الفتوحات المكية

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة أسرار وصف المنازل السفلية ومقاماتها وكيف يرتاح العارف عند ذكره بدايته فيحنّ إليها مع علو مقامه وما السر الذى يتجلى له حتى يدعوه إلى ذلك
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 259 - من الجزء الأول (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

الثقلان أيضا مخلوقين في مقامهما غير أن الثقلين لهما في علم الله مقامات معينة مقدرة عنده غيبت عنهما إليها ينتهي كل شخص منهما بانتهاء أنفاسه فأخر نفس هو مقامه المعلوم الذي بموت عليه ولهذا دعوا إلى السلوك فسلكوا علوا بإجابة الدعوة المشروعة وسفلا بإجابة الأمر الإرادي من حيث لا يعلمون إلا بعد وقوع المراد فكل شخص من الثقلين ينتهي في سلوكه إلى المقام المعلوم الذي خلق له ومنهم شقي وسعيد وكل موجود سواهما فمخلوق في مقامه فلم ينزل عنه فلم يؤمر بسلوك إليه لأنه فيه من ملك وحيوان ونبات ومعدن فهو سعيد عند الله لا شقاء يناله فقد دخل الثقلان في قول الملائكة وما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ عند الله ولا يتمكن لمخلوق من العالم أن يكون له علم بمقامه إلا بتعريف إلهي لا بكونه فيه فإن كل ما سوى الله ممكن ومن شأن الممكن أن لا يقبل مقاما معينا لذاته وإنما ذلك لمرجحه بحسب ما سبق في علمه به والمعلوم هو الذي أعطاه العلم به ولا يعلم هو ما يكون عليه وهذا هو سر القدر المتحكم في الخلق إذ كان علم المرجح لا يقبل التغيير لاستحالة عدم القديم وعلمه بتعيين المقامات قديم فلذلك لا ينعدم‏

[علم الباري بالأشياء ليس زائدا على ذاته‏]

وهذه المسألة من أغمض المسائل العقلية ومما يدلك على إن علمه سبحانه بالأشياء ليس زائدا على ذاته بل ذاته هي المتعلقة من كونها علما بالمعلومات على ما هي المعلومات عليه خلافا لبعض النظار فإن ذلك يؤدي إلى نقص الذات عن درجة الكمال ويؤدي إلى أن تكون الذات قد حكم عليها أمر زائد أوجب لها ذلك الزائد حكما يقتضيه ويبطل كون الذات تفعل ما تشاء وتختار لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فتحقق هذه المسألة وتفرغ إليها فإنها غامضة جدا في مسائل الحيرة لا يهتدي إليها عقل على الحقيقة من حيث فكره بل بكشف إلهي نبوي‏

[التفاضل بين بني آدم وبين الملائكة]

ثم نرجع ونقول إن جماعة من أصحابنا غلطت في هذه المسألة لعدم الكشف فقالت بطريق القوة ولفكر الفاسد إن الكامل من بنى آدم أفضل من الملائكة عند الله مطلقا ولم تقيد صنفا ولا مرتبة من المراتب التي تقع عليها الفضلية لمن هو فيها على غيره ثم عللت فقالت إن لبني آدم الترقي مع الأنفاس وليس للملائكة هذا فإنها خلقت في مقامها وما علمت الجماعة القائلة بهذا هذه الحقيقة التي نبهنا عليها والصحيح الترقي أن لنا وللملائكة ولغيرهم وهو لازم للكل دنيا وبرزخا وآخره هذا لكل متصف بالموت في العلم أ لا ترى الملائكة مع كونها لها مقامات معلومة لا تتعداها وما حرمت مزيد العلم فإن الله قد عرفنا أنه علمهم الأسماء على لسان آدم عليه السلام فزادهم علما إلهيا لم يكن عندهم بالأسماء الإلهية فسبحوه وقدسوه بها فساوتنا الملائكة في الترقي بالعلم لا بالعمل كما لا نترقى نحن بأعمال الآخرة لزوال التكليف فنحن وإياهم على السواء في ذلك في الآخرة فما ارتقينا نحن في الدنيا إلى المقام الذي قبضنا عليه وهو المقام الذي خلق فيه غيرنا ابتداء لشرفنا على غيرنا وإنما كان ذلك ليبلونا لا غير فلم يفهم القائلون بذلك ما أراده الله مع وجود النصوص في القرآن مثل قوله لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ولا يقال كونهم خلقوا على الصورة أدى إلى ذلك الابتلاء فإن الجان شاركونا في هذه المرتبة وليس لهم حظ في الصورة فاعلم والله الموفق‏

(وصل سر إلهي) [افتقار العالم إلى الله وغنى الله عن العالم‏]

نهاية الدائرة مجاورة لبدايتها وهي تطلب النقطة لذاتها والنقطة لا تطلبها فصح نهاية أهل الترقي من العالم وصح افتقار العالم إلى الله وغنى الله عن العالم وتبين أنه كل جزء من العالم يمكن أن يكون سببا في وجود عالم آخر مثله لا أكمل منه إلى ما لا يتناهى فإن محيط الدائرة نقط متجاورة في أحياز متجاورة ليس بين حيزين حيز ثالث ولا بين النقطتين المفروضتين أو الموجودتين فيهما نقطة ثالثة لأنه لا حيز بينهما فكل نقطة يمكن أن يكون عنها محيط وذلك المحيط الآخر حكمه حكم المحيط الأول إلى ما لا نهاية له‏

[النهاية في العالم حاصلة لا الغاية منه‏]

