الفتوحات المكية

الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر

وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[الباب التاسع عشر وأربعمائة في معرفة منازلة الصكوك وهي المناشير والتوقيعات الإلهية]

و قال في الباب التاسع عشر وأربعمائة في قوله صلى اللّه عليه وسلم: «من رآني في المنام فقد رآني حقا فإن الشيطان لا يتمثل بي» : اعلم أن من التوفيقات الإلهية المبشرات وهي الرؤيا الصالحة يراها المسلم وترى له، قال: وله العمل بما فيها من الحكم في حق نفسه فقط بشرط أن يرى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، على الصورة المجسدة التي كان عليها في دار الدنيا كما نقل إليه من الوجه الذي صح عنده حتى أنه يرى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، مكسور الثنية العليا فإن لم يره بهذه العلامة فما هو ذاك وإن تحقق أنه رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، في رؤيا لكن رآه شخص وشابا مغايرا للصورة التي كان عليها في الدنيا، ومات عليه ورآه في حسن أزيد مما وصف له وفي أقبح صورة ووقع منه سوء أدب مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فذلك راجع إلى الرائي، لا إليه صلى اللّه عليه وسلم، فلا يجوز له الحكم بصحة ما رآه ولا يجوز له العمل بما أخبره به لا سيما إن خالف نصا صريحا في الشريعة واقتضى نسخ حكم ثابت ونحو ذلك. قال: وقد رأينا على الصورة التي كان عليها وسألناه عن عدة أحاديث قيل بضعفها فأخبرنا صلى اللّه عليه وسلم، بصحتها فعلمنا بها وقد ذكر الإمام مسلم في صدر كتابه عن شخص أنه رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، في المنام فعرض عليه ألف حديث كان في ذهنه أنها صحيحة فأثبت له صلى اللّه عليه وسلم، من الألف ستة أحاديث وأنكر صلى اللّه عليه وسلم، ما بقي فعلم أن من رآه صلى اللّه عليه وسلم، في المنام فقد رآه في اليقظة ما لم تتغير عليه الصورة فإن الشيطان لا يتمثل على صورته أصلا، فهو معصوم الصورة حيا وميتا فمن رآه فقد رآه في أي صورة لكن منها ما هو أوضح وقد تقدم الكلام على الرؤيا في الباب الثامن والثمانين ومائة فراجعه.

(قلت) : وكان شيخنا سيدي محمد المغربي الشاذلي رحمه اللّه يقول في رؤية للنبي صلى اللّه عليه وسلم، يقظة كما يقول به بعضهم: المراد باليقظة هنا يقظة القلب لا يقظة الحواس الجسمانية وذلك لأن من بالغ في كمال الاستعداد والتقرب صار محبوبا للحق وإذا أحبه كان نومه من كثرة اليقظة القلبية كحالة اليقظة لغيره قال: وحينئذ فما رآه صلى اللّه عليه وسلم، إلا بروحه المتشكلة بشكل الأشباح من غير انتقال ذاته الشريفة ومجيئها من البرزخ إلى مكان هذا الرائي لكرامتها وتنزيهها عن كلفة المجيء والرواح هذا هو الحق الصراح انتهى. واللّه أعلم.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!