في معرفة النفس بفتح الفاء
وهو الباب 198 من الفتوحات المكية
[الأسماء المتقابلة أو المتقاربة]
![]() |
![]() |
[14] - [الأسماء المتقابلة أو المتقاربة]
فلا تخلو هذه العقول المدبرة أن تكون في إحدى هذه الحضرات في زمان مرور الخواطر عليها أو الأسماء المتقابلة أو المتقاربة فالمتقابلة كالضار والنافع أو المعز والمذل أو المحيي والمميت ومثل المقاربة كالعليم والخبير أو القدير والقاهر أو الكبير والعظيم وما جرى هذا المجرى في عالم الخلق والأمر وها أنا إن شاء الله أذكر ما يحدث من حكم ذلك كله في العالم
تفصيل
أما تفصيل ما ذكرناه فهو أن نقول بعد أن تعلم أن كل من ذكرنا من هؤلاء الطبقات فإنما هم أهل الأنفاس خاصة من أهل الله لا غيرهم إن المدبر من عالم الأنفاس إذا أراد تنفيذ أمر ما برزخي يطلب تنفيذه حكمين والأمر واحد فإن الاسم الجامع والنافع والبصير والقائلين بالجود على مسغبة ينظرون إلى الحكم الأسهل فيحكمون به على ذلك الأمر والعلماء بالله يجعلون التوحيد بين الحكمين ويحكم بالأسهل من الحكمين وأما الباري والسريع والواقي والغفور فإنهم يسلكون طريق التحقيق في ذلك فيعطي كل حكم حقه لا يراعى جانبا دون جانب ولا يحكمون بذلك إلا المكملون من رجال الله فإن كان أحد الحكمين برزخيا والآخر سفليا فالاسم الجامع والنافع والبصير يحكمون بما فيه رفع الحرج غير أن الاسم البصير وأهل الجود يجعلان التوحيد بين الحكمين حتى يرفعان الاشتراك وبقية الأسماء السبعة وجميع الطبقات الخارجين عن طبقات هؤلاء الأسماء الثلاثة يسلكون مسلك الاعتدال فيوفون الحقوق على ما تعطي المراتب مثال الأول البرزخى أن ترى الحق في صورة يدركها الحس فالمحققون يعطون الألوهية حقها ويعطون الحضرة التي ظهر الحق فيها بهذه الصورة حقها والطائفة الأخرى تحكم على الحق بالصورة وتقول لو لا أنه على حقيقة تقبلها ما صح أن يظهر بها إذ لم تكن غيره في وقت التجلي وأما الذين جعلوا التوحيد بين الحكمين فقالوا الحق على ما هو عليه في نفسه وهذه الصورة ظهرت بالحق لا إن الحق ظهر بها وجعلوا التوحيد فاصلا بين الحق والصورة وهكذا في الحالة الثانية ومثال ذلك في الحالة الثانية هو تجلى من يقول في رؤيته جميع الأكوان ما رأيت إلا الله من حيث إن البرزخ لا يتعين فيه الصور إلا من عالم الطبيعة وهو المحسوس والحكم كما قررناه فإن كان
الأمر بين حكم برزخي وصورة عليا كرؤية الحق في صورة ملك فالجامع والبصير والنافع يرفعون الحرج فيما وقع فيه التشبيه ويوفون حق أحد الحكمين وهو الحكم الذي يلي جانب العزة وأصحاب الجود الإلهي يعتبرون التوحيد فيبرزونها مع رفع الحرج فالتوحد مثل قوله لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ورفع الحرج تمام الآية وهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ مرتبة أخرى إذا ظهر أمران الهيان في صورتين مختلفتين والأمران برزخيان فالحكم الإلهي في ذلك وهو أن ترى صورة الحق في البرزخ وصورة الملك في البرزخ على صورة إنسيين كصورة موسى وهارون مثلا أو ترى الحق في صورة شخصين معا في رؤيا واحدة في عالم البرزخ مثل أن ترى الحق في صورة شاب وشيخ في حال واحدة ولا شك إنها الحق ليس غيره فحكم العلم من العلماء بالله وأهل الجود الإلهي في هذه الواقعة أن هذا إمداد إلهي لهذه الصورة التي ظهر فيها الحق وأهل الجود أيضا والفضلاء أصحاب الزيادات من العلم الإلهي مع الاسم البصير من الأسماء الإلهية يزيلون الحق ب لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ويتأولون الصورة بما يليق بها وما بقي من الأسماء الإلهية والطبقات من أهل الله أرباب المقامات والتحقيق يتركون الحق حقا بما يليق به والصورة صورة بما يليق بها وهو الأولى عندي مرتبة أخرى نبي من الأنبياء كعيسى روح الله وكلمته يظهر حقا من كونه كلمة الله وظهر
ملكا من كونه روح الله فالحكم في هذه الواقعة عند العلماء بالله وأهل الجود من أهل الله يلحقون الملك بذلك النبي وينزهون الحق عن تلك الصورة وأما الراسخون في العلم وهم أهل الزيادات ويوافقهم أيضا أهل الجود الإلهي يقولون الجناب الإلهي أقبل للصور من العالم فيلحقون بصورة ذلك النبي ويبقون صورة الملك على ما هي عليه لا يتأولونها ولا سيما في عيسى فإنه تمثل لأمه بشرا سويا حين أعطاها عيسى وأما الاسم الإلهي البصير فإنه يسقط صورة الحق من ذلك تنزيها ويبقى ما بقي على حاله مرتبة أخرى ملك من الملائكة ظهر في صورة محسوسة وظهر في مقام حق وقال أنا الحق كما سمع موسى الخطاب من الشجرة إِنَّنِي أَنَا الله لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فحكم العلماء العارفون وأهل الجود الإلهي يقولون في الصورة المحسوسة إنها ملك وفي مقام الحق أنه حق وأما أهل الزيادات من العلماء بالله وأهل الجود الإلهي يوافقونهم على حكمهم أيضا يحكمون على الحق بالملكية والاسم البصير الإلهي يسقط بحكمه الحق من أجل ما دخله من التشبيه ويبقى ما بقي على ما هو عليه وجميع أهل الله يقولون لما كان الحق يقبل الصور لم يبعد على الصور أن تدعى فيه وتقول أنا الحق فالذي يعتمد عليه في هذه المسألة أن يعطي الحق من جهة الشرع حقه لا من جهة العقل ويعطي الحس حقه ويعطي الملك حقه ومع هذا فلا بد عند غير المحققين أن يصحبوا التوحيد بين الحكمين مخافة الاشتراك والمحقق لا يبالي فإنه قد عرف ما ثم مرتبة أخرى إذا كانت إحدى الصورتين علوية والأخرى برزخية فالأسماء الثلاثة الجامع والبصير والنافع يرفعون الحرج في الصورة البرزخية وغيرها ولا يعطون كل ذي حق حقه من الصورتين
![]() |
![]() |





