في معرفة النفس بفتح الفاء
وهو الباب 198 من الفتوحات المكية
[نسبة الحركة والسكون]
![]() |
![]() |
[52] - [نسبة الحركة والسكون]
ثم لتعلم إن التحقيق في الحركة والسكون أنهما نسبتان للذوات الطبيعية المتحيزة المكانية أو القابلة للمكان إن كانت في الإمكان وذلك أن المتحيز لا بد له من حيز يشغله بذاته في زمان وجوده فيه فلا يخلو ما أن يمر عليه زمان ثان أو أزمنة وهو في ذلك الحيز عينه فذلك المعبر عنه بالسكون أو يكون في الزمان الثاني في الحيز الذي يليه وفي الزمن الثالث في الحيز الذي يلي الحيز الثاني فظهوره وأشغاله لهذه الأحياز حيزا بعد حيز لا يكون إلا بالانتقال من حيز إلى حيز ولا يكون ذلك إلا بمنقل فإن سمي ذلك الانتقال حركة مع عقلنا إنه ما ثم إلا عين المتحيز والحيز وكونه شغل الحيز الآخر المجاور لحيزه الذي شغله أولا فلا يمنع ومن ادعى أن ثم عينا موجودة تسمى حركة قامت بالمتحيز أوجبت له الانتقال من حيز إلى حيز فعليه بالدليل فما انتقل إلا بمنقل أما إن كان ذا إرادة فبإرادته أو بمنقل غيره نقله من حيز إلى حيز وكذلك الاجتماع والافتراق نسبتان للمتحيزات فالاجتماع كون متحيزين متجاورين في حيزين لا يعقل بينهما ثالث والافتراق أن
يعقل بينهما ثالث أو أكثر فاعلم ذلك ثم إن الزمان والمكان من لواحق الأجسام الطبيعية أيضا غير أن الزمان أمر متوهم لا وجود له تظهره حركات الأفلاك أو حركات المتحيزات إذا اقترن بها السؤال بمتى فالحيز والزمان لا وجود له في العين أيضا وإنما الوجود لذوات المتحركات والساكنات وأما المكان فهو ما تستقر عليه المتمكنات لا فيه فإن كانت فيه فتلك الأحياز لا المكان فالمكان أيضا أمر نسبي في عين موجودة يستقر عليها المتمكن أو يقطعه بالانتقالات عليه لا فيه فإن اتصلت المتحيزات بطريق المجاورة على نسق خاص لا يكون فيه تداخل فذلك الاتصال فإن توالت الانتقالات حالا بعد حال فذلك التتابع والتتالي من غير أن يتخللها فترة فإن دخل بعضها على بعض ولم يفصل الداخل بين المتصلين فذلك الالتحام فما دخل في الوجود منه وصف بالتناهي وما لم يدخل قيل فيه إنه لا يتناهى إن فرض متتاليا أبدا وإن أعطت هذه الانتقالات استحالة كان الكون والفساد فانتقال الشيء من العدم إلى الوجود يكون كونا وإزالة ما ظهر عنه من صورة الكون يسمى فسادا فإذا انتقل من وجود إلى وجود يسمى متحركا وأما ما يلحق هذه الأجسام من الألوان والأشكال والخفة والثقل واللطف والكثافة والكدورة والصفا واللين والصلابة وما أشبه ذلك من لواحقه فإنه يرجع إلى أسباب مختلفة فأما الألوان فعلى قسمين منها ألوان تقوم بنفس المتلون ومنها ألوان تظهر لناظر الرائي وما هي في عين المتلون لاختلاف الأشكال وما يعطيه النور في ذلك الجسم فإنه بالنور يقع الإدراك وكذلك الأشكال مثل الألوان ترجع إلى أمرين إلى حامل الشكل وإلى حس المدرك له وأما ما عداه مما ذكرناه من لواحق الأجسام فهي راجعة إلى المدرك لذلك لا إلى أنفسها ولا إلى الذات الموصوفة التي هي الأجسام الطبيعية هذا عندنا فإن اللطيفة كالهواء لا تضبط صورة النور والجسم الكثيف يظهره ورأينا من لا يحجبه الكثائف وصورتها عنده صورة اللطائف في نفوذ الإدراك فإذا ما هي كثائف إلا عند من ليس له هذا النفوذ فمنا من لا يحجبه الجدران ولا يثقله شيء فصار مال هذه الأوصاف إلى المدرك ولو كانت لذوات الأجسام لوقع التساوي في ذلك كما وقع التساوي في كونها أجساما فإذا ليس حكم اللواحق يرجع إلى ذوات الأجسام عندنا وأما عند الطبيعيين فإنهم وإن اختلفوا فما هم على طريقنا في العلم بهذا
![]() |
![]() |





