الفتوحات المكية

وصايا الشيخ الأكبر

وهو الباب 560 الذي ختم به الشيخ محي الدين موسوعة الفتوحات المكية بمجموعة وصايا جامعة

وهو يمثل السفرين السادس والثلاثين والسابع والثلاثين وفق مخطوطة قونية


(وصية)

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

(وصية)

(وصية)

وعليك بالحياء فإن الله حيي والحياء من الايمان والحياء خير كله وإن الله يستحي من ذي الشيبة يوم القيامة فإن العبد إذا اتصف بالحياء من الله ترك كل ما لا يرضى الله وما يشينه عند الله تعالى وعند رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم والحياء معناه الترك قال الله تعالى إِنَّ الله لا يَسْتَحْيِي يقول إن الله لا يترك أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها في الصغر لقول من ضل بهذا المثل من المشركين الذين تكلموا فيه فإن الله قال يُضِلُّ به أي بهذا المثل كَثِيراً ويَهْدِي به كَثِيراً وما يُضِلُّ به إِلَّا الْفاسِقِينَ فإنهم حاروا فيه والضلالة الحيرة ورأوا عزة الله وجلاله وكبرياءه وحقارة البعوضة في المخلوقات فاستعظموا جلال الله أن ينزل في ضرب المثل لعباده هذا النزول وذلك لجهلهم بالأمور فإنه لا فرق بين أعظم المخلوقات وهو العرش المحيط وبين الذرة في الخلق والبعوضة وإخراجها من العدم إلى الوجود فما هي حقيرة إلا من صغر جسمها إذا أضفته إلى ذي الجسم الكبير بل الحكمة في البعوضة أتم والقدرة أنفذ فإن البعوضة على صغرها خلقها الله على صورة الفيل على عظمه فخلق البعوضة أعظم في الدلالة على قدرة خالقها من الفيل لأهل النظر والاعتبار ولهذا لم يصف نفسه بالحياء في ذلك لما فيها من الدلالة على تعظيم الحق ثم إن مواطن الحياء التي في الإنسان كثيرة فإن الحياء صفة يسرى نفعها ممن قامت به في أكثر الأشياء ولهذا قال الحياء خير كله والحيا لا يأتي إلا بخير وهو أن لا يفعل الإنسان ما يخجل فيه إذا عرف منه بأنه فعله وقد علم المؤمن أن الله يعلم ويرى كلما يتحرك فيه العبد فيلزمه الحياء منه لعلمه بذلك ولإيمانه أنه لا بد أن يقرره يوم القيامة على ما عمله فيخجل فيؤديه ذلك إلى ترك العمل فيه وذلك هو الحياء فمن هنا لا يأتي إلا بخير والله أحق أن يستحيي منه‏

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!