لا تتبدل والنفس تقبل التحول في الصور فلذلك لا يرتفع حكم الطبع في وجود الآلام الحسية لثبوته وترتفع الآلام النفسية لسرعة تبدلها في الصور ولا يفنى أحد عن الآلام الطبيعية إلا بوارد إلهي أو روحاني قوي يرفع عنه ألم الطبع إن قام به ويكون موجب ذلك الوارد إما أمر محسوس أو معقول لا يتقيد كورود غائب عليه يحبه فيفنيه شغله بما حصل له من الفرح بوروده عن ألم الجوع والعطش الذي كان يجده قبل رؤية هذا الغائب أو السماع بقدومه فهذا موجب محسوس والموجب المعقول معلوم عند العلماء فظهر في الأقسام الإلهية نفس الرحمن غاية الظهور وأعطى هذا القسم عند العلماء تعظيم المقسوم به إذ لا يكون القسم إلا بمن له مرتبة في العظمة فعظم الله بالقسم جميع العالم الموجود منه والمعدوم إذ كانت أشخاصه لا تتناهى فإنه أقسم به كله في قوله فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ وما لا تُبْصِرُونَ وهو الموجود الغائب عن البصر والمعدوم ودخل في هذا القسم المحدث والقديم غير أنه لما علم الله عظمته في قلوب عباده موحدهم ومشركهم ومؤمنهم وكافرهم وقد أقسم لهم بالمحدثات وبغير نفسه وعلم أنه قد تقرر عندهم أنه لا يكون القسم إلا بعظيم عند المقسم فبالضرورة يعتقد العالم تعظيم المحدثات ولا سيما وقد أيد ذلك في بعض المحدثات بقوله ومن يُعَظِّمْ شَعائِرَ الله وهي محدثات فَإِنَّها من تَقْوَى الْقُلُوبِ ومن صفات الحق الغيرة فحجر من كونه غيورا علينا أن نقسم بغيره مع اعتقادنا عظمة الغير بتعظيم الله فهذا التحجير دواء نافع لما أورثه القسم بالمحدثات في القلوب الضعيفة البصائر عن إدراك الحقائق من العلل والأمراض والأقسام كثيرة ولا فائدة في ذكرها مع ما ذكرناه من الأمر الجامع لها فهو يغني عن تفصيلها فإن الكتاب يطول بذكرها وكل إنسان إذا وقف على قسم منها عرف فيما وقع وما نفس الله به وعمن نفس الله به من أول وهلة وإنما ينبغي لنا أن نذكر ما يغمض على بعض الأفهام أو أكثرها لحصول الفوائد العزيزة المنال عند أكثر الناس
![]() |
![]() |





