الفتوحات المكية

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل بُشرى مُبشِّر بمبُشَّر به وهو من الحضرة المحمدية
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 85 - من الجزء الثالث (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

ولا ينكسر قلبه حيث أراد نفوذ الاقتدار الإلهي وقصد خيرا وليعلم الكامل العقل ما فضله الله به عليه فيزيد شكرا حيث لم يجعل الله عقله مثل هذا الناقص العقل فيعلم إن الله قد فضله عليه بدرجة لم ينلها من قصر عقله هذا القصور وقد قال جماعة بأن الله يقدر على المحال والذي ينبغي أن يقال إِنَّ الله عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ كما قال الله والقدرة تطلب محلها الذي تتعلق به كما إن نسبة الإرادة تطلب محلها الذي تتعلق به كما إن العلم يطلب محله الذي يتعلق به نفيا كان أو إثباتا وجودا أو عدما وكذلك نسبة السمع والبصر وجميع ما نسب الحق لنفسه فالعالم الوافر العقل يعلم متعلق كل نسبة فيضيفها إليها ومن عرف الأمور بمثل هذه المعرفة عرف حكم مقت الله بمن يقول ما لا يعمل من غير إن يقرن به المشيئة الإلهية فإذا علق المشيئة الإلهية بقوله إن يعمل فلا يكون ذلك العمل لم يمقته الله فإنه غاب عن انفراد الحق في الأعمال كلها التي تظهر على أيدي المخلوقين بالتكوين وأنه لا أثر للمخلوق فيها من حيث تكوينها وإن كان للمخلوق فيها حكم لا أثر فالناس لا يفرقون بين الأثر والحكم فإن الله إذا أراد إيجاد حركة أو معنى من الأمور التي لا يصح وجودها إلا في مواد لأنها لا تقوم بأنفسها فلا بد من وجود محل يظهر فيه تكوين هذا الذي لا يقوم بنفسه فللمحل حكم في الإيجاد لهذا الممكن وما له أثر فيه فهذا الفرق بين الأثر والحكم إذا تحققته فلما ذا يقول العبد نعمل أو نفعل هكذا ولا أثر له في الفعل جملة واحدة فإن الله يمقته على ذلك ولما علم الحق أن هذا لا بد أن يقع من عباده وإنهم يقولون ذلك شرع لهم الاستثناء الإلهي ليرتفع المقت الإلهي عنهم ولهذا لا يحنث من استثنى إذا حلف على فعل مستقبل فإنه أضافه إلى الله لا إلى نفسه وهذا لا ينافي إضافة الأفعال إلى المخلوقين فإنهم محل ظهور الأفعال الإلهية وبهذا القدر تفاوتت درجات العقلاء أ لا ترى الحق تعالى كيف قال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ولم يقل يا أولي الألباب ولا يا أولي العلم لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ فإن العالم العاقل لا يقول ما لا يفعل إلا بالاستثناء لأنه يعلم أن الفعل لله لا له فميز الله بين طبقات العالم ليعلموا أن الله تعالى قد رفع بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ فالعقلاء العلماء هم المقصودون للحق من العالم بعموم كل خطاب لعلمهم بمواقع الخطاب فيعلمون أي صنف أراد من العالم بذلك الخطاب ولهذا نوع الأصناف بتنوع الآيات للمتفكرين وللعالمين وللعقلاء ولأولي الألباب كما قال تعالى في القرآن العزيز إنه بَلاغٌ لِلنَّاسِ يريد طائفة مخصوصة لا يعقلون منه سوى إنه بلاغ ولِيُنْذَرُوا به في حق طائفة أخرى عينها بهذا الخطاب ولِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ في حق طائفة أخرى عينها بهذا الخطاب ولِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ في حق طائفة أخرى أيضا والقرآن واحد في نفسه تكون الآية منه تذكرة لذي اللب وتوحيد الطالب العلم بتوحيده وإنذارا للمترقب الحذر وبلاغا للسامع ليحصل له أجر السماع كالعجمي الذي لا يفهم اللسان فيسمع فيعظم كلام الله من حيث نسبته إلى الله ولا يعرف معنى ذلك اللفظ حتى يشرح له بلسانه ويترجم له عنه فمن جملة الخطابات الإلهية البشارات وهي على قسمين بشارة بما يسوء مثل قوله فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ وبشارة بما يسوء مثل قوله تعالى فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وأَجْرٍ كَرِيمٍ فكل خير يؤثر وروده في بشرة الإنسان الظاهرة فهو خبر بشري وذلك لا يكون إلا في رجلين إما في شخص يكون في قوة نفسه أن لا تتغير بشرته بما يتحقق كونه وإما شخص غير مصدق بذلك الخبر من ذلك المخبر فلا يخلو هذا القوي النفس هل أثر ذلك الخبر في باطنه أو لم يؤثر فإن أثر خبر هذا المخبر في نفسه فهو أحد رجلين إما عالم محقق بوقوعه وإما مجوز وإن لم يؤثر في نفسه فهو غير عالم ولا مصدق معا فيكون ذلك الخبر في حق الأول بشرى متعلقها الصورة المتخيلة في نفسه التي تأثرت لهذا الخبر فلو لم تقم بخياله تلك الصورة المضاهية للصورة الحسية لما كانت بشرى في حقه ولا كانت تؤثر في باطنه سرورا ولا حزنا وإن لم يظهر ذلك في ظاهره فلو تجردت الأرواح عن المواد لما صحت البشائر