والنهاية في العالم حاصلة والغاية من العالم غير حاصلة فلا تزال الآخرة دائمة التكوين عن العالم فإنهم يقولون في الجنان للشي‏ء يريدونه كن فيكون فلا يتوهمون أمرا ما ولا يخطر لهم خاطر في تكوين أمر ما إلا ويتكون بين أيديهم وكذلك أهل النار لا يخطر لهم خاطر خوف من عذاب أكبر مما هم فيه إلا تكون فيهم أو لهم ذلك العذاب وهو عين حصول الخاطر فإن الدار الآخرة تقتضي تكوين العالم عن العالم لكن حسا وبمجرد حصول الخاطر والهم والإرادة والتمني والشهوة كل ذلك محسوس وليس ذلك في الدنيا أعني من الفعل بالهمة لكل أحد وقد كان ذلك في الدنيا لغير الولي كصاحب العين والغرانية بإفريقية ولكن ما يكون بسرعة تكوين الشي‏ء بالهمة في الدار الآخرة وهذا في الدار الدنيا نادر شاذ كقضيب البان وغيره وهو في الدار الآخرة للجميع‏

[ليس في الإمكان أبدع من هذا العالم‏]

فصدق قول الإمام أبي حامد ليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه ليس أكمل من الصورة التي خلق عليها الإنسان‏


مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 1047 من مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 1048 من مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 1049 من مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 1050 من مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 1051 من مخطوطة قونية
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

الصفحة 259 - من الجزء الأول (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الوصول السريع إلى [الأبواب]: -
[0] [1] [2] [3] [4] [5] [6] [7] [8] [9] [10] [11] [12] [13] [14] [15] [16] [17] [18] [19] [20] [21] [22] [23] [24] [25] [26] [27] [28] [29] [30] [31] [32] [33] [34] [35] [36] [37] [38] [39] [40] [41] [42] [43] [44] [45] [46] [47] [48] [49] [50] [51] [52] [53] [54] [55] [56] [57] [58] [59] [60] [61] [62] [63] [64] [65] [66] [67] [68] [69] [70] [71] [72] [73] [74] [75] [76] [77] [78] [79] [80] [81] [82] [83] [84] [85] [86] [87] [88] [89] [90] [91] [92] [93] [94] [95] [96] [97] [98] [99] [100] [101] [102] [103] [104] [105] [106] [107] [108] [109] [110] [111] [112] [113] [114] [115] [116] [117] [118] [119] [120] [121] [122] [123] [124] [125] [126] [127] [128] [129] [130] [131] [132] [133] [134] [135] [136] [137] [138] [139] [140] [141] [142] [143] [144] [145] [146] [147] [148] [149] [150] [151] [152] [153] [154] [155] [156] [157] [158] [159] [160] [161] [162] [163] [164] [165] [166] [167] [168] [169] [170] [171] [172] [173] [174] [175] [176] [177] [178] [179] [180] [181] [182] [183] [184] [185] [186] [187] [188] [189] [190] [191] [192] [193] [194] [195] [196] [197] [198] [199] [200] [201] [202] [203] [204] [205] [206] [207] [208] [209] [210] [211] [212] [213] [214] [215] [216] [217] [218] [219] [220] [221] [222] [223] [224] [225] [226] [227] [228] [229] [230] [231] [232] [233] [234] [235] [236] [237] [238] [239] [240] [241] [242] [243] [244] [245] [246] [247] [248] [249] [250] [251] [252] [253] [254] [255] [256] [257] [258] [259] [260] [261] [262] [263] [264] [265] [266] [267] [268] [269] [270] [271] [272] [273] [274] [275] [276] [277] [278] [279] [280] [281] [282] [283] [284] [285] [286] [287] [288] [289] [290] [291] [292] [293] [294] [295] [296] [297] [298] [299] [300] [301] [302] [303] [304] [305] [306] [307] [308] [309] [310] [311] [312] [313] [314] [315] [316] [317] [318] [319] [320] [321] [322] [323] [324] [325] [326] [327] [328] [329] [330] [331] [332] [333] [334] [335] [336] [337] [338] [339] [340] [341] [342] [343] [344] [345] [346] [347] [348] [349] [350] [351] [352] [353] [354] [355] [356] [357] [358] [359] [360] [361] [362] [363] [364] [365] [366] [367] [368] [369] [370] [371] [372] [373] [374] [375] [376] [377] [378] [379] [380] [381] [382] [383] [384] [385] [386] [387] [388] [389] [390] [391] [392] [393] [394] [395] [396] [397] [398] [399] [400] [401] [402] [403] [404] [405] [406] [407] [408] [409] [410] [411] [412] [413] [414] [415] [416] [417] [418] [419] [420] [421] [422] [423] [424] [425] [426] [427] [428] [429] [430] [431] [432] [433] [434] [435] [436] [437] [438] [439] [440] [441] [442] [443] [444] [445] [446] [447] [448] [449] [450] [451] [452] [453] [454] [455] [456] [457] [458] [459] [460] [461] [462] [463] [464] [465] [466] [467] [468] [469] [470] [471] [472] [473] [474] [475] [476] [477] [478] [479] [480] [481] [482] [483] [484] [485] [486] [487] [488] [489] [490] [491] [492] [493] [494] [495] [496] [497] [498] [499] [500] [501] [502] [503] [504] [505] [506] [507] [508] [509] [510] [511] [512] [513] [514] [515] [516] [517] [518] [519] [520] [521] [522] [523] [524] [525] [526] [527] [528] [529] [530] [531] [532] [533] [534] [535] [536] [537] [538] [539] [540] [541] [542] [543] [544] [545] [546] [547] [548] [549] [550] [551] [552] [553] [554] [555] [556] [557] [558] [559] [560]


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!