الفتوحات المكية

الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر

وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[الباب الأحد والثمانون وثلاثمائة» في معرفة منزل التوحيد والجمع]

و قال في الباب الأحد والثمانين وثلاثمائة: إنما كان أكابر الرجال لا مقام لهم معروف لأن مشهودهم الحق تعالى ومن كان كذلك فلا غاية لمشهوده ولا لشهوده بخلاف أصحاب المقامات من الصوفية فإن هممهم منحصرة إلى غايات ونهايات فكلما وصلوا إلى تلك الغايات تجددت لهم في قلوبهم غايات أخر تكون تلك الغايات التي وصلوا إليها بدايات لهذه الغايات الأخر فتحكم عليهم الغايات بالطلب لها، ولا يزال هذا الأمر لهم دائما بخلاف الكمل من الرجال وقال فيه: اعلم أن للخيال سلطانا عظيما على الطبيعة حتى إنه يجسد ما ليس من شأنه التجسد فيريك الإسلام قبة والقرآن سمنا وعسلا والقيد ثباتا في الدين، قال: ومن أراد نجابة ولده فليقم في نفسه عند الجماع صورة من شاء من أكابر العلماء وإن أراد أن يحكم ذلك فليجامع وهو ينظر ذلك العالم مثلا من وراء حجاب ويتأمل في جماله ويذكر ذلك الجمال أيضا لامرأته ويستفرغان في النظر إلى حسنه فإنه إن وقع للمرأة حمل من ذلك الجماع أثر في ذلك الحمل ما تخيلاه بقدرة اللّه تعالى فيخرج المولود بتلك المنزلة ولا بد فإن لم يخرج كذلك فإنما هو لأمر طرأ في نفس الوالدين عند نزول النطفة في الرحم أخرجهما ذلك الأمر عن مشاهدة تلك الصورة في الخيال من حيث لا يشعران قال: ويعبر عما ذكرناه عند العامة بالتوحم وقد يقع بالاتفاق عند الوقاع في نفس أحد الزوجين صورة كلب وأسد وحيوان ما فيخرج الولد من ذلك الوقاع في أخلاقه على صورة ما تخيلاه حسنا وقبحا وأطال في ذلك ثم قال: وتأمل كيف أثر الخيال في زكريا حين دخل على مريم المحراب ورآها بتولا يعني: منقطعة عن الرجال فطلب من عند اللّه أن يهبه ولدا من لدنه وليا أي: من عندية اللّه من حيث الرحمة واللين والعطف، وكانت مريم في خياله من حيث مرتبتها فجاء يحيى على صورتها حصورا أي: منقطعا عن مباشرة النساء وهو العنين عندنا كما كانت مريم منقطعة عن مباشرة الرجال قال: واسمها حنة ومريم لقب لها.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!