في معرفة النفس بفتح الفاء
وهو الباب 198 من الفتوحات المكية
«الفصل الأربعون» في الجلي والخفي من الأنفاس
![]() |
![]() |
[76] - «الفصل الأربعون» في الجلي والخفي من الأنفاس
فالجلي ما ظهر والخفي ما استتر ولا يكون الاستتار والخفاء إلا في الأمثال وأما في غير الأمثال فلا لأن غير المثل لا يقبل صورة من ليس مثله أ لا ترى
قوله عليه السلام حين قال إن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده
لأنه قال فيه إنه خلقه على صورته فجعله مثلا ثم نفى أن يماثل ذلك المثل فقال لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ أي ليس مثل مثله شيء فنفى أن يماثل المثل فاستتر الحق بصورة العبد في قوله سمع الله لمن حمده فإن المترجم عنه اسم مفعول يستتر بظهور المترجم اسم فاعل في باب المماثلة له فيما يطلبه من الأمور التي لا صورة لها في المترجم لهم من حيث ما يعرفها المترجم عنه في لسانه فيظهر المترجم عنه بصورة المترجم عنه المعنوية وبصورة المترجم لهم المحسوسة فيظهر بالصورتين فإنه سماه عبدا وهو عبد قائل عن حق فكان لسانه لسان حق في قوله سمع الله لمن حمده وما زال عن كونه عبدا في ذلك فالله تعالى يظهرنا وقتا ويستر نفسه فيما هو له ووقتا يظهر نفسه ويسترنا بحسب المواطن حكمة منه فالكامل من أهل الله ينظر مراد الله في الوقائع فأي عين أراد الله ظهورها أظهر وأي عين أراد الله سترها سترها والأدب يقضي بأمر كلي أن ما حسن عرفا وشرعا نسبة للحق فأظهر الحق فيه وجلاه للبصائر والأبصار وما قبح عرفا وشرعا نسبه إلى نفسه إن شاء وأظهر نفسه فيه وجلاه أو نسبه إلى الشيطان إن شاء وأظهر عين الشيطان فيه وجلاه فيكون باطنه حقا لقوله فَأَلْهَمَها فُجُورَها وتَقْواها وكُلٌّ من عِنْدِ الله ولكن مع هذا كله لا بد إن لم يكن مثلا يصيره مثلا وحينئذ يستره وإلا فما يستتر فإنه ما ثم مثل إلا الإنسان فهو يقبل الاستتار وما عدا الإنسان فلا يقبله فإنه ليس بمثل فإذا أردت أن تستره
في الحق صيرته مثلا وحينئذ يقبل الستر بالصيرورة فالأسباب كلها خلاف إلا الإنسان قال الله تعالى من يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ الله فحلاه باسمه وكان ظاهرا فستره إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ الله فأظهره بكاف الخطاب ثم ستره وما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ولكِنَّ الله رَمى كما أنه ميز وعين وفرق فقال أَطِيعُوا الله وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ في شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى الله حكما وإلى الرَّسُولَ عينا فمن أهل الله من يقيم مثل هذا إذا ورد نشأة ذات روح وجسد فيستر بالحركة المحسوسة فعل الروح بصرا ويستر بالمحرك فعل الجسد بصيرة وفيها يكون الإنسان خالقا ويكون الحق أَحْسَنُ الْخالِقِينَ ومن أهل الله من لا يرى إلا الله فلا ستر عنده ومن أهل الله من لا يرى إلا الخلق فلا ظهور عنده وكل مصيب وأهل الأدب هم الكمل فيحكمون في هذا الأمر بما حكم الله من ستر وتجل وإخفاء وإظهار كما قدمنا والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ
![]() |
![]() |





