Mekkeli Fetihler: futuhat makkiyah

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الفلق: [الآية 5]

سورة الفلق
وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴿5﴾

تفسير الجلالين:

«ومن شر حاسد إذا حسد» أظهر حسده وعمل بمقتضاه، كلبيد المذكور من اليهود الحاسدين للنبي صلى الله عليه وسلم، وذكر الثلاثة الشامل لها ما خلق بعده لشدة شرها.

تفسير الشيخ محي الدين:

وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ (5)

الحاسد يطلب زوال الأمر من صاحبه ، ولا يتعرض في طلبه لنيله جملة واحدة ، وليس الشر في طلب نيل مثله ، وإنما الشر في طلب زواله ممن هو عنده ، والحسد وصف جبلي في الإنس والجان ، لا يزول بالمجاهدة ولا بالرياضة ، فاصرفه في الخير كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم [ لا حسد إلا في اثنتين ]

وإياك والحسد فإنه يخلق الحسنات ويأكلها كما تأكل النار الحطب ، وأول ما يعود وباله على صاحبه .

(114) سورة النّاس مكيّة

------------

(5) الفتوحات ج 2 / 577 ، 196 - ج 3 / 230 - ج 4 / 509

تفسير ابن كثير:

وقوله : ( ومن شر النفاثات في العقد ) قال مجاهد ، وعكرمة ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك : يعني : السواحر - قال مجاهد : إذا رقين ونفثن في العقد .

وقال ابن جرير : حدثنا ابن عبد الأعلى ، حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه قال : ما من شيء أقرب من الشرك من رقية الحية والمجانين .

وفي الحديث الآخر : أن جبريل جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : اشتكيت يا محمد ؟ فقال : " نعم " . فقال : بسم الله أرقيك ، من كل داء يؤذيك ، ومن شر كل حاسد وعين ، الله يشفيك .

ولعل هذا كان من شكواه ، عليه السلام ، حين سحر ، ثم عافاه الله تعالى وشفاه ، ورد كيد السحرة الحساد من اليهود في رءوسهم ، وجعل تدميرهم في تدبيرهم ، وفضحهم ، ولكن مع هذا لم يعاتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما من الدهر ، بل كفى الله وشفى وعافى .

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن يزيد بن حيان ، عن زيد بن أرقم قال : سحر النبي صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود فاشتكى لذلك أياما ، قال : فجاءه جبريل فقال : إن رجلا من اليهود سحرك ، عقد لك عقدا في بئر كذا وكذا ، فأرسل إليها من يجيء بها . فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم [ عليا رضي الله تعالى عنه ] فاستخرجها ، فجاء بها فحللها قال : فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما نشط من عقال ، فما ذكر ذلك لليهودي ولا رآه في وجهه [ قط ] حتى مات .

ورواه النسائي ، عن هناد ، عن أبي معاوية محمد بن حازم الضرير .

وقال البخاري في " كتاب الطب " من صحيحه : حدثنا عبد الله بن محمد قال : سمعت سفيان بن عيينة يقول : أول من حدثنا به ابن جريج ، يقول : حدثني آل عروة ، عن عروة فسألت هشاما عنه ، فحدثنا عن أبيه ، عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سحر ، حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن - قال سفيان : وهذا أشد ما يكون من السحر ، إذا كان كذا - فقال : " يا عائشة أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه ؟ أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي ، والآخر عند رجلي ، فقال الذي عند رأسي للآخر : ما بال الرجل ؟ قال : مطبوب . قال : ومن طبه ؟ قال : لبيد بن أعصم - رجل من بني زريق حليف ليهود كان منافقا - وقال : وفيم ؟ قال : في مشط ومشاقة . قال : وأين ؟ قال : في جف طلعة ذكر تحت رعوفة في بئر ذروان " . قالت : فأتى [ النبي صلى الله عليه وسلم ] البئر حتى استخرجه فقال : " هذه البئر التي أريتها ، وكأن ماءها نقاعة الحناء ، وكأن نخلها رءوس الشياطين " . قال : فاستخرج . [ قالت ] . فقلت : أفلا ؟ أي : تنشرت ؟ فقال : " أما الله فقد شفاني ، وأكره أن أثير على أحد من الناس شرا " .

