الفتوحات المكية

الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر

وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[الباب السادس عشر وأربعمائة في معرفة منازلة عين القلب]

وقال في الباب السادس عشر وأربعمائة: اعلم أن كل من تكلف دليلا على كون الصفات الإلهية عين وغيرا فدليله مدخول هكذا كان شيخنا أبو عبد اللّه الكناني إمام المتكلمين بالمغرب يقول: [الباب السابع عشر وأربعمائة في معرفة منازلة من أَجْرُهُ عَلَى اَللّٰهِ]

و قال في الباب السابع عشر وأربعمائة في قوله تعالى في نوح عليه السلام: إِنْ أَجْرِيَ إِلاّٰ عَلَى اَللّٰهِ [يونس: 72] إنما كان أجرهم على اللّه لأنه تعالى هو الذي استخدمهم في التبليغ، وأطال في ذلك ثم قال: ولا يخفى أن أجر كل نبي في التبليغ يكون على قدر ما ناله من المشقة الحاصلة من المخالفين له وعلى قدر ما يقاسيه منهم ولا يعلم ذلك إلا اللّه، فصح طلب الأجر المجهول عند الرسول من اللّه لأن اللّه تعالى يعلمه بخلاف طلب الأجر المجهول من الخلق لا بد من تقديره قبل الطلب.

قال: فكل من يرد رسالة نبي ولم يؤمن بها أصلا فإن لذلك النبي أجر المصيبة وللمصاب أجر على اللّه بعدد من رد رسالته من أمته بلغوا ما بلغوا، فله أجر الهداية وأجر المصيبة وعلى هذا فلا يكون أحد أكثر أجرا من نبينا محمد صلى اللّه عليه وسلم، فإنه لم يتفق لنبي من الأنبياء ما اتفق له صلى اللّه عليه وسلم، في كثرة طائعي أمته إجابته ولا في كثرة عصاة أمته دعوته خارجين عن الإجابة وأطال في ذلك، قال: وفي قوله تعالى: فَمَنْ عَفٰا وأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اَللّٰهِ [الشورى: 40] . المراد بالإصلاح هنا أن يحسن إلى من كان أساء عليه زيادة على العفو عنه ولو علم الناس قدر أجرهم عند اللّه إذا عفوا ما جازى أحد أحدا بإساءة وما كان في العالم إلا عفوا مصلحا ولكن الحجب التي على أعين بصائر غالب الناس كثيفة وليست سوى الأغراض واستعجال التشفي والمؤاخذة، ومن أحسن إلى من أساء إليه فقد أزال ما قام به من الموجب للإساءة ولا شك أن ذلك محبوب واللّه يحب المحسنين ولو لم يكن في إحسانه المعبر عنه بإصلاح سوى حصول حب اللّه له الذي لا يعدله شيء لكان فيه كفاية في الترغيب فيه لكنه شديد ما كل أحد يقدر على فعله كما أشار إليه قوله تعالى: ومٰا يُلَقّٰاهٰا إِلاَّ اَلَّذِينَ صَبَرُوا [فصلت: 35] . أي: حبسوا نفوسهم عن مجازاة المسيء بإساءته إساءة وأطال في ذلك ثم قال: واعلم أن الملائكة الكتاب لا يكتبون على العبد من أفعال السوء إلا ما يتكلم به وهو قوله تعالى: مٰا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاّٰ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ( 18 ) [ق: 18] . وهو الكاتب فهم وإن كانوا يعلمون ما يفعلون لا يكتبونه.

(قلت) : يرد على كلامه رضي اللّه تعالى عنه، قوله تعالى: إِنّٰا كُنّٰا نَسْتَنْسِخُ مٰا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [الجاثية: 29] . إلا أن يكون الشيخ حمل الاستنساخ على خلاف الكتابة واللّه أعلم.

انتهى فليتأمل ويحرر.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!