الفتوحات المكية

الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر

وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[الباب السادس والستون وثلاثمائة في معرفة منزل وزراء المهدي الظاهر في آخر الزمان الذي بشر به رسول اللّٰه ص وهو من أهل البيت]

و قال في الباب السادس والستين وثلاثمائة، جملة الأمور التي ينفذ فيها حكم الحاكم ثلاثة: الدماء والأعراض والأموال، لا غير. وقال فيه في قوله تعالى: وغَضِبَ اَللّٰهُ عَلَيْهِمْ [الفتح: 6] .

الآية. اعلم أن غضب اللّه تعالى في الدنيا على عباده هو ما أمر بإقامته عليهم من الحدود والتعزيرات، وأما غضبه في الآخرة فهو ما يقيمه من الحدود على من استوجب النار، وهو تطهير إلا في حق الكفار فافهم. وقال: إنما نهى الحاكم عن الحكم حالة الغضب لأنه ربما خلط مع إقامة الحدود التشفي من المحدود لحظ نفسه فيحرم الأجر من تلك الحيثية لأن الأمر لا يحتمل الشركة، وعلامة الصادق في أنه خلص من حظ نفسه أن يزول الغضب منه على ذلك الشخص عند الفراغ من إقامة الحد حتى ربما قام إليه، وعانقه وآنسه، وأظهر له السرور والبشاش من حيث أن اللّه تعالى طهره قال تعالى: ونَبْلُوَا أَخْبٰارَكُمْ [محمد: 31] . فاللّه تعالى يبتلي عباده بما كلفهم به فإذا عملوا ذلك ابتلى أعمالهم هل عملوها بخطاب الحق أم عملوها لغير ذلك، وهو قوله تعالى: يَوْمَ تُبْلَى اَلسَّرٰائِرُ ( 9 ) [الطارق: 9] . وأطال في ذلك ثم قال: وإن كان ولا بد للحاكم من الفرح بإقامة الحد على المحدود فليكن ذلك لما أسقطه ذلك الحد من المطالبة في الآخرة. قال: وليس عندنا في مسائل الأحكام المشروعة أصعب من الزنى خاصة فإنه ولو أقيم عليه الحد فإنه يبقى عليه بعد إقامته مطالبات من مظالم العباد انتهى. فليتأمل، ويحرر. وقال: من أراد الأجر التام فلا يقدم شيئا على تلاوة القرآن لأجل سماع الملائكة السياحين فإنهم لا يقدمون شيئا على سماع القرآن لأنه أشرف أرزاقهم وأعلاها، ومن لم يتيسر له تلاوة القرآن فليجلس لبث العلم لأجل الأرواح الذين غذاؤهم العلم لكن لا يتعدى علوم القرآن. قال: واعلم أن جميع ما أتكلم به في مجالسي وتصانيفي إنما هو من حضرة القرآن وخزائنه فإني أعطيت مفاتيح الفهم فيه والإمداد منه وذلك كله حتى لا أخرج عن مجالسة الحق تعالى. وقال في قوله صلى اللّه عليه وسلم: «و اللّه في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» اعلم أن حركات جميع الأئمة العادلة لا تكون قط إلا في حق الغير لا في حق نفوسهم بالأصالة فإذا رأيتم  السلطان قد اشتغل عن مصالح رعيته وما يحتاجون إليه فاعلموا أنه قد عزلته المرتبة بهذا الفعل ولا فرق حينئذ بينه وبين العامة، وتأملوا قصة موسى لما خرج لحاجة أهله كلمه اللّه في عين حاجته وهي النار وكذلك الخضر بعثه أمير الجيش الذي كان فيه يرتاد له ماء وكانوا قد فقدوا الماء فوقع بعين الحياة فشرب منها فعاش إلى الآن وهو لا يعرف ما خص اللّه به شارب ذلك الماء من الحياة فهذا مما أنتجه سعيه في حق الغير قال: ولقد لقيت الخضر باشبيلية، وأفادني التسليم لمقالات الشيوخ وأن لا أنازعهم وإن كانوا مخطئين في نفس الأمر وقال في قوله تعالى: يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا [النساء: 136 ] . مراده بهؤلاء الذين أيه بهم باسم الإيمان هم الذين آمنوا بالباطل، وكفروا باللّه كما قال تعالى: وإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا [غافر: 12] . فسمي المشرك مؤمنا وأطال في ذلك واللّه أعلم،


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!