الفتوحات المكية

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة حال قطب كان منزله (استجيبوا للّه وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم )
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 161 - من الجزء الرابع (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

لمن دعاه الله أو دعاه الرسول فإنه ما أمر بالإجابة إلا إذا دعاه لما يحييه وما يدعوه الله ورسوله لشي‏ء إلا ما يحييه فلو لم يجد طعم الحياة الغريبة الزائدة لم يدر من دعاه وليس المطلوب لنا إلا حصول ما نحيي به ولهذا سمعنا وأطعنا فلا بد من الإحساس لهذا المدعو بهذا الأثر الذي تتعين الإجابة له به فإذا أجاب من هذه صفته حصلت له فيما يسمعه حياة أخرى يحيي بها قلب هذا السامع فإن اقتضى ما سمعه منه عملا وعمل به كانت له حياة ثالثة فانظر ما يحرم العبد إذا لم يسمع دعاء الله ولا دعاء الرسول والوجود كله كلمات الله والواردات كلها رسل من عند الله هكذا يجدها العارفون بالله فكل قائل عندهم فليس إلا الله وكل قول علم إلهي وما بقيت الصيغة إلا في صورة السماع من ذلك فإنه ثم قول امتثال شرعا وقول ابتلاء فما بقي إلا الفهم الذي به يقع التفاضل فاقتصر علماء الرسوم على كلام الله المعين المسمى فرقانا وقرآنا وعلى الرسول المعين المسمى محمدا صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم والعارفون عمموا السمع في كل كلام فسمعوا القرآن قرآنا لا فرقانا وعمموا الرسالة فالألف واللام التي في قوله ولِلرَّسُولِ عندهم للجنس والشمول لا للعهد فكل داع في العالم فهو رسول من الله باطنا ويفترقون في الظاهر أ لا ترى إبليس وهو أبعد البعداء عن نسبة التقريب وكذلك الساحر بعده كيف شهد لهم بالرسالة وإن لم يقع التصريح فقال في السحرة وما هُمْ بِضارِّينَ به من أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ الله ولا معنى للرسالة إلا أن يكون حكمها هذا وهو إذن الله وقال في إبليس في إثبات رسالته اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً ثم عرفنا الله سبحانه ما أرسله به فقال واسْتَفْزِزْ من اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ ورَجِلِكَ وشارِكْهُمْ في الْأَمْوالِ والْأَوْلادِ وعِدْهُمْ وهذه الأحوال كلها عين ما جاءت به الكمل من الرسل عليه السلام الذين أعطوا السيف فسعد العارف بتلقي رسالة الشيطان ويعرف كيف يتلقاها ويشقى بها آخرون وهم القوم الذين ما لهم هذه المعرفة ويسعد المؤمنون كلهم والعارفون معهم بتلقي رسالة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم ويكون العامل بما جاء في تلك الرسالة أسعد من المؤمن الذي يؤمن بها عقدا وقولا ويعصي فعلا وقولا فكل متحرك في العالم منتقل فهو رسول إلهي كان المتحرك ما كان فإنه لا تتحرك ذرة إلا بإذنه سبحانه فالعارف ينظر إلى ما جاءت به في تحركها فيستفيد بذلك علما لم يكن عنده ولكن يختلف الأخذ من العارفين من هؤلاء الرسل لاختلاف الرسل فليس أخذهم من الرسل أصحاب الدلالات سلام الله عليهم كأخذهم من الرسل الذين هم عن الأذن من حيث لا يشعرون ومن شعر منهم وعلم ما يدعو إليه كإبليس إذا قال لصاحبه اكْفُرْ فيتلقاه منه العارف تلقيا إليها فينظر إلى ما أمره الحق به من الستر فيستره ويكون هذا الرسول الشيطان المطرود عن الله منبها عن الله فيسعد هذا العارف بما يستره وهو غير مقصود الشيطان الذي أوحى إليه والذي هو غير العارف يكفر بالذي يقول له اكفر فإذا كفر يقول له الشيطان إِنِّي بَرِي‏ءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ الله رَبَّ الْعالَمِينَ فشهد الله للشيطان بالخوف من الله رب العالمين في دار التكليف وبالإيمان به فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما في النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها لأنها موطنهما الواحد خلق منها وهو الشيطان والآخر خلق لها وإن كان فيه منها فسكناها بحكم الأهلية وعذبا فيها بحكم الجريمة ما شاء الله فالعالم كله عند العارف رسول من الله إليه وهو ورسالته أعني العالم في حق هذا العارف رحمة لأن الرسل ما بعثوا إلا رحمة ولو بعثوا بالبلاء لكان في طيه رحمة إلهية لأن الرحمة الإلهية وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ فما ثم شي‏ء لا يكون في هذه الرحمة إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ فلا تحجر واسعا فإنه لا يقبل التحجير

قال بعض الأعراب يا رب ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا والنبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم يسمعه فقال النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم يا هذا لقد حجرت واسعا

