الفتوحات المكية

الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر

وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[الباب التاسع والأربعون) في معرفة قوله صلى اللّٰه عليه وسلم إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن]

(و قال) في الباب التاسع والأربعين: اعلم أن السبب الموجب لتكبر الثقلين دون غيرهما من سائر المخلوقات أن المتوجه على إيجادهم أسماء اللطف والحنان والرأفة والرحمة والتنزل الإلهي فعند ما خرجوا لم يروا عظمة ولا غزا ولا كبرياء إلا في نفوسهم فلذلك تكبروا وأما غيرهم من الخلق فكان المتوجه على إيجادهم من الأسماء الإلهية أسماء الجبروت والكبرياء والعظمة والقهر، فلذلك خرجوا أذلاء تحت القهر الإلهي فلم يمكن لهم أن يعرفوا الكبرياء طعما وأطال في ذلك. وقال فيه: إنما جاءت بسم اللّه الرحمن الرحيم أول كل سورة لأن السور تحتوي على أمور مخوفة تتطلب أسماء العظمة والاقتدار فلذلك قدم أسماء الرحمة تأنيسا وبشرى للمؤمنين ولهذا قالوا في سورة التوبة إنها والأنفال سورة واحدة ومن قال: إن كل واحدة سورة مستقلة تحتاج إلى بسملة قال: إن بسملة سورة النمل مكانها حتى لا ينقص القرآن عن مائة وأربع عشرة بسملة ولذلك جاءت بسملة النمل محذوفة الألف كما جاءت في أوائل

 62 السورة ليعلم أن المقصود بها أوائل السور بدليل أنهم لم يعملوا بذلك في: بِسْمِ اَللّٰهِ مَجْرٰاهٰا ومُرْسٰاهٰا [هود: 41] واِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [العلق: 1] .

(قلت) : وقد ذكر الشيخ أيضا في الباب الحادي والثلثمائة ما نصه الأوجه عندي أن سورة الأنفال وبراءة سورة واحدة ولذلك تركت البسملة بينهما وإن كان لتركها وجه هو عدم المناسبة بين الرحمة والتبري ولكن ما لهذا الوجه تلك القوة بل هو وجه ضعيف وذلك أن البسملة موجودة في كل سورة أولها: وَيْلٌ وأين الرحمة من الويل انتهى وذكر أيضا في الباب السابع والعشرين وثلثمائة ما نصّه أخبرني الوارد والشاهد يشهد له بصدقه مني بعد أن جعلني في ذلك على بينة من ربي أن اختصاص البسملة في أول كل صورة إنما هو تتويج الرحمة الإلهية في منشور تلك السورة وأن الرحمة تنال كل مذكور فيها من المسلمين فإنها علامة اللّه على كل سورة أنها منه كعلامة السلطان على مناشيره والحكم للتتويج فإن به يقع القبول، وبه يعلم أنه من عند اللّه هذا أخبار الوارد لنا ونحن نشهد ونسمع ونعقل وللّه الحمد لكن في حجاب عن شهود المحل الذي نزلت منه الشرائع ليفرق بين مقام الولاية ومقام الرسالة فافهم (و ذكر) أيضا في الباب الثامن والثلاثين وثلثمائة ما نصه: أعلم أن اللّه تعالى جعل البسملة أول كل سورة من القرآن حاكمة على كل وعيد فيها لأحد من المسلمين فمال كل موحد إلى الرحمة لأجل بسم اللّه الرحمن الرحيم فهي بشرى عظيمة لزوال كل صفة توجب الشقاء على أحد من عصاة الموحدين، وأما سورة التوبة عند من لم يجعلها من سورة الأنفال فيجعل لها اسم التوبة وهي الرجعة الإلهية على العباد بالرحمة، والعطف فقام اسم التوبة مقام البسملة فإن الرجعة على عباده تعالى لا تكون إلا بالرحمة واللّه أعلم.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!