الفتوحات المكية

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى الحج وأسراره
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 742 - من الجزء الأول (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

تعالى فَلا ورَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا في أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ ويُسَلِّمُوا تَسْلِيماً

[لا أغير من الله‏]

وإنما ضربنا المثل في هذا المساق بتعيين هذا الخبر في النساء لأنا في مسألة المرأة إنها لا تستر وجهها في الإحرام والغيرة يعطي حكمها الستر وقد ثبت في الصحيح أنه لا أغير من الله يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في سعد إن سعد الغيور وأنا أغير من سعد والله أغير مني ومن غيرته حرم الفواحش‏

وما زاد على غيرة الله فهو في نفسه وعند نفسه أغير من الله وإن ذلك الأمر الذي هو عند الله ليس بفاحشة إذ لو كان عند الله فاحشة لحرمها فإن الله حرم الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وما بَطَنَ فعم الحكم فهذا شخص قد جعل فاحشة ما ليس عند الله فاحشة وأكذب الله فيما قال وجعل بغيرته التي يجدها أنه أحكم من الله في نصب هذا الحكم فلا يزال من هو بهذه المثابة معذبا في نفسه فما أحسن قوله ثُمَّ لا يَجِدُوا في أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ ويُسَلِّمُوا تَسْلِيماً

[الحكم الإلهي المنزل ابتداء والحكم الإلهي المطلوب لبعض عباد الله‏]

فلو عرض الإنسان نفسه وأدخلها في هذا الميزان لرأى نفسه كافرة بعيدة من الايمان فإن الله نفى الايمان عمن هذه صفته وأقسم بنفسه عليه إنه ليس بمؤمن فهو حكم إلهي بقسم تأكيدا له فقال فَلا ورَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ فلو كان الستر لها أصلا لما قيل لها في الإحرام لا تستري وجهك أ لا ترى آية الحجاب ما نزلت ابتداء وإنما نزلت باستدعاء بعض المخلوقين هي وغيرها وكثير من أحكام الشرع نزلت بأسباب كونية لو لا تلك الأسباب ما أنزل الله فيها ما أنزل ولذلك يفرق أهل الله بين الحكم الإلهي ابتداء وبين الحكم الإلهي إذا كان مطلوبا لبعض عباد الله فيكون ذلك الطلب سببا لنزول ذلك الحكم فكان الحق مكلف في تنزيله إذ لو لا هذا ما أنزله بخلاف ما أنزله ابتداء فالمحقق يأخذ الحكم الإلهي المنزل ابتداء بغير الوجه الذي يأخذ به الحكم الإلهي الذي لم ينزل ابتداء فلا يغرنك أيها السائل كون الحق أنزل الأشياء بحكم سؤالات السائلين فبادر إلى قبول حكمه أي نوع كان مشروح الصدر طيب النفس إن أردت أن تكون مؤمنا وأما العاقل الوافر العقل فمستريح مع الله والحكم الإلهي مستريح معه‏

لقد كان صلى الله عليه وسلم يقول اتركوني ما تركتكم‏

حتى‏

قال في وجوب الحج كل عام لو قلت نعم لوجبت ولكنها حجة واحدة

فكره المسائل وعابها فالله يفهمنا وإياك مقاصد الشرع فلا يحجبنا ما ظهر منها مما بطن‏

[عبادة الحج شبيهة بالناس يوم القيامة في أحوالهم‏]

وعبادة الحج شبيهة بالناس في أحوالهم يوم القيامة شعثا غبرا متضرعين مهطعين إلى الداعي تاركين للزينة يرمون بالأحجار شغل المجافين لأنهم في عبادة لو علموا ما فيها لذهلت عقولهم فكانوا كالمجانين يرمون بالحجارة فجعله الله تنبيها لهم في رمى الجمار أن المشهد عظيم يذهب بالعقول عن أماكنها وما ثم عبادة هي تعبد محض في أكثر أفعالها إلا الحج وكذلك النساء في الدار الآخرة في القيامة مكشفات الوجوه كما هن في حال الإحرام ولو لا تعلق الأغراض النفسية في إنزال الحجاب ما نزلت آية الحجاب فإن الله ما أخرها لهذا السبب هي وغيرها من الأحكام الموقوفة على مثل هذا إلا ذخيرة لحساب هذا الشخص الذي كان سببا في تكليف الناس بها فيتمنى يوم القيامة أنه لا يكون سببا في ذلك لما يشدد عليه والناس عن هذا غافلون‏

[المجتهد المتشدد والمجتهد الذي يغلب عليه رفع الحرج عن الأمة]

وكذلك أهل الاجتهاد يوم القيامة وهم رجلان الواحد يغلب الحرمة والثاني يغلب رفع الحرج عن هذه الأمة استمساكا بالآية ورجوعا إلى الأصل فهو عند الله أقرب إلى الله وأعظم منزلة من الذي يغلب الحرمة إذ الحرمة أمر عارض عرض للأصل ورافع الحرج مع الأصل وإليه يعود حال الناس في الجنان يتبوءون من الجنة حيث يشاءون وما أغفل أهل الأهواء وإن كانوا مؤمنين عن هذه المسألة وسيندمون والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏

[أدوية مرض غيرة الطبيعة]

