الفتوحات المكية

الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر

وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[الباب الموفي عشرين وثلاثمائة في معرفة منزل تسبيح القبضتين وتمييزهما]

و قال في الباب العشرين وثلاثمائة في قوله تعالى: إِنَّ اَلسَّمْعَ واَلْبَصَرَ واَلْفُؤٰادَ كُلُّ أُولٰئِكَ كٰانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً [الإسراء: 36] . اعلم أن اسم كان هنا هو النفس فيسأل النفس عن سمعه، وبصره، وفؤاده فيقال له: ما فعلت برعيتك كما يسأل الوالي الجائر إذا أخذه الملك وعذبه عند استغاثة رعيته منه، وقال في قوله تعالى: فَلاٰ يُظْهِرُ عَلىٰ غَيْبِهِ أَحَداً إِلاّٰ مَنِ اِرْتَضىٰ مِنْ رَسُولٍ [الجن: 26 - 27] المراد بهذا الغيب الذي يطلع عليه رسوله هو علم التكليف الذي غاب عنه العباد ولم تشتغل عقولهم بدركه ولهذا جعل الملائكة له رصدا حذرا من الشياطين أن تلقي إليه ما رصدا يعمل به في نفسه من التكليف الذي جعله اللّه تعالى سعادة للعباد من أمر ونهي فهذا الغيب هو علم الرسالة ولهذا قال: لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسٰالاٰتِ رَبِّهِمْ [الجن: 28] . فأضاف الرسالة إلى قوله: ربهم لما علموا أن الشياطين لم تلق إليهم أعني الرسل شيئا فيتيقنون أن تلك الرسالة من اللّه تعالى لا من غيره ثم هل هذا القدر الذي يطلع عليه من ارتضاه من رسول هل هو بإعلام الملك له وهو بلا واسطة؟ ملك الظاهر الثاني وتكون الملائكة تحف أنوارها برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، كالهالة حول القمر والشياطين من ورائها لا تجد سبيلا إلى هذا الرسول حتى يظهر اللّه له ما شاء من علم التكليف الذي خفي عنه، وعن العباد علمه. قال: وليس في كتابنا هذا ولا غيره أصعب من تصور الغيب الذي انفرد به الحق ويسمى الغيب المحالي وذلك لأنه لا يظهر عنه شيء أبدا يتصف بالشهادة وقت وحالا ما فهو غيب بين عالم الشهادة وعالم الغيب لا يتخلص لأحد الجانبين وقد حارت الخلائق في هذا الغيب فإنه ما هو محال فيكون عدما محضا ولا هو واجب الوجود فيكون وجودا محضا ولا هو ممكن يستوي طرفاه ولا هو غير معلوم بل هو معقول فلا يعرف له حد فهذا هو الغيب الذي انفرد به الحق حيث قال: عٰالِمُ اَلْغَيْبِ [الأنعام: 73]


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!