اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[أن التسخير قد يكون إذلالا وقد يكون للقيام بما يحتاج إليه ذلك المسخر له بالحال]
فاعلم أن التسخير قد يكون إذلالا وقد يكون للقيام بما يحتاج إليه ذلك المسخر له بالحال وهذا الفرقان بين التسخيرين بما تعطيه حقيقة المسخر والمسخر له فالعبد الذي هو الإنسان مسخر لفرسه ودابته فينظر منها في سقيها وعلفها وتفقد أحوالها مما فيه صلاحها وصحتها وحياتها وهي مسخرة له بطريق الإذلال لحمل أثقاله وركوبه واستخدامه إياها في مصالحه وهكذا في النوع الإنساني برفع الدرجات بينهم فبالدرجة يسخر بعضهم بعضا فتقتضي درجة الملك أن يسخر رعيته فيما يريده بطريق الإذلال للقيام بمصالحه لافتقاره إلى ذلك وتقتضي درجة الرعايا والسوقة أن تسخر الملك في حفظها والذب عنها وقتال عدوها والحكم فيما يقع بينها من المخاصمات وطلب الحقوق فهذه سخرية قيام لا سخرية إذلال اقتضتها درجة السوقة ودرجة الملك والمذل من الأسماء هو الحاكم في الطرفين ثم يأتي الكشف في هذه المسألة بأمر عجيب ينطق به القرآن ويشهده العيان فقال وهُوَ الله في السَّماواتِ وفي الْأَرْضِ وقال وسَخَّرَ لَكُمْ ما في السَّماواتِ وما في الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ وقال لقمان لابنه يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ من خَرْدَلٍ فَتَكُنْ في صَخْرَةٍ أَوْ ف