اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[إن النور يدرك ويدرك به]
اعلم علمك الله ما يبقيك وجعلك ممن ينقيك إن النور يدرك ويدرك به والظلمة تدرك ولا يدرك بها وقد يعظم النور بحيث أن يدرك ولا يدرك به ويلطف بحيث أن لا يدرك ويدرك به ولا يكون إدراك إلا بنور في المدرك لا بد من ذلك عقلا وحسا
سئل صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم هل رأيت ربك فقال نوراني أراه
فنبه بهذا القول على غاية القرب فإنه أقرب إلى الإنسان من حبل وريده ونَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ ولكِنْ لا تُبْصِرُونَ يقول الله ذلك في المحتضر فالحق هو النور المحض والمحال هو الظلمة المحضة فالظلمة لا تنقلب نورا أبدا والنور لا ينقلب ظلمة أبدا والخلق بين النور والظلمة برزخ لا يتصف بالظلمة لذاته ولا بالنور لذاته وهو البرزخ والوسط الذي له من طرفيه حكم ولهذا جعل للإنسان عينين وهداه النجدين لكونه بين طريقتين فبالعين الواحدة من الطريق الواحدة يقبل النور وينظر إليه بقدر استعداده وبالعين الأخرى من الطريق الأخرى ينظر إلى الظلمة ويقبل عليها وهو في نفسه لا نور ولا ظلمة فلا هو موجود ولا هو معدوم وهو المانع القوي الذي يمنع النور المحض أن ينفر الظلمة ويمنع الظلمة المحضة أن تذهب بالنور المحض فيتلقى الطرفين