وأسنده من حديث عيسى بن يونس وأبي ضمرة أنس بن عياض وأبي أسامة ويحيى القطان وفيه : " قالت : حتى كان يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله " . وعنده : " فأمر بالبئر فدفنت " . وذكر أنه رواه عن هشام أيضا ابن أبي الزناد والليث بن سعد .

وقد رواه مسلم من حديث أبي أسامة حماد بن أسامة وعبد الله بن نمير . ورواه أحمد عن عفان ، عن وهيب ، عن هشام به .

ورواه الإمام أحمد أيضا عن إبراهيم بن خالد ، عن رباح ، عن معمر ، عن هشام عن أبيه ، عن عائشة قالت : لبث رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر يرى أنه يأتي ولا يأتي ، فأتاه ملكان ، فجلس أحدهما عند رأسه ، والآخر عند رجليه ، فقال أحدهما للآخر : ما باله ؟ قال : مطبوب . قال : ومن طبه ؟ قال : لبيد بن الأعصم وذكر تمام الحديث .

وقال الأستاذ المفسر الثعلبي في تفسيره : قال ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما : كان غلام من اليهود يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فدبت إليه اليهود فلم يزالوا به حتى أخذ مشاطة رأس النبي صلى الله عليه وسلم وعدة أسنان من مشطه ، فأعطاها اليهود فسحروه فيها . وكان الذي تولى ذلك رجل منهم - يقال له : [ لبيد ] بن أعصم - ثم دسها في بئر لبني زريق ، ويقال لها : ذروان ، فمرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتثر شعر رأسه ، ولبث ستة أشهر يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن ، وجعل يذوب ولا يدري ما عراه . فبينما هو نائم إذ أتاه ملكان فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه ، فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه : ما بال الرجل ؟ قال : طب . قال : وما طب ؟ قال : سحر . قال : ومن سحره ؟ قال : لبيد بن أعصم اليهودي . قال : وبم طبه ؟ قال : بمشط ومشاطة . قال : وأين هو ؟ قال : في جف طلعة تحت راعوفة في بئر ذروان - والجف : قشر الطلع ، والراعوفة : حجر في أسفل البئر ناتئ يقوم عليه الماتح - فانتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم مذعورا ، وقال : " يا عائشة ، أما شعرت أن الله أخبرني بدائي ؟ " . ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا والزبير وعمار بن ياسر ، فنزحوا ماء البئر كأنه نقاعة الحناء ، ثم رفعوا الصخرة ، وأخرجوا الجف ، فإذا فيه مشاطة رأسه وأسنان من مشطه ، وإذا فيه وتر معقود ، فيه اثنتا عشرة عقدة مغروزة بالإبر . فأنزل الله تعالى السورتين ، فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة ، ووجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خفة حين انحلت العقدة الأخيرة ، فقام كأنما نشط من عقال ، وجعل جبريل عليه السلام ، يقول : باسم الله أرقيك ، من كل شيء يؤذيك ، من حاسد وعين الله يشفيك . فقالوا : يا رسول الله ، أفلا نأخذ الخبيث نقتله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما أنا فقد شفاني الله ، وأكره أن يثير على الناس شرا " .

هكذا أورده بلا إسناد ، وفيه غرابة ، وفي بعضه نكارة شديدة ، ولبعضه شواهد مما تقدم ، والله أعلم .


تفسير الطبري :