في حقها ولا حكم عليها سرور ولا حزن ولكان الأمر لها علما مجردا من غير أثر فإن الالتذاذ الروحاني إنما سببه إحساس الحس المشترك مما يتأثر له المزاج من الملاءمة وعدم الملاءمة وبالقياسات وأما الأرواح بمجردها فلا لذة ولا ألم وقد يحصل ذلك لبعض العارفين في هذا الطريق قال أبو يزيد ضحكت زمانا وبكيت زمانا وأنا اليوم لا أضحك ولا أبكي وهو عين ما قلناه فإنه وقف مع مجرد روحه من غير نظر إلى طبيعته فما شاهد إلا علما محضا كما يرتفع عن النظر في توحيد الحق‏


مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 6478 من مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 6479 من مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 6480 من مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 6481 من مخطوطة قونية
futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة 6482 من مخطوطة قونية
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

الصفحة 85 - من الجزء الثالث (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الوصول السريع إلى [الأبواب]: -
[0] [1] [2] [3] [4] [5] [6] [7] [8] [9] [10] [11] [12] [13] [14] [15] [16] [17] [18] [19] [20] [21] [22] [23] [24] [25] [26] [27] [28] [29] [30] [31] [32] [33] [34] [35] [36] [37] [38] [39] [40] [41] [42] [43] [44] [45] [46] [47] [48] [49] [50] [51] [52] [53] [54] [55] [56] [57] [58] [59] [60] [61] [62] [63] [64] [65] [66] [67] [68] [69] [70] [71] [72] [73] [74] [75] [76] [77] [78] [79] [80] [81] [82] [83] [84] [85] [86] [87] [88] [89] [90] [91] [92] [93] [94] [95] [96] [97] [98] [99] [100] [101] [102] [103] [104] [105] [106] [107] [108] [109] [110] [111] [112] [113] [114] [115] [116] [117] [118] [119] [120] [121] [122] [123] [124] [125] [126] [127] [128] [129] [130] [131] [132] [133] [134] [135] [136] [137] [138] [139] [140] [141] [142] [143] [144] [145] [146] [147] [148] [149] [150] [151] [152] [153] [154] [155] [156] [157] [158] [159] [160] [161] [162] [163] [164] [165] [166] [167] [168] [169] [170] [171] [172] [173] [174] [175] [176] [177] [178] [179] [180] [181] [182] [183] [184] [185] [186] [187] [188] [189] [190] [191] [192] [193] [194] [195] [196] [197] [198] [199] [200] [201] [202] [203] [204] [205] [206] [207] [208] [209] [210] [211] [212] [213] [214] [215] [216] [217] [218] [219] [220] [221] [222] [223] [224] [225] [226] [227] [228] [229] [230] [231] [232] [233] [234] [235] [236] [237] [238] [239] [240] [241] [242] [243] [244] [245] [246] [247] [248] [249] [250] [251] [252] [253] [254] [255] [256] [257] [258] [259] [260] [261] [262] [263] [264] [265] [266] [267] [268] [269] [270] [271] [272] [273] [274] [275] [276] [277] [278] [279] [280] [281] [282] [283] [284] [285] [286] [287] [288] [289] [290] [291] [292] [293] [294] [295] [296] [297] [298] [299] [300] [301] [302] [303] [304] [305] [306] [307] [308] [309] [310] [311] [312] [313] [314] [315] [316] [317] [318] [319] [320] [321] [322] [323] [324] [325] [326] [327] [328] [329] [330] [331] [332] [333] [334] [335] [336] [337] [338] [339] [340] [341] [342] [343] [344] [345] [346] [347] [348] [349] [350] [351] [352] [353] [354] [355] [356] [357] [358] [359] [360] [361] [362] [363] [364] [365] [366] [367] [368] [369] [370] [371] [372] [373] [374] [375] [376] [377] [378] [379] [380] [381] [382] [383] [384] [385] [386] [387] [388] [389] [390] [391] [392] [393] [394] [395] [396] [397] [398] [399] [400] [401] [402] [403] [404] [405] [406] [407] [408] [409] [410] [411] [412] [413] [414] [415] [416] [417] [418] [419] [420] [421] [422] [423] [424] [425] [426] [427] [428] [429] [430] [431] [432] [433] [434] [435] [436] [437] [438] [439] [440] [441] [442] [443] [444] [445] [446] [447] [448] [449] [450] [451] [452] [453] [454] [455] [456] [457] [458] [459] [460] [461] [462] [463] [464] [465] [466] [467] [468] [469] [470] [471] [472] [473] [474] [475] [476] [477] [478] [479] [480] [481] [482] [483] [484] [485] [486] [487] [488] [489] [490] [491] [492] [493] [494] [495] [496] [497] [498] [499] [500] [501] [502] [503] [504] [505] [506] [507] [508] [509] [510] [511] [512] [513] [514] [515] [516] [517] [518] [519] [520] [521] [522] [523] [524] [525] [526] [527] [528] [529] [530] [531] [532] [533] [534] [535] [536] [537] [538] [539] [540] [541] [542] [543] [544] [545] [546] [547] [548] [549] [550] [551] [552] [553] [554] [555] [556] [557] [558] [559] [560]


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!