الفتوحات المكية

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى أسرار الطهارة
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 379 - من الجزء الأول (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

مسفوحا أعني كثيرا وبول ابن آدم ورجيعه إلا لرضيع واختلفوا في غير ذلك‏

(وصل اعتبار الباطن في ميتة الحيوان ذي الدم البري)

اعلم أن الموت موتان موت أصلي لا عن حياة متقدمة في الموصوف بالموت وهو قوله تعالى كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وكُنْتُمْ أَمْواتاً فهذا هو الموت الأصلي وهو العدم الذي للممكن إذ كان معلوم العين لله ولا وجود له في نفسه ثم قال تعالى فَأَحْياكُمْ وموت عارض وهو الذي يطرأ على الحي فيزيل حياته وهو قوله تعالى ثُمَّ يُمِيتُكُمْ‏

[الموت العارض الذي يطرأ على الحي‏]

وهذا الموت العارض هو المطلوب في هذه المسألة ثم زاد وصفا آخر فقال ذي الدم الذي له دم سائل يقول أي الحيوان الذي له روح سائل أي سار في جميع أجزائه لا يريد من هي حياته عين نفسه التي هي لجميع الموجودات ثم زاد وصفا آخر فقال الذي ليس بمائي يريد الحيوان البري أي الذي في البر ما هو حيوان البحر إذ البحر عبارة عن العلم فيقول لا أريد بالحيوان الموجود في علم الله فإن في ذلك يقع الخلاف وإنما أريد الحيوان الذي ظهرت عينه وكانت حياته بالهواء فبهذه الشروط كلها ثبتت نجاسته بلا خلاف فإذا زال شرط منها لم يكن المطلوب بالاتفاق‏

[حياة العبد عارضة لا ذاتية]

فإذا كانت حياة العبد عارضة لا ذاتية فينبغي إن لا يزهو بها ولا يدعي فلما ادعى وقال أنا وغاب عن شهود من أحياه عرض له الموت العارض أي هذا أصلك فرده إلى أصله ولكن غير طاهر بسبب الدعوى ونسيان من أحياه ثم إنا نظرنا في السبب الموجب لهذه الدعوى قال كونه بريا فقلنا ما معنى كونه بريا فقال حياته من الهواء فعلمنا إن الهوى هو الذي أراده كما قال تعالى ونَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى‏ فكل متردد بين هواءين لا بد من هلاكه كما قال صاحبنا أبو زيد عبد الرحمن الفازازى رحمه الله‏

هوى صحيح وهواء عليل *** صلاح حالي بهما مستحيل‏

أنشدنيها لنفسه بتلمسان سنة تسعين وخمسمائة فكل عبد اجتمعت فيه هذه الشروط اتفق العلماء على أنه نجس‏

[الصفة الخنزيرية: أو التولع بالقاذورات‏]

وأما اعتبار لحم الخنزير فإن لحمه مسرى الحياة الدمية فإن اللحم دم جامد وصفة الخنزيرية وهي التولع بالقاذورات التي تستخبثها النفوس وهي مذام الأخلاق إذا ذهبت الحياة من ذلك للحم كان نجسا وذلك إذا اتفق أن يكون صاحب الخلق المذموم يغيب عن حكم الشرع فيه الذي هو روحه كان في حقه ميتة

[ترك الجزاء على السيئة من مكارم الأخلاق‏]

قال تعالى وجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فقال مثلها ولم يقيد من وجه كذا فألحقها بمذام الأخلاق ثم قال فيمن لم يفعلها فَمَنْ عَفا وأَصْلَحَ فنبه على إن ترك الجزاء على السيئة من مكارم الأخلاق ولهذا قلنا بأي شي‏ء ذهبت حياته إذ كانت التذكية لا تؤثر فيه طهارة

[جزاء السيئة سيئة فالعفو خير]

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي طلب القصاص من قاتل من هو وليه فطلب منه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعفو عنه أو يقبل الدية فأبى فقال خذه فأخذه فلما قفى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إنه إن قتله كان مثله يريد قوله تعالى وجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فبلغ ذلك القول الرجل فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وخلى عن قتله‏

ويبتني على هذا مسألة القبح والحسن وهي مسألة كبيرة خاض الناس فيها وليس هذا الباب موضع الكشف عن حقيقة ذلك وإن كنا قد ذكرناها في هذا الكتاب‏

[الحيوان البري هو العين الموجودة لنفسها لا بنفسها]

والثالث من النجاسات المتفق عليها الدم نفسه من الحيوان البري إذا انفصل عن الحي أو عن الميت وكان كثيرا أعني بحيث أن يتفاحش فقد أعلمناك أن الحيوان البري هو لعين الموجودة لنفسها ما هي الموجود في علم الله كحيوان البحر وأن حياتها بالهواء وأن الدم هو الأصل الذي يخرج من حرارته ذلك البخار الذي تكون منه حياة ذلك الحيوان وهو الروح الحيواني فلما كان الدم أصلا في هذه النجاسة كان هو أولى بحكم النجاسة مما تولد عنه‏

[نجاسة الإنسان إذا كثرت منه الغفلة]

فالذي أورث العبد الدعوى هو العزة التي فطر الإنسان عليها حيث كان مجموع العالم ومضاهيا لجميع الموجودات على الإطلاق فلما غاب عن العناية الإلهية به في ذلك والموت الأصلي الذي نبه الله عليه في قوله وكُنْتُمْ أَمْواتاً وقوله تعالى وقَدْ خَلَقْتُكَ من قَبْلُ ولَمْ تَكُ شَيْئاً وقوله لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً لذلك اتفق العلماء على نجاسته إذا تفاحش أي كثرت منه الغفلة عن هذا المقام فإن لم يتفاحش لم يقع عليه الاتفاق في هذا الحكم‏

