الفتوحات المكية

الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر

وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[الباب الرابع والعشرون وثلاثمائة في معرفة منزل جمع النساء الرجال في بعض المواطن الإلهية وهو من الحضرة العاصمية]

و قال في الباب الرابع والعشرين وثلاثمائة في قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» ، اعلم أن المرأة تلحق الرجال في الأبوة وتلحقهم أيضا في بعض المواضع فتقوم المرأة مقام الرجلين ويقطع الحكم بشهادتها كما يقطع بشهادة الرجلين وذلك في قبول الحاكم قولها في حيض العدة وقبول الزوج قولها في أن هذا ولده مع الاحتمال المتطرق إلى ذلك وقبول قولها بأنها حائض فقد تنزلت ههنا منزلة شاهدين عدلين كما تنزل الرجل في شهادة الدين منزلة امرأتين فتداخلا في الحكم فهذه تولية لها من اللّه وأما الحديث فإنما هو في تولية الناس قال: ولو ولم يكن للنساء من الشرف إلا قوله صلى اللّه عليه وسلم: «النساء شقائق الرجال» لكان فيه غنية فإن فيه إشارة إلى أن كل ما يناله الرجل من المقامات والمراتب يمكن أن يكون لمن شاء اللّه من النساء ألا تنظر إلى حكمة اللّه تعالى فيما زاد للمرأة على الرجل في الاسم فقال في الرجل: المرء، وقال في الأنثى: المرأة فزادها هاء في الوقف وتاء في الوصل على اسم المرء للرجل فلها على الرجل درجة في هذا المقام ليس للمرء في مقابلة قوله: وللرجال عليهن درجة فسد تلك الثلمة بهذه الزيادة في المرأة وأطال في ذلك قال: ولو لم يكن في شرف التأنيث إلا إطلاق لفظ الذات على اللّه وإطلاق الصفة وكلاهما لفظ تأنيث لكان فيه كفاية فإن في ذلك جبرا لقلب المرأة الذي يكسره من لا علم له من الرجال بما هو الأمر.

(قلت) : ذكر الشيخ في الباب الخامس والأربعين وثلاثمائة ما نصه إنما قال تعالى: 375 ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ( 4 ) [الإخلاص: 4] . نفيا للصاحبة لأن المراد بالكفء هنا الصاحبة لأجل من قال: إن المسيح ابن اللّه والعزير ابن اللّه فإن الكفاءة هي المثل والمرأة لا تماثل الرجل أبدا فإن اللّه يقول: ولِلرِّجٰالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة: 228] . فليست له بكفء فإن المنفعل ما هو كفؤ لفاعله والعالم كله منفعل عن إرادة اللّه فما هو كفؤ للّه وحواء منفعلة عن آدم فله عليها درجة الفاعلية فليست له بكفء من هذا الوجه ولما قال تعالى: ولِلرِّجٰالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ . لم يجعل عيسى عليه السلام منفعلا عن مريم حتى لا يكون الرجل منفعلا عن المرأة كما كانت حواء عن آدم فتمثل لها الملك بشرا سويا، وقال: أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاٰماً زَكِيًّا [مريم: 19] فوهبها عيسى عليه السلام، فكان انفعال عيسى عن الملك المتمثل في صورة الرجل ولذلك خرج على صورة أبيه ذكرا بشرا حيث تمثله بشرا روحا فجمع بين الصورتين فكان روحا من حيث عينه بشرا من حيث تمثله في صورة البشر واللّه أعلم. فليتأمل ذلك مع ما هنا.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!