الفتوحات المكية

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل الحل والعقد والإكرام والإهانة ونشأة الدعاء فى صورة الإخبار محمدى
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 496 - من الجزء الثالث (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

رجل من رجال الله يدعى عبد الرحمن‏

[الرحمة الإلهية التي أوجد الله في عباده مخلوقة من الرحمة الذاتية]

اعلم أن الرحمة الإلهية التي أوجد الله في عباده ليتراحموا بها مخلوقة من الرحمة الذاتية التي أوجد الله بها العالم حين أحب أن يعرف وبها كَتَبَ عَلى‏ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ وهذه الرحمة المكتوبة منفعلة عن الرحمة الذاتية والرحمة الامتنانية هي التي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ فرحمة الشي‏ء لنفسه تمدها الرحمة الذاتية وتنظر إليها وفيها يقع الشهود من كل رحيم بنفسه فإن الله قد وصف نفسه بالحب وشدة الشوق إلى لقاء أحبابه فما لقيهم إلا بحكم هذه الرحمة التي يشهدها صاحب هذه الرحمة هي الرحمة التي كتبها على نفسه لا مشهد لها في الرحمة الذاتية ولا الامتنانية وأما رحمة الراحم بمن أساء إليه وما يقتضيه شمول الإنعام الإلهي والاتساع الجودي فلا مشهد لها إلا رحمة الامتنان وهي الرحمة التي يترجاها إبليس فمن دونه لا مشهد لهؤلاء في الرحمة المكتوبة ولا في الرحمة الذاتية وبهذا كان الله والرحمن دون غير الرحمن من الأسماء لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى‏ فجميع الأسماء دلائل على الاسم الرحمن وعلى الاسم الله ولكن أكثر الناس لا يشعرون وما رأيت أحدا من أهل الله نبه على تثليث الرحمة بهذا التقسيم فإنه تقسيم غريب كما هو في نفس الأمر فما علمناه إلا من الكشف وما أدري لما ذا ترك التعبير عنه أصحابنا مع ظني بأن الله قد كشف لهم عن هذا وأما النبوات فقد علمت أنهم وقفوا على ذلك وقوف عين ومن نور مشكاتهم عرفناه لأن الله رزقنا الاتباع الإلهي والاتباع النبوي فأما الاتباع الإلهي فهو قوله تعالى وهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ فالله في هذه المعية يتبع العبد حيث كان فنحن أيضا تتبعه تعالى حيث ظهر بالحكم فنحن وقوف حتى يظهر بأمر يعطي ذلك الأمر حكما خاصا في الوجود فنتبعه فيه ولا نظهر في العامة بخلافه كسكوتنا عن التعريف به أنه هو إذا تجلى في صورة ينكر فيها مع معرفتنا به فهو المقدم بالتجلي وحكم الإنكار فنحن نتبعه بالسكوت وإن لم ننكر ولا نقر فهذا هو الاتباع الإلهي وأما الاتباع النبوي الذي رزقنا الله فهو قوله لَقَدْ كانَ لَكُمْ في رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ثم إنه أتبعنا وتأسى بنا في صلاته إذا صلى بالجماعة فيكون فيها الضعيف والمريض وذو الحاجة فيصلي بصلاتهم فهو صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم المتبع والمتبع اسم مفعول واسم فاعل ثم أمرنا أن نصلي إذا كنا أئمة بصلاة إلا ضعف فاتبعنا الرحمن بما ذكرناه فنحن التابعون واتبعنا الرحمن بما تعطيه حقائقنا من الاحتياج والفاقة فيمشي بما نحن عليه فنحن المتبوعون فانظر ما ذا تعطي حقائق السيادة في العبيد وحقائق العبادة والعبودية في السيادة فهذا الرجل هذه صفته في العالم وبهذه الركعة الرابعة ظهرت أحكام الأسماء الأربعة الإلهية وأحكام الطبيعة في النشأة الطبيعية وأحكام العناصر في المولدات الثلاثة التي لها هذه الرحمات الثلاثة وأحكام الأخلاط في النشأة الحيوانية فلهذا الرجل المهيمنية على هذه كلها نش‏ء صورة الركعة الخامسة من الوتر انتشا رجل منها رجل من رجال الله يقال له عبد المعطي فتارة يكون عطاؤه وهبا فيكون المعطي عبد الوهاب وتارة يكون عطاؤه إنعاما فيكون عبد المنعم وتارة يكون عطاؤه كرما فيكون المعطي عبد الكريم وتارة يكون عطاؤه جودا فيكون المعطي عبد الجواد وتارة يكون عطاؤه سخاء فيكون المعطي عبد المقيت وعبد السخي وتارة يكون عطاؤه إيثارا فيكون المعطي عبد الغني وهذا العطاء أغمض الإعطاءات وأصبعها تصورا بل يمنعها الجميع إلا نحن وما رأينا أحدا أثبت هذا العطاء في الإلهيات وما يثبته إلا من علم معنى اسمه الغني تعالى وذلك أنه قد ثبت في الصحيح أن العبد يصل إلى مقام يكون الحق من حيث هويته جميع قواه في‏