فيه تسع مسائل: الأولى: ""روى النسائي عن عقبة بن عامر""، قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكب، فوضعت يدي على قدمه، فقلت : أقرئني سورة [هود] أقرئني سورة [يوسف]. فقال لي : (ولن تقرأ شيئا أبلغ عند الله من {قل أعوذ برب الفلق }). وعنه قال : بينا أنا أسير مع النبي صلى الله عليه وسلم بين الجحفة والأبواء، إذ غشتنا ريح مظلمة شديدة، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ بـ{أعوذ برب الفلق}، و{ أعوذ برب الناس }، ويقول : (يا عقبة، تعوذ بهما فما تعوذ متعوذ بمثلهما). قال : وسمعته يقرأ بهما في الصلاة. و""روى النسائي عن عبدالله"" قال : أصابنا طش وظلمة، فانتظرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج. ثم ذكر كلاما معناه : فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي بنا، فقال : قل. فقلت : ما أقول؟ قال : (قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي، وحين تصبح ثلاثا، يكفك كل شيء) وعن عقبة بن عامر الجهني قال : قال لي رسول الله صلىالله عليه وسلم : (قل). قلت : ما أقول؟ قال قل : (قل هو الله أحد. قل أعوذ برب الفلق. قل أعوذ برب الناس - فقرأهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال : لم يتعوذ الناس بمثلهن، أو لا يتعوذ الناس بمثلهن). وفي حديث ابن عباس {قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس،} هاتين السورتين ."" وفي صحيح البخاري ومسلم عن عائشة"" أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى قرأ على نفسه بالمعوذتين وينفث، كلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه، وأمسح عنه بيده، رجاء بركتها. النفث : النفخ ليس معه ريق. الثانية: ثبت في الصحيحين من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم سحره يهودي من يهود بني زريق، يقال له لبيد بن الأعصم، حتى يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء ولا يفعله، فمكث كذلك ما شاء الله أن يمكث - في غير الصحيح : سنة - ثم قال : (يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه. أتاني ملكان، فجلس أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي، فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي : ما شأن الرجل؟ قال : مطبوب. قال ومن طبه؟ قال لبيد بن الأعصم. قال في ماذا؟ قال في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر، تحت راعوفة في بئر ذي أوران) فجاء البئر واستخرجه. انتهى الصحيح. وقال ابن عباس : (أما شعرت يا عائشة أن الله تعالى أخبرني بدائي). ثم بعث عليا والزبير وعمار بن ياسر، فنزحوا ماء تلك البئر كأنه نقاعة الحناء، ثم رفعوا الصخرة وهي الراعوفة - صخرة تترك أسفل البئر يقوم عليها المائح، وأخرجوا الجف، فإذا مشاطة رأس إنسان، وأسنان من مشط، وإذا وتر معقود فيه إحدى عشرة عقدة مغرزة بالإبر، فأنزل الله تعالى هاتين السورتين، وهما إحدى عشرة آية على عدد تلك العقد، وأمر أن يتعوذ بهما؛ فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة، ووجد النبي صلى الله عليه وسلم خفة، حتى انحلت العقدة الأخيرة، فكأنما أنشط من عقال، وقال : ليس به بأس. وجعل جبريل يرقي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول : (باسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر حاسد وعين، والله يشفيك). فقالوا : يا رسول الله، ألا نقتل الخبيث. فقال : (أما أنا فقد شفاني الله، وأكره أن أثير على الناس شرا). وذكر القشيري في تفسيره أنه ورد في الصححاح : أن غلاما من اليهود كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فدست