
فصوص الحكم وخصوص الكلم
للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
مع تعليقات الدكتور أبو العلا عفيفي
![]() |
![]() |
صلى الله عليه وسلم المعنى الذي قُصِدَ به «1» في التحبب إليه ما لم يكن يؤثر حبَّه. فعلمه الله ما لم يكن يعلم وكان فضل الله عليه عظيماً. فغلّب التأنيث على التذكير بقوله ثلاث بغير هَاءٍ. فما أعلَمَه صلى الله عليه وسلم بالحقائق، وما أشد رعايته للحقوق! ثم إنه جعل الخاتمة نظيرة الأولى في التأنيث وأدرج بينهما المذكر «2». فبدأ بالنساء وختم بالصلاة وكلتاهما تأنيث، والطيب بينهما كهو في وجوده، فإن الرجل مدرج بين ذات ظهر عنها وبين امرأة ظهرت عنه، فهو بين مؤنثين: تأنيث ذات وتأنيث حقيقي. كذلك النساء تأنيث حقيقي والصلاة تأنيث غير حقيقي، والطيب مذكر بينهما كآدم بين الذات الموجود عنها «3» وبين حواء الموجودة عنه وإن شئت قلت الصفة فمؤنثة أيضاً، وإن شئت قلت القدرة فمؤنثة أيضاً. فكن على أي مذهب شئت، فإنك لا تجد إلا التأنيث يتقدم حتى عند أصحاب العلة الذين «4» جعلوا الحق علة في وجود العالم. والعلة مؤنثة «14». وأما حكمة الطيب وجعله بعد النساء، فلما في النساء من روائح التكوين، فإنه أطيب الطيب عناق الحبيب. كذا قالوا في المثل السائر. ولما خُلِقَ عبداً بالاصالة لم يرفع رأسه قط إلى السيادة، بل لم يزل ساجداً «5» واقفاً مع كونه منفعلًا حتى كوَّن الله عنه ما كوَّن. فأعطاه رتبة الفاعلية في عالم الأنفاس «15» التي هي الأعراف «6» الطيبة. فحبب إليه الطيب: فلذلك جعله بعد النساء. فراعى الدرجات التي للحق في قوله «7» «رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ» لاستوائه عليه باسمه الرحمن. فلا يبقى فيمن حوى عليه العرش من لا تصيبه الرحمة الإلهية: وهو قوله تعالى «وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ»:
(1) يصح أن يقرأ قصد بالبناء للفاعل أو قصد بالبناء للمفعول. والمراد بقوله «به» أي بالتغليب وبه متعلقة براعي. وضمير إليه عائد على النبي. «ما لم يكن» أي ما دام. والهاء في حبه عائدة إما على المعنى أو على النبي
(2) ب: التذكير
(3) ب: هو عنه
(4) «ا» و«ن»:
الذي
(5) ب: ساجداً خاضعاً. وقوله «مع كونه» أي في حالة كونه
(6) ب: الأعراب
(7) ب: المشار إليها في قوله.
![]() |
![]() |
البحث في نص الكتاب
البحث في فصوص الحكم
Bazı içeriklerin Arapçadan Yarı Otomatik olarak çevrildiğini lütfen unutmayın!