[الإنسان الكامل نائب الحق في الأرض ومعلم الملك في السماء]

الرابع بول ابن آدم ورجيعه اعتباره اعلم أنه من شرفت مرتبته وعلت منزلته كبرت صغيرته ومن كان وضيع المنزلة خسيس المرتبة صغرت كبيرته والإنسان شريف المنزلة رفيع المرتبة نائب الحق ومعلم الملائكة فينبغي إن يطهر من عاشره ويقدس من خالطه فلما غفل عن حقيقته اشتغل بطبيعته فصاحبته الأشياء الطاهرة من المشارب والمطاعم أخذ طيبها بطبيعته لا بحقيقته وأخرج خبيثها بطبيعته‏


مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 1535 من مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 1536 من مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 1537 من مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 1538 من مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 1539 من مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 1540 من مخطوطة قونية
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

الصفحة 379 - من الجزء الأول (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الوصول السريع إلى [الأبواب]: -
[0] [1] [2] [3] [4] [5] [6] [7] [8] [9] [10] [11] [12] [13] [14] [15] [16] [17] [18] [19] [20] [21] [22] [23] [24] [25] [26] [27] [28] [29] [30] [31] [32] [33] [34] [35] [36] [37] [38] [39] [40] [41] [42] [43] [44] [45] [46] [47] [48] [49] [50] [51] [52] [53] [54] [55] [56] [57] [58] [59] [60] [61] [62] [63] [64] [65] [66] [67] [68] [69] [70] [71] [72] [73] [74] [75] [76] [77] [78] [79] [80] [81] [82] [83] [84] [85] [86] [87] [88] [89] [90] [91] [92] [93] [94] [95] [96] [97] [98] [99] [100] [101] [102] [103] [104] [105] [106] [107] [108] [109] [110] [111] [112] [113] [114] [115] [116] [117] [118] [119] [120] [121] [122] [123] [124] [125] [126] [127] [128] [129] [130] [131] [132] [133] [134] [135] [136] [137] [138] [139] [140] [141] [142] [143] [144] [145] [146] [147] [148] [149] [150] [151] [152] [153] [154] [155] [156] [157] [158] [159] [160] [161] [162] [163] [164] [165] [166] [167] [168] [169] [170] [171] [172] [173] [174] [175] [176] [177] [178] [179] [180] [181] [182] [183] [184] [185] [186] [187] [188] [189] [190] [191] [192] [193] [194] [195] [196] [197] [198] [199] [200] [201] [202] [203] [204] [205] [206] [207] [208] [209] [210] [211] [212] [213] [214] [215] [216] [217] [218] [219] [220] [221] [222] [223] [224] [225] [226] [227] [228] [229] [230] [231] [232] [233] [234] [235] [236] [237] [238] [239] [240] [241] [242] [243] [244] [245] [246] [247] [248] [249] [250] [251] [252] [253] [254] [255] [256] [257] [258] [259] [260] [261] [262] [263] [264] [265] [266] [267] [268] [269] [270] [271] [272] [273] [274] [275] [276] [277] [278] [279] [280] [281] [282] [283] [284] [285] [286] [287] [288] [289] [290] [291] [292] [293] [294] [295] [296] [297] [298] [299] [300] [301] [302] [303] [304] [305] [306] [307] [308] [309] [310] [311] [312] [313] [314] [315] [316] [317] [318] [319] [320] [321] [322] [323] [324] [325] [326] [327] [328] [329] [330] [331] [332] [333] [334] [335] [336] [337] [338] [339] [340] [341] [342] [343] [344] [345] [346] [347] [348] [349] [350] [351] [352] [353] [354] [355] [356] [357] [358] [359] [360] [361] [362] [363] [364] [365] [366] [367] [368] [369] [370] [371] [372] [373] [374] [375] [376] [377] [378] [379] [380] [381] [382] [383] [384] [385] [386] [387] [388] [389] [390] [391] [392] [393] [394] [395] [396] [397] [398] [399] [400] [401] [402] [403] [404] [405] [406] [407] [408] [409] [410] [411] [412] [413] [414] [415] [416] [417] [418] [419] [420] [421] [422] [423] [424] [425] [426] [427] [428] [429] [430] [431] [432] [433] [434] [435] [436] [437] [438] [439] [440] [441] [442] [443] [444] [445] [446] [447] [448] [449] [450] [451] [452] [453] [454] [455] [456] [457] [458] [459] [460] [461] [462] [463] [464] [465] [466] [467] [468] [469] [470] [471] [472] [473] [474] [475] [476] [477] [478] [479] [480] [481] [482] [483] [484] [485] [486] [487] [488] [489] [490] [491] [492] [493] [494] [495] [496] [497] [498] [499] [500] [501] [502] [503] [504] [505] [506] [507] [508] [509] [510] [511] [512] [513] [514] [515] [516] [517] [518] [519] [520] [521] [522] [523] [524] [525] [526] [527] [528] [529] [530] [531] [532] [533] [534] [535] [536] [537] [538] [539] [540] [541] [542] [543] [544] [545] [546] [547] [548] [549] [550] [551] [552] [553] [554] [555] [556] [557] [558] [559] [560]


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!