فنقول إن الحب تعلق خاص من تعلقات الإرادة فلا تتعلق المحبة إلا بمعدوم غير موجود في حين التعلق يريد وجود ذلك المحبوب أو وقوعه و إنما قلت أو وقوعه لأنها قد تتعلق بإعدام الموجود و إعدام الموجود في حال كون الموجود موجودا ليس بواقع فإذا عدم الموجود الذي تعلقت به المحبة فقد وقع و لا يقال وجد الإعدام فإنه جهل من قائله و قولنا يريد وجود ذلك المحبوب و أن المحبوب على الحقيقة إنما هو معدوم فذلك أن المحبوب للمحب هو إرادة أوجبت الاتصال بهذا الشخص المعين كائنا من كان إن كان ممن من شأنه أن يعانق فيحب عناقه أو ينكح فيحب نكاحه أو يجالس فيحب مجالسته فما تعلق حبه إلا بمعدوم في الوقت من هذا الشخص فيتخيل إن حبه متعلق بالشخص و ليس كذلك و هذا هو الذي يهيجه للقائه و رؤيته فلو كان يحب شخصه أو وجوده في عينه فهو في شخصيته أو في وجوده فلا فائدة لتعلق الحب به فإن قلت أنا كنا تحب مجالسة شخص أو تقبيله أو عناقه أو تأنيسه أو حديثه ثم نرى تحصل ذلك و الحب لا يزول مع وجود العناق و الوصال فإذا متعلق الحب قد لا يكون معدوما قلنا أنت غالط إذا عانقت الشخص الذي تعلقت المحبة بعناقه أو مجالسته أو مؤانسته فإن متعلق حبك في تلك حال ما هو بالحاصل و إنما هو بدوام الحاصل و استمراره و الدوام و الاستمرار معدوم ما دخل في الوجود و لا تتناهى مدته فإذا ما تعلق الحب في حال الوصلة إلا بمعدوم و هو دوامها و ما أحسن ما جاء في القرآن قوله ﴿يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ﴾ [المائدة:54] بضمير الغائب و الفعل المستقبل فما أضاف متعلق الحب إلا لغائب و معدوم و كل غائب فهو معدوم إضافي
[من أوصاف المحبة أن يجمع المحب في حبه بين الضدين]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية