الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


انتشار ولد إسماعيل وعبادتهم الحجارة

روينا من حديث أبي الوليد، عن جده، عن أبي سالم، عن ابن إسحاق أن بني إسماعيل وجرهم من ساكني مكة ضاقت عليهم مكة، فتفسحوا في البلاد، والتمسوا المعاش، فيزعمون أن أول ما كانت عبادة الحجارة في بني إسماعيل، أنه كان لا يظعن من

مكة ظاعن منهم إلا احتملوا معهم من حجارة الحرم، تعظيما للحرم، وصيانة بمكة و بالكعبة. حيثما حلوا وضعوه، فطافوا به كالطواف، حتى سلخ ذلك بهم إلى أن كانو يعبدون ما استحسنوا من الحجارة. وأعجبهم من حجارة الحرم خاصة حتى خلفت الخلوف بعد الخلوف، ونسوا ما كانوا عليه، واستبدلوا بدين إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام غيره. فعبدوا الأوثان، وصاروا إلى ما كانت عليه الأمم من قبلهم من الضلالة، و انتحوا ما كان يعبد قوم نوح منها، على أثر ما كان بقي فيهم من ذكرها وفيهم على ذلك بقايا من عهد إبراهيم وإسماعيل، يتمسكون بها من تعظيم البيت، والطواف به، و الحج، والعمرة، والوقوف على عرفة والمزدلفة، وهدى البدن، والإهلال بالحج و العمرة، مع إدخالهم فيه ما ليس منه.

ومن منظومات الشبلي في يوم عيد، ما رويناه من حديث ابن باكويه قال: أنشدني أبو عمرة الحسن الحنظلي قال: سمعت الشبلي ينشد يوم العيد:

ليس عيد المحب قصد المصلى وانتظار الجيوش والسلطان

إنما العيد أن تكون لذي الحب كريما مقرّبا في الأمان

وله في ذلك:

عيدي مقيم وعيد الناس منصرف والقلب مني عن اللذات منحرف

ولي قرينان ما لي منهما خلف طول الحميم وعيني دمعها يكفّ

وله في ذلك:

إذا م كنت لي عيدا فما أصنع بالعيد

جرى حبّك في قلبي كجري الماء في العود

وحدثنا يونس بن يحيى قال: انا ابن منصور، عن الحميدي، عن أبي بكر الأردستاني، عن السلمي قال: سمعت عبد الله بن محمد الدمشقي يقول: سمعت الشبلي ينشد يوم عيد، ول أدري لنفسه أم لغيره:

الناس في العيد قد سرّوا وقد فرحوا وما سررت به والواحد الصمد

لما تيقنت أنّي لا أعاينكم غمّضت طرفي فلم أنظر إلى أحد

وحدثنا عبد الرحمن بن محمد بن عبد الباقي، نبأ هنّا قال: سمعت محمد بن القاسم يقول: كان الشبلي ينوح يوم العيد ويصيح، وعليه ثياب سود وزرق، فاجتمع الناس إليه، فسألوه عن حاله فقال:

تزين الناس يوم العيد للعيد وقد لبست ثياب الزرق والسود

و أصبح الكل مسرورا بعيدهم ورحت فيكم على نوح وتعديد

والناس في فرح والقلب في ترح شتّان بيني وبين الناس في العيد

وحدثنا يونس بن يحيى قال: انا ابن ناصر، حدثنا أبو الثناء محمود بن أبي المظفّر قال: حدثنا ابن خميس قال: انا الحميدي قال: انا أبو بكر الأردستاني قال: ان السلمي قال: سمعت عبد الله بن إبراهيم بن العلاء يقول: قال رجل لأبي علي الروذبادي: غدا العيد، فغيّر من زينتك، فأنشد يقول:

قالو غدا العيد ما أنت لابسه فقلت خلعة ساق حبّه جزعا

فقر وضرّهما ثوبان تحتهما قلب يرى إلفه الأعياد والجمع

أحرى الملابس أن تلقى الحبيب بها يوم التزاور في الثوب الذي خلع

الدهر لي مأثم إن غبت يا أملي والعيد ما كنت لي مرأى ومستمع


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!