الفتوحات المكية

الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر

وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[الباب الأحد والثمانون ومائتان في معرفة منزل الضم وإقامة الواحد مقام الجماعة من الحضرة المحمدية]

و قال في الباب الأحد والثمانين ومائتين في قوله صلى اللّه عليه وسلم: «من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله» أي: فقد أهله وماله. اعلم أن سبب تخصيص صلاة العصر بالتشبيه المذكور دون غيرها من الصلوات أن سائر أوقات الصلوات محدودة إلا العصر فهي غير محدودة، وإن قاربت الحد فإن المغرب محدودة بغروب الشمس وهو محقق محسوس والعشاء محدودة أولها بمغيب الشفق من أولها وهو محقق محسوس أي: شفق كان على الخلاف في ذلك والفجر محدود أوله بالبياض المعترض في الأفق المستطيل وهو محقق محسوس والظهر محدود بزوال الشمس والظل ظهور وهو محقق محسوس ولم يأت مثل هذه الحدود في العصر فتنزهت عن الحدود المحققة لأنه صلى اللّه عليه وسلم، قد جعل وقتها أن تكون الشمس مرتفعة بيضاء نقية فليس حدها ظاهرا مثل حد غيرها وأما جعل ظل الشاخص طوله غير ظل الزوال فليس ذلك في كل زمان فلم يتعلق الحد على التحقيق بها كتعلقه بسائر أخواتها فلذلك عظمها النبي صلى اللّه عليه وسلم، للمناسبة التي فيها الصفات الحق من حيث نفي الحدود، وقد أنشد: صلاة العصر ليس لها شبيه لنظم الشمل فيها بالحبيب
أي: لأن العصر حقيقة ضم شيء إلى آخر لاستخراج مطلوب ما هو هنا ضم ذات عبد مطلق في عبودية لا يشوبها ربوبية بوجه من الوجوه إلى ذات حق مطلق لا يشوبها عبودية أصلا بوجه من الأسماء التي تطلب الكون كالرحيم، والغفار ونحوهما، فلما تقابلت الذاتان بمثل هذه المقابلة كان المعتصر عين الكمال لكل ذات بما يليق بها قال: وهذا هو المطلوب الذي له وجد العصر وقد ألقيت بك على مدرجة الكمال انتهى. وهو كلام نفيس. وقال فيه: لا حرج على العبد المريض في شكواه لأخيه ما به من المرض كما يستعين بأخيه وإذا تفرد الإنسان بهمه عظم عليه وإذا وجد من يقاسمه فيه ولو بالتوجع خف عليه التألم واستراح


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!