الفتوحات المكية

في معرفة النفس بفتح الفاء

وهو الباب 198 من الفتوحات المكية

[ما المراد بالنقل‏]

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[75] - [ما المراد بالنقل‏]

اعلم أن المراد بالنقل أن ينقل حكم الآخر إلى الأول ويجعل محله من الأول آخرا وقد كان في الآخر أولا ويزيل من الآخر عين ما ظهر فيه هذا الحكم والعين واحدة فإنه قال هُوَ الْأَوَّلُ والْآخِرُ والهوية واحدة العين وانتقل الحكم من آخر إلى أول في عين واحدة ولا يكون هذا النقل الخاص في هذا الباب إلا نقل الموجود من حال شدة إلى حال رخاء ومن عسر إلى يسر فالنقل تسهيل طريق إلى وجود الرحمة وهذا النقل يظهر في ثلاث مراتب المرتبة الأولى أن يظهر في الصور الممثلة على صورة المحسوس فيكون لها حكم المحسوسات وليست بمحسوسات وهي من وجه محسوسات فينتقل إليها ذلك الحكم ليعلم أن للظهور في صورة ما من الموجود المنزه عن التأثير حكم الصورة التي ظهر فيها فانتقل الحكم إلى الذي كان لا يقبله قبل هذا لظهوره بالصورة التي هذا الحكم لها كما انتقل حكم البشر إلى الروح لما ظهر بصورة البشر فأعطى الولد الذي هو عيسى وليس ذلك من شأن الأرواح ولكن انتقل حكم الصورة إليها بقبوله للصورة فمن ظهر في صورة

كان له حكمها ومن هنا تعرف مرتبة الإنسان الكامل الذي خلقه الله على صورته ولتلك الصورة حكم فتبع الحكم الصورة فلم يدع الألوهية لنفسه أحد من خلق الله إلا الإنسان الذي ظهر بأحكام الأسماء والنيابة فكان ملكا مطاعا كفرعون وغيره وقد يظهر حكم النقل في مرتبة المعرفة وهي المرتبة الثانية

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرف نفسه عرف ربه‏

وذلك بنقل الحكم الذي كان لنفسه إلى ربه لما علم أنه ما في الوجود إلا الله والمرتبة الثالثة الانتقال في جميع المراتب فينتقل حكم المنزلة للنازل فيها كانت المنزلة ما كانت مما تحمد أو تذم وإذا انتقل الحكم انتقل الحكم فيها بحسب ما تقرر في العرف والوضع العادي والشرعي أ لا ترى الروح الجني إذا لبس صورة الحية والحكم فيها منا القتل قتلناه لصورته ولو علمنا أنه جان ما قتلناه كما انتقل حكم الصورة في الجان فحكمت عليه أنه حية عاملناه فحكمنا في تلك الصورة

روينا حديثا عن شخص من جن وفد نصيبين الذين وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهؤلاء الوفد من الجن لما كان لهم الظهور في أي صورة شاءوا فحكم عليهم إنه من تصور في غير صورته فقتل فلا عقل فيه ولا قود

فإنه من قتل حية أو عقربا لا يقتل به ولا تؤخذ فيه دية فمن ظهر في صورة من هذا حكمه انسحب عليه هذا الحكم‏


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!