إليه اليهود، ولم يزالوا به حتى أخذ مشاطة رأس النبي صلى الله عليه وسلم. والمشاطة بضم الميم : ما يسقط من الشعر عند المشط. وأخذ عدة من أسنان مشطه، فأعطاها اليهود، فسحروه فيها، وكان الذي تولى ذلك لبيد بن الأعصم اليهودي. وذكر نحو ما تقدم عن ابن عباس. الثالثة: تقدم في [البقرة] القول في السحر وحقيقته، وما ينشأ عنه من الآلام والمفاسد، وحكم الساحر؛ فلا معنى لإعادته. الرابعة: قوله تعالى {الفلق} اختلف فيه؛ فقيل : سجن في جهنم؛ قال ابن عباس. وقال أبي بن كعب : بيت في جهنم إذا فتح صاح أهل النار من حره. وقال الحبلي أبو عبدالرحمن : هو اسم من أسماء جهنم. وقال الكلبي : واد في جهنم. وقال عبدالله بن عمر : شجرة في النار. سعيد بن جبير : جب في النار. النحاس : يقال لما اطمأن من الأرض فلق؛ فعلى هذا يصح هذا القول. وقال جابر بن عبدالله والحسن وسعيد بن جبير أيضا ومجاهد وقتادة والقرظي وابن زيد : الفلق، الصبح. وقال ابن عباس. تقول العرب : هو أبين من فلق الصبح وفرق الصبح. وقال الشاعر : يا ليلة لم أنمها بت مرتفقا ** أرعى النجوم إلى أن نور الفلق وقيل : الفلق : الجبال والصخور تنفرد بالمياه؛ أي تتشقق. وقيل : هو التفليق بين الجبال والصخور؛ لأنها تتشقق من خوف الله عز وجل. قال زهير : ما زلت أرمقهم حتى إذا هبطت ** أيدي الركاب بهم من راكس فلقا الراكس : بطن الوادي. وكذلك هو في قول النابغة : أتاني ودوني راكس فالضواجع والراكس أيضا : الهادي، وهو الثور وسط البيدر، تدور عليه الثيران في الدياسة. وقيل : الرحم تنفلق بالحيوان. وقيل : إنه كل ما انفلق عن جميع ما خلق من الحيوان والصبح والحب والنوى، وكل شيء من نبات وغيره؛ قاله الحسن وغيره. قال الضحاك : الفلق الخلق كله؛ قال : وسوس يدعو مخلصا رب الفلق ** سرا وقد أون تأوين العقق قلت : هذا القول يشهد له الاشتقاق؛ فإن الفلق الشق. فلقت الشيء فلقا أي شققته. والتفليق مثله. يقال : فلقته فانفلق وتفلق. فكل ما انفلق عن شيء من حيوان وصبح وحب ونوى وماء فهو فلق؛ قال اللة تعالى {فالق الإصباح}[الأنعام : 96] قال {فالق الحب والنوى}[الأنعام : 95]. وقال ذو الرمة يصف الثور الوحشي : حتى إذا ما انجلى عن وجهه فلق ** هاديه في أخريات الليل منتصب يعني بالفلق هنا : الصبح بعينه. والفلق أيضا : المطمئن من الأرض بين الربوتين، وجمعه : فلقان؛ مثل خلق وخلقان، وربما قال : كان ذلك بفالق كذا وكذا؛ يريدون المكان المنحدر بين الربوتين، والفلق أيضا مقطرة السجان. فأما الفلق بالكسر : فالداهية والأمر العجب؛ تقول منه : أفلق الرجل وافتلق. وشاعر مفلق، وقد جاء بالفلق أي بالداهية. والفلق أيضا : القضيب يشق باثنين، فيعمل منه قوسان، يقال لكل واحدة منهما فلق، وقولهم : جاء بعلق فلق؛ وهي الداهية؛ لا يجرى مجرى عمر. يقال منه : أعلقت وأفلقت؛ أي جئت بعلق فلق. ومر يفتلق في عدوه؛ أي يأتي بالعجب من شدته. وقوله تعالى {من شر ما خلق} قيل : هو إبليس وذريته. وقيل جهنم. وقيل : هوعام؛ أي من شر كل ذي شر خلقه الله عز وجل. الخامسة: قوله تعالى {ومن شر غاسق إذا وقب} اختلف فيه؛ فقيل : هو الليل. والغسق : أول ظلمة الليل؛ يقال منه : غسقا الليل يغسق أي أظلم. قال ابن قيس الرقيات : إن هذا الليل قد غسقا ** واشتكيت الهم والأرقا وقال آخر : يا طيف هند لقد أبقيت لي أرقا ** إذ جئتنا طارقا والليل قد غسقا هذا قول ابن عباس والضحاك وقتادة والسدي وغيرهم. و{وقب} على هذا التفسير : أظلم؛ قاله ابن عباس. والضحاك : دخل. قتادة : ذهب. يمان بن رئاب : سكن. وقيل : نزل؛ يقال : وقب العذاب على الكافرين؛ نزل. قال الشاعر : وقب العذاب عليهم فكأنهم ** لحقتهم نار السموم فاحصدوا وقال الزجاج : قيل الليل غاسق لأنه أبرد من النهار. والغاسق : البارد. والغسق : البرد؛ ولأن في الليل تخرج السباع من آجامها، والهوام من أماكنها، وينبعث أهل الشر على العبث والفساد. وقيل : الغاسق : الثريا؛ وذلك أنها إذا سقطت كثرت الأسقام والطواعين، وإذا طلعت ارتفع ذلك؛ قال عبدالرحمن بن زيد. وقيل : هو الشمس إذا غربت؛ قاله ابن شهاب. وقيل : هو القمر. قال القتبي {إذا وقب} القمر : إذا دخل في ساهوره، وهو كالغلاف له، وذلك إذا خسف به. وكل شيء أسود فهو غسق. وقال قتادة {إذا وقب} إذا غاب. وهو أصح؛ لأن في الترمذي عن عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى القمر، فقال : (يا عائشة، استعيذي بالله من شر هذا، فإن هذا هو الغاسق إذا وقب). قال أبو عيس : هذا حديث حسن صحيح. وقال أحمد بن يحيى ثعلب عن ابن الأعرابي في تأويل هذا الحديث : وذلك أن أهل الريب يتحينون وجبة القمر. وأنشد : أراحني الله من أشياء أكرهها ** منها العجوز ومنها الكلب والقمر هذا يبوح وهذا يستضاء به ** وهذه ضمرز قوامة السحر وقيل : الغاسق : الحية إذا لدغت. وكأن الغاسق نابها؛ لأن السم يغسق منه؛ أي يسيل. ووقب نابها : إذا دخل في اللديغ. وقيل : الغاسق : كل هاجم يضر، كائنا ما كان؛ من قولهم : غسقت القرحة : إذا جرى صديدها. السادسة: قوله تعالى: {ومن شر النفاثات في العقد} يعني الساحرات اللائي ينفثن في عقد الخيط حين يرقين عليها. شبه النفخ كما يعمل من يرقي. قال الشاعر : أعوذ بربي من النافثات ** في عضه العاضه المعضه وقال متمم بن نويرة : نفثت في الخيط شبيه الرقى ** من خشية الجنة والحاسد وقال عنترة : فإن يبرأ فلم أنفث عليه ** وإن يفقد فحق له الفقود و""روى النسائي عن أبي هريرة"" قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من عقد عقدة ثم نفث فيها، فقد سحر، ومن سحر فقد أشرك، ومن تعلق شيئا وكل إليه). واختلف في النفث عند الرقي فمنعه قوم، وأجازه آخرون. قال عكرمة : لا ينبغي للراقي أن ينفث، ولا يمسح ولا يعقد. قال إبراهيم : كانوا يكرهون النفث في الرقي. وقال بعضهم : دخلت، على الضحاك وهو وجع، فقلت : ألا أعوذك يا أبا محمد؟ قال : لا شيء من ذلك ولكن لا تنفث؛ فعوذته بالمعوذتين. وقال ابن جريج قلت لعطاء : القرآن ينفخ به أو ينفث؟ قال : لا شيء من ذلك ولكن تقرؤه هكذا. ثم قال بعد : انفث إن شئت. وسئل محمد بن سيرين عن الرقيه ينفث فيها، فقال : لا أعلم بها بأسا، وإذا اختلفوا فالحاكم بينهم السنة. روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث في الرقية؛ رواه الأئمة، وقد ذكرناه أول السورة وفي [الإسراء] . وعن محمد بن حاطب أن يده احترقت فأتت به أمه النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل ينفث عليها ويتكلم بكلام؛ زعم أنه لم يحفظه. وقال محمد بن الأشعث : ذهب بي إلى عائشة رضي الله عنها وفي عيني سوء، فرقتني ونفثت. وأما ما روي عن عكرمة من قوله : لا ينبغي للراقي أن ينفث، فكأنه ذهب فيه إلى أن الله تعالى جعل النفث في العقد مما يستعاذ به، فلا يكون بنفسه عوذة. وليس هذا هكذا؛ لأن النفث في العقد إذا كان مذموما لم يجب أن يكون النفث بلا عقد مذموما. ولأن النفث في العقد إنما أريد به السحر المضر بالأرواح، وهذا النفث لاستصلاح الأبدان، فلا يقاس ما ينفع بما يضر. وأما كراهة عكرمة المسح فخلاف السنة. قال علي رضي الله عنه : اشتكيت، فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أقول : اللهم إن كان أجلي قد حضر فأرحني، وإن كان متأخرا فاشفني وعافني، وإن كان بلاء فصبرني. فقال النبي صلى الله عليه وسلم (كيف قلت)؟ فقلت له : فمسحني بيده، ثم قال : (اللم اشفه) فما عاد ذلك الوجع بعد. وