الفتوحات المكية

في معرفة النفس بفتح الفاء

وهو الباب 198 من الفتوحات المكية

[إن الله أفاض للموجودات دائما]

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[94] - [إن الله أفاض للموجودات دائما]

اعلم أن الإمداد الإلهي للموجودات لا ينقطع فإذا قصر فمن القابل لا من جانب الممد فإن أضيف عدم الإمداد في أمر معين إلى جانب الحق فذلك القصر إمداد المصلحة في حق ذلك الممنوع فإنه العالم بمصالح المخلوقات ولهذا ينبغي للعلماء بالله أن لا يعينوا عند سؤالهم حاجة بعينها وليسألوا ما لهم فيه الخير من غير تعيين فكم من سائل عين فلما قضيت حاجته لحكمة يعلمها الله أدركه الندم بعد ذلك على ما عين وتمنى أنه لم يعين فالإمداد تنفس رحماني والإمداد الإلهي في الموجودات طبيعي ومزاد فالطبيعي ما تمس الحاجة إليه لقوام ذاته ودفع ألم يقوم به والمزاد ما يزيد على هذا مما لا يحتاج في نفسه إليه هذا إذا كان من أهل الله القائلين بالري عند الشرب ومن لا يقول بالري فما ثم إمداد مزاد بل كله طبيعي والمزاد على قسمين وهو ما يمده به الحق مما يحتاج إليه الغير وفيه يقول الله آمرا نبيه صلى الله عليه وسلم وقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً وهذا المزادان كان عن طلب من الغير وهو الموجب للزيادة مثل ما هو في نفس القاري في‏ء آمن وآدم أو يكون وإن كان إمداد من الله لهذا العبد ليمد به من يعلم الله أنه محتاج إليه ليشرف الواسطة بذلك فيجد هذا العبد في نفسه علما لا يقتضيه حاله فيعلم أن المراد به التعليم والإمداد للغير ومثاله في نفس القاري جاء وشاء ودابة وطامة وهو الموجب للزيادة في الإمداد فدابة وطامة صورتان تدبرهما روح واحدة وهو التضعيف والهمزة نصف حرف عند بعضهم وهو الاسم الظاهر والألف نصف حرف وهو الاسم الباطن فالمجموع حرف واحد وهو السبب الموجب لزيادة الإمداد لما يعلم الممد من حاجته إلى ذلك أو لطلبه وعلى كل حال فنفس الرحمن فيه موجود والزيادة في الإمداد على قدر الحاجة أو الطلب فيفضل بعضه على بعض فالمفضول قصر وجزر عن المد إلا طول الأفضل فاعلم ذلك فالمد إمداد محسوس ظاهر والجزر إمداد معنوي يطلق عليه اسم النقيض فاعلم ذلك‏


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!