الفتوحات المكية

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


26. الموقف السادس والعشرون

قال تعالى: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ﴾[البقرة: 2/ 144].

﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾[البقرة: 2/ 149].

﴿وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾[البقرة: 2/ 150].

الحكمة في تحجير الأمر باستقبال القبلة في الصلاة، مع قوله: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ﴾[البقرة2/ 115].: أي ذاته، ومع كون التحجير فيه نوع تقييد للمعبود فكأنه ما ظهر بغيرها، ومع ما في ذلك من التشبّه بعبدة الأوثان والأصنام في الظاهر، إذ التوجّه في الصلاة والطواف بها لا يقع في ظاهر الأمر وبادي الرأي إلاَّ إلى الكعبة وأحجارها، هو أنه تعالى ـ لو أطلق الأمر وما حجره وجعل التخيير للمصلين، لأدّى ذلك إلى التفرقة والحيرة، فربم يريد مصل جهة، ويريد الآخر أخرى وآخر أخرى... فينحل النظام وتختل الجماعة وأساس الدين هو الاجتماع والاتفاق. وأيضاً تكون حيرة العارفين في الإطلاق وعدم التحجير أعظم، لأنهم عارفون ظهور الحق تعالى في كلّ مظهر وصورة بوجه خاص، والمظاهر متفاضلة بما لا ينحصر في قبول الظهور. والعارف أكثر مشاهدته وتوجهه إلى المظهر الذي خواص الوجود فيه أكثر ظهوراً. وخواص الوجود الحقّ ما ظهرت في مظهر مثل الإنسان الكامل في كل عصر، فلو أطلق الأمر على العارف ما توجه إلاًَّ إليه. وهو مجهول المكان، فتعظم حيرة العارف.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!