قوله كنت سمعه وبصره ويده‏

وغير ذلك من أعضائه وقواه الحديث وهو سبحانه الغني لذاته الغناء الذي لا يمكن إزالته عنه فإذا قام العبد في هذا المقام فقد أعطاه صفة الغناء عنه وعن كل شي‏ء لأن هويته هي أعيان قوى هذا العبد وليس ذلك في تقاسيم العطاء إلا للإيثار فقد آثر عبده بما هو لهويته قال تعالى ويُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ ولَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ بل بهم خصاصة ولما كان عطاء الإيثار فضلا يرجع على المعطي كان الحق أولى بصفة الفضل فعطاء الإيثار أحق في حق الحق وأتم في حق العبد وهذا من علوم الأسرار التي لا يمكن بسط التعريف فيها إلا بالإيماء لأهلها أشجعهم للعمل عليها فإنهم في غاية من الخوف لقبولها فكيف للاتصاف بها وباقي الأسماء هينه الخطب نش‏ء صورة الركعة السادسة من الوتر انتشا منها رجل من رجال الله يقال له عبد المؤمن‏

[أن الايمان نعت إلهى‏]

اعلم أن الايمان إذا كان نعتا إلهيا فهو ما يظهر من الدلالات كلها على وجه صحة ما يدعيه المدعي أي مدع‏


مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 8214 من مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 8215 من مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 8216 من مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 8217 من مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 8218 من مخطوطة قونية
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

الصفحة 496 - من الجزء الثالث (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الوصول السريع إلى [الأبواب]: -
[0] [1] [2] [3] [4] [5] [6] [7] [8] [9] [10] [11] [12] [13] [14] [15] [16] [17] [18] [19] [20] [21] [22] [23] [24] [25] [26] [27] [28] [29] [30] [31] [32] [33] [34] [35] [36] [37] [38] [39] [40] [41] [42] [43] [44] [45] [46] [47] [48] [49] [50] [51] [52] [53] [54] [55] [56] [57] [58] [59] [60] [61] [62] [63] [64] [65] [66] [67] [68] [69] [70] [71] [72] [73] [74] [75] [76] [77] [78] [79] [80] [81] [82] [83] [84] [85] [86] [87] [88] [89] [90] [91] [92] [93] [94] [95] [96] [97] [98] [99] [100] [101] [102] [103] [104] [105] [106] [107] [108] [109] [110] [111] [112] [113] [114] [115] [116] [117] [118] [119] [120] [121] [122] [123] [124] [125] [126] [127] [128] [129] [130] [131] [132] [133] [134] [135] [136] [137] [138] [139] [140] [141] [142] [143] [144] [145] [146] [147] [148] [149] [150] [151] [152] [153] [154] [155] [156] [157] [158] [159] [160] [161] [162] [163] [164] [165] [166] [167] [168] [169] [170] [171] [172] [173] [174] [175] [176] [177] [178] [179] [180] [181] [182] [183] [184] [185] [186] [187] [188] [189] [190] [191] [192] [193] [194] [195] [196] [197] [198] [199] [200] [201] [202] [203] [204] [205] [206] [207] [208] [209] [210] [211] [212] [213] [214] [215] [216] [217] [218] [219] [220] [221] [222] [223] [224] [225] [226] [227] [228] [229] [230] [231] [232] [233] [234] [235] [236] [237] [238] [239] [240] [241] [242] [243] [244] [245] [246] [247] [248] [249] [250] [251] [252] [253] [254] [255] [256] [257] [258] [259] [260] [261] [262] [263] [264] [265] [266] [267] [268] [269] [270] [271] [272] [273] [274] [275] [276] [277] [278] [279] [280] [281] [282] [283] [284] [285] [286] [287] [288] [289] [290] [291] [292] [293] [294] [295] [296] [297] [298] [299] [300] [301] [302] [303] [304] [305] [306] [307] [308] [309] [310] [311] [312] [313] [314] [315] [316] [317] [318] [319] [320] [321] [322] [323] [324] [325] [326] [327] [328] [329] [330] [331] [332] [333] [334] [335] [336] [337] [338] [339] [340] [341] [342] [343] [344] [345] [346] [347] [348] [349] [350] [351] [352] [353] [354] [355] [356] [357] [358] [359] [360] [361] [362] [363] [364] [365] [366] [367] [368] [369] [370] [371] [372] [373] [374] [375] [376] [377] [378] [379] [380] [381] [382] [383] [384] [385] [386] [387] [388] [389] [390] [391] [392] [393] [394] [395] [396] [397] [398] [399] [400] [401] [402] [403] [404] [405] [406] [407] [408] [409] [410] [411] [412] [413] [414] [415] [416] [417] [418] [419] [420] [421] [422] [423] [424] [425] [426] [427] [428] [429] [430] [431] [432] [433] [434] [435] [436] [437] [438] [439] [440] [441] [442] [443] [444] [445] [446] [447] [448] [449] [450] [451] [452] [453] [454] [455] [456] [457] [458] [459] [460] [461] [462] [463] [464] [465] [466] [467] [468] [469] [470] [471] [472] [473] [474] [475] [476] [477] [478] [479] [480] [481] [482] [483] [484] [485] [486] [487] [488] [489] [490] [491] [492] [493] [494] [495] [496] [497] [498] [499] [500] [501] [502] [503] [504] [505] [506] [507] [508] [509] [510] [511] [512] [513] [514] [515] [516] [517] [518] [519] [520] [521] [522] [523] [524] [525] [526] [527] [528] [529] [530] [531] [532] [533] [534] [535] [536] [537] [538] [539] [540] [541] [542] [543] [544] [545] [546] [547] [548] [549] [550] [551] [552] [553] [554] [555] [556] [557] [558] [559] [560]


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!