الوجود دار واحدة ورب الدار واحد والخلق عيال الله يعمهم هذا الدار فأين الحجاب أ غير الله يرى أ غير الله يرى أ ينحجب الشي‏ء عن حقيقته جزء الكل من عينه خلقت حواء من آدم النساء شقائق الرجال هذه أدوية من استعملها في مرض الغيرة أزالت مرضه ولم تبق فيه إلا غيرة الايمان فإنها غيرة لا تزول في الحياة الدنيا في الموضع الذي حكمها فيه نافذ فإياك يا أخي وهوس الطبيعة فإن العبد فيه ممكور به من حيث لا يشعر وما أسرع الفضيحة إليه عند الله‏

[غيرة الإيمان وغيرة الطبيعة]

قال صلى الله عليه وسلم ما كان الله لينهاكم عن الربا ويأخذه منكم‏

فمن غار الغيرة الإيمانية في زعمه فحكمه أن لا يظهر منه ولا يقوم به ذلك الأمر الذي غار عليه حين رآه في غيره فإن قام به فما تلك غيرة الايمان بل تلك غيرة الطبيعة وشحها ما وقاه الله منه‏


مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 3187 من مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 3188 من مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 3189 من مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 3190 من مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 3191 من مخطوطة قونية
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

الصفحة 742 - من الجزء الأول (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الوصول السريع إلى [الأبواب]: -
[0] [1] [2] [3] [4] [5] [6] [7] [8] [9] [10] [11] [12] [13] [14] [15] [16] [17] [18] [19] [20] [21] [22] [23] [24] [25] [26] [27] [28] [29] [30] [31] [32] [33] [34] [35] [36] [37] [38] [39] [40] [41] [42] [43] [44] [45] [46] [47] [48] [49] [50] [51] [52] [53] [54] [55] [56] [57] [58] [59] [60] [61] [62] [63] [64] [65] [66] [67] [68] [69] [70] [71] [72] [73] [74] [75] [76] [77] [78] [79] [80] [81] [82] [83] [84] [85] [86] [87] [88] [89] [90] [91] [92] [93] [94] [95] [96] [97] [98] [99] [100] [101] [102] [103] [104] [105] [106] [107] [108] [109] [110] [111] [112] [113] [114] [115] [116] [117] [118] [119] [120] [121] [122] [123] [124] [125] [126] [127] [128] [129] [130] [131] [132] [133] [134] [135] [136] [137] [138] [139] [140] [141] [142] [143] [144] [145] [146] [147] [148] [149] [150] [151] [152] [153] [154] [155] [156] [157] [158] [159] [160] [161] [162] [163] [164] [165] [166] [167] [168] [169] [170] [171] [172] [173] [174] [175] [176] [177] [178] [179] [180] [181] [182] [183] [184] [185] [186] [187] [188] [189] [190] [191] [192] [193] [194] [195] [196] [197] [198] [199] [200] [201] [202] [203] [204] [205] [206] [207] [208] [209] [210] [211] [212] [213] [214] [215] [216] [217] [218] [219] [220] [221] [222] [223] [224] [225] [226] [227] [228] [229] [230] [231] [232] [233] [234] [235] [236] [237] [238] [239] [240] [241] [242] [243] [244] [245] [246] [247] [248] [249] [250] [251] [252] [253] [254] [255] [256] [257] [258] [259] [260] [261] [262] [263] [264] [265] [266] [267] [268] [269] [270] [271] [272] [273] [274] [275] [276] [277] [278] [279] [280] [281] [282] [283] [284] [285] [286] [287] [288] [289] [290] [291] [292] [293] [294] [295] [296] [297] [298] [299] [300] [301] [302] [303] [304] [305] [306] [307] [308] [309] [310] [311] [312] [313] [314] [315] [316] [317] [318] [319] [320] [321] [322] [323] [324] [325] [326] [327] [328] [329] [330] [331] [332] [333] [334] [335] [336] [337] [338] [339] [340] [341] [342] [343] [344] [345] [346] [347] [348] [349] [350] [351] [352] [353] [354] [355] [356] [357] [358] [359] [360] [361] [362] [363] [364] [365] [366] [367] [368] [369] [370] [371] [372] [373] [374] [375] [376] [377] [378] [379] [380] [381] [382] [383] [384] [385] [386] [387] [388] [389] [390] [391] [392] [393] [394] [395] [396] [397] [398] [399] [400] [401] [402] [403] [404] [405] [406] [407] [408] [409] [410] [411] [412] [413] [414] [415] [416] [417] [418] [419] [420] [421] [422] [423] [424] [425] [426] [427] [428] [429] [430] [431] [432] [433] [434] [435] [436] [437] [438] [439] [440] [441] [442] [443] [444] [445] [446] [447] [448] [449] [450] [451] [452] [453] [454] [455] [456] [457] [458] [459] [460] [461] [462] [463] [464] [465] [466] [467] [468] [469] [470] [471] [472] [473] [474] [475] [476] [477] [478] [479] [480] [481] [482] [483] [484] [485] [486] [487] [488] [489] [490] [491] [492] [493] [494] [495] [496] [497] [498] [499] [500] [501] [502] [503] [504] [505] [506] [507] [508] [509] [510] [511] [512] [513] [514] [515] [516] [517] [518] [519] [520] [521] [522] [523] [524] [525] [526] [527] [528] [529] [530] [531] [532] [533] [534] [535] [536] [537] [538] [539] [540] [541] [542] [543] [544] [545] [546] [547] [548] [549] [550] [551] [552] [553] [554] [555] [556] [557] [558] [559] [560]


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!