يعني حجرته قولا وطلبة فإذا كان عند العارف مثل هذا كلام الله يأخذه في الرحمة الخاصة التي يناسب الله بها بين هذا القائل وبين محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فشرك الرسول هذا الأعرابي في الرحمة التي يرحمه الله بها التي لا يرحم بها غيره فإن الغير ما له تلك المناسبة الخاصة فإن الرسول له مناسبة بكل واحد واحد من الأمة التي بعث إليها فآمنت به فهو مع كل مؤمن من أمته بمناسبة خاصة يعينها ذلك المؤمن فإن المتبوع في نفسه لكل تابع إياه منزلة يتميز بها عنده عن غيره وهذا القدر كاف في هذا الذكر والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏


مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 9180 من مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 9181 من مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 9182 من مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 9183 من مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 9184 من مخطوطة قونية
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

الصفحة 161 - من الجزء الرابع (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الوصول السريع إلى [الأبواب]: -
[0] [1] [2] [3] [4] [5] [6] [7] [8] [9] [10] [11] [12] [13] [14] [15] [16] [17] [18] [19] [20] [21] [22] [23] [24] [25] [26] [27] [28] [29] [30] [31] [32] [33] [34] [35] [36] [37] [38] [39] [40] [41] [42] [43] [44] [45] [46] [47] [48] [49] [50] [51] [52] [53] [54] [55] [56] [57] [58] [59] [60] [61] [62] [63] [64] [65] [66] [67] [68] [69] [70] [71] [72] [73] [74] [75] [76] [77] [78] [79] [80] [81] [82] [83] [84] [85] [86] [87] [88] [89] [90] [91] [92] [93] [94] [95] [96] [97] [98] [99] [100] [101] [102] [103] [104] [105] [106] [107] [108] [109] [110] [111] [112] [113] [114] [115] [116] [117] [118] [119] [120] [121] [122] [123] [124] [125] [126] [127] [128] [129] [130] [131] [132] [133] [134] [135] [136] [137] [138] [139] [140] [141] [142] [143] [144] [145] [146] [147] [148] [149] [150] [151] [152] [153] [154] [155] [156] [157] [158] [159] [160] [161] [162] [163] [164] [165] [166] [167] [168] [169] [170] [171] [172] [173] [174] [175] [176] [177] [178] [179] [180] [181] [182] [183] [184] [185] [186] [187] [188] [189] [190] [191] [192] [193] [194] [195] [196] [197] [198] [199] [200] [201] [202] [203] [204] [205] [206] [207] [208] [209] [210] [211] [212] [213] [214] [215] [216] [217] [218] [219] [220] [221] [222] [223] [224] [225] [226] [227] [228] [229] [230] [231] [232] [233] [234] [235] [236] [237] [238] [239] [240] [241] [242] [243] [244] [245] [246] [247] [248] [249] [250] [251] [252] [253] [254] [255] [256] [257] [258] [259] [260] [261] [262] [263] [264] [265] [266] [267] [268] [269] [270] [271] [272] [273] [274] [275] [276] [277] [278] [279] [280] [281] [282] [283] [284] [285] [286] [287] [288] [289] [290] [291] [292] [293] [294] [295] [296] [297] [298] [299] [300] [301] [302] [303] [304] [305] [306] [307] [308] [309] [310] [311] [312] [313] [314] [315] [316] [317] [318] [319] [320] [321] [322] [323] [324] [325] [326] [327] [328] [329] [330] [331] [332] [333] [334] [335] [336] [337] [338] [339] [340] [341] [342] [343] [344] [345] [346] [347] [348] [349] [350] [351] [352] [353] [354] [355] [356] [357] [358] [359] [360] [361] [362] [363] [364] [365] [366] [367] [368] [369] [370] [371] [372] [373] [374] [375] [376] [377] [378] [379] [380] [381] [382] [383] [384] [385] [386] [387] [388] [389] [390] [391] [392] [393] [394] [395] [396] [397] [398] [399] [400] [401] [402] [403] [404] [405] [406] [407] [408] [409] [410] [411] [412] [413] [414] [415] [416] [417] [418] [419] [420] [421] [422] [423] [424] [425] [426] [427] [428] [429] [430] [431] [432] [433] [434] [435] [436] [437] [438] [439] [440] [441] [442] [443] [444] [445] [446] [447] [448] [449] [450] [451] [452] [453] [454] [455] [456] [457] [458] [459] [460] [461] [462] [463] [464] [465] [466] [467] [468] [469] [470] [471] [472] [473] [474] [475] [476] [477] [478] [479] [480] [481] [482] [483] [484] [485] [486] [487] [488] [489] [490] [491] [492] [493] [494] [495] [496] [497] [498] [499] [500] [501] [502] [503] [504] [505] [506] [507] [508] [509] [510] [511] [512] [513] [514] [515] [516] [517] [518] [519] [520] [521] [522] [523] [524] [525] [526] [527] [528] [529] [530] [531] [532] [533] [534] [535] [536] [537] [538] [539] [540] [541] [542] [543] [544] [545] [546] [547] [548] [549] [550] [551] [552] [553] [554] [555] [556] [557] [558] [559] [560]


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!