الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
||
الباب: | فى معرفة أسرار وحقائق من منازل مختلفة |
الصفحة 442 - من الجزء الرابع (عرض الصورة)قال لا بد أن يوقفك الحق ويشخص لك أعمالك كلها وهو قد أمرك بالعمل فيرى هل عملت بما أمرك به من الأعمال وقد أمرتك نفسك بعمل وأمرك الخلق بعمل فتأتي ولك ثلاثة أنواع من العمل ترفع إليك خزائنها فما كان لله فهو لله مخلص فيزول إضافته إليك وكذلك ما كان للناس ولا يبقى لك إلا ما كان لك فيقال لك هل خلعت على هذه الأعمال كلها حكم الحق عليها فجريت فيها بحكم الحق حتى تكون مؤمنا أو كنت في وقت عملك تشهد أنك آلة يعمل بها خالقك كل عمل ظهر منك أو ما تعديت بالعمل غير ذات العمل لما أمرك به من أمرك كان من كان فأنت عند ذلك بحسب ما يكون الأمر في نفسه والرسول حاضر معك وكل من أمرك حاضر عند ذلك فإنه في وقت أمره إياك بالعمل قد تعبدك وأنت لمن تعبدك في كل عمل فتكون في الزمن الواحد في أحوال مختلفة فتكون الرائي المحجوب المعذب المنعم كما يجمع الحق بين الأضداد [عمل بعلمه من استغفر في ظلمه]ومن ذلك عمل بعلمه من استغفر في ظلمه استغفر الله من ظلمي ومن زللي *** فإنني منهما والله في خجل إني عجلت إلى ربي لأرضيه *** من قوله خُلِقَ الْإِنْسانُ من عَجَلٍ قال الظالم ظالمان ظالم لنفسه وظالم نفسه فالظالم نفسه طلب منه الاستغفار مع أنه يغفر له وإن لم يستغفر وإنما أمره الحق بالاستغفار ليقيمه إذا جنى ثمرة ذلك في مقام الإذلال لما له في ذلك من الكسب فإن الذي يأخذ من جهة الهبة قصير اليد والذي يأخذ من كسبه طويل اليد فإنه طالب حق ومستحقه فالرجل من أخذ من كسبه في حال ذلة ويده قصيرة ما دام في الحياة الدنيا فإنه لا ينفذ في ظلمة الكسب إلى الوهب إلا بنور ساطع قوي من المعرفة الصحيحة التي لا علة فيها ولا تأثير للاكوان وإن غولط فيتغالط إذا كان أديبا لأنه لا يغالط إلا والموطن يعطيه فيجري مع الحق فيما أجراه فيه والحق يعلم ما هو فيه [ما أحاط من شاهد البساط]ومن ذلك ما أحاط من شاهد البساط كل من يشاهد البساط تراه *** ذا ضلال وحيرة في البساط فإذا ما سألته قال صدقا *** إنما كان ذلكم في انبساطي قال أهل البساط لا يتعدى طرفهم من هم في بساطه غير إن البسط كثيرة بساط عمل وبساط علم وبساط تجل وبساط مراقبة فإن كنت في العمل فما وإن كنت في العلم فيمن وإن كنت في التجلي فمن وإن كنت في المراقبة فلمن وهكذا في كل بساط يكون فيقال لك في العمل ما قصدت وفي العلم من هو معلومك وفي التجلي من تراه وفي المراقبة لمن راقبت فأنت بحسب جوابك عن هذه الأسئلة فأنت محصور بالخطاب محصور بالجواب فما تشاهد سوى الحال الخاص بك ما دمت في البساط فإن أجبت بما يقتضيه الحال كنت حكيما حكما وإن أجبت بالحق لا بك فكنت على قدر اعتقادك في الحق ما هو وإن أجبت بنفسك أجبت إجابة عبد والمراتب متفاضلة [علم الاختصاص بالختم الخاص]ومن ذلك علم الاختصاص بالختم الخاص إني من أصل أجواد خضارمة *** من البهاليل أهل الجود والرفد ما منهم أحد يسعى لمفسدة *** ولا يرى جوده يجري إلى أمد قال الختم الخاص هو المحمدي ختم الله به ولاية الأولياء المحمديين أي الذين ورثوا محمدا صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم وعلامته في نفسه أن يعلم قدر ما ورث كل ولي محمدي من محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فيكون هو الجامع علم كل ولي محمدي لله تعالى وإذا لم يعلم هذا فليس بختم أ لا ترى إلى النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لما ختم به النبيين أوتي جوامع الكلم واندرجت الشرائع كلها في شرعه اندراج أنوار الكواكب في نور الشمس فيعلم قطعا إن الكواكب قد ألقت شعاعاتها على الأرض وتمنع الشمس أن تميز ذلك فتجعل النور للشمس خاصة [المدى الشاسع مانع]ومن ذلك المدى الشاسع مانع إذا بلغ المدى الشاسع *** رجال ما لهم مانع تراهم في محاربهم *** عبيدا حاله جامع لما يلقاه من أ لم *** البعد عنهم قاطع قال لما خلق الله الإنسان عجولا وخلق فيه الطلب ولم يحصل له مطلوبه في أول قدم بعد عليه المدى لعجلته فيقف مع طول |
|
||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |