Mekkeli Fetihler: futuhat makkiyah

المواقف في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف

للأمير عبد القادر الحسني الجزائري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


149. الموقف التاسع والأربعون بعد المائة

قال تعالى: قال تعالى: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ﴾[البقرة: 2/ 144].

﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾[البقرة: 2/ 149].

﴿وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾[البقرة: 2/ 150].

أي وَجِّهْ وجهك الخاص بك، وهو الذي قال: تعالى فيه: ﴿ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ﴾[الرحمن:55/ 27].

وهو سرك الذي قامت به روحك، كما قام جسدك بروحك، فإنه هو المراد من الإنسان المقصود بالأمر؛ فإن الله لا ينظر إلى صوركم وإنما ينظر إلى قلوبكم، وهي وجوه الحق تعالى التي لكم، ومنسوبة إليكم، وهي التي وسعت الحق منكم، وما وسعته الأرض ولا السموات؛ فما أ مرنا الحق تعالى أن نستقبل إلاَّ بهذه الوجوه، ول ننظر ولا نسمع إلاَّ بها، فمن توجّه بجسمه الظاهر مجرداً من هذا الوجه فما توجّه، ومن نظر ببصره مجرداً عن هذا الوجه فما أبصر، كما قال: ﴿ وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ﴾[الأعراف: 7/ 198].

وما ذلك إلاَّ أن نظرهم كان بأبصارهم، لا بوجوههم الخاصة وأسرارهم، ومن تسمّع بسمعه مجرداً عن هذا الوجه فما سمع، كما قال: ﴿ وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا﴾[الأعراف: 7/ 179].

ومن توجّه بقلبه اللحمة الصنوبرية فما فقه ولا عقل، كما قال: ﴿ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا﴾[الأعراف: 7/ 179].

فمن نظر بعينه المقيّدة لا يرى إلاَّ الأشياء المقيّدة، وهي الأجسام والألوان و السطوح. ومن نظر بعين روحه الباطنة رأى الأشياء الباطنة من الأرواح وعالم المثال المطلق والجن، وكلها أكوان وحجب. ومن نظر بوجهه وهو سره رأى وجوه الحق تعالى التي له في كل شيء فإنه لا يرى الله إلاَّ الله. ولا يعرف الله إلاَّ الله. وهذه الأعين الثلاثة هي عين واحدة، اختلفت باختلاف مدركاتها. ياللحيرة وياللعجب!! لا يفرّق الناظر بين نظره بجسمه وروحه وسرّه، وهو وجهه الخاص، إلاَّ بمدركاته. ولهذا الوجه قال تعالى: ((يابن آدم مرضت فلم تعدن، وجعت فلم تطعمني، وظمئت فلم تسقني))

ولهذا الوجه قال تعالى ((كنت سمعه وبصره))، إلى أخر القوى. ولهذ الوجه قال: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ﴾[الإسراء: 17 / 23].

فإنه هو الذي عبد في كلّ مخلوق، عبد في نار، وشمس، ونجم، وحيوان، وجنّ، وملك... الخ. فملاحظة هذا الوجه لازمة في كل عبادة وعادة، فإذا توجّه إلى القبلة للصلاة يرى أن المتوجّه حق، والمتوجّه إليه حق. وإذا تصدق يرى أن المعطي حق، والمعطَى حق، كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ﴾[التوبة: 9/ 104].

وفي الصحيح أن الصدقة أول ما تقع في يد الرحمن. وإذا تلا القرآن رأى أن المتكلّم حق، والمتكلم به حق، وإذا استمع القرآن رأى أن الكلام حق و السامع حق، وإذ نظر إلى شيء رأى أن الناظر حق والمنظور إليه حق، فإنه يرى ا لله بالله، وأحذر أن تعتقد حلولاً أو ا تحاداً أو سرياناً أو تولداً، تعالى الله عن ذلك كلّه، وأن بريء من ذلك كلّه. وإنما هو كما قال الشيخ الأكبر (رضي الله عنه)

تركنا البحار الزاخرات وراءنا               فمن أين تدري الناس أين توجّهن

وقوله: "المسجد الحرام" هو وإن ورد في المسجد المحسوس فيؤخذ منه أن المسجد هو الحضرة الجامعة لأسماء حضرة الألوهية، فهي محل السجود، سجود القلوب لا سجود الأجسام. قيل لبعضهم: أيسجد القلب؟ قال: ولا يرفع أبداً. (الحرام) عن أن يدخله قلب لم يتجرّد من محيط النفس ونحيط الأكوان، ﴿وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ﴾[البقرة: 2/ 144].أي حيثما كنتم في عاداتكم وعباداتكم شاهدوه في كلّ مأكول و مشروب ومنكوح، على أنه الشاهد و المشهود، كما قال: ﴿وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ﴾[البروج: 85/ 3].

أقسم بالشاهد و المشهود، وما أقسم إلاَّ بنفسه لا بغيره.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



Bazı içeriklerin Arapçadan Yarı Otomatik olarak çevrildiğini lütfen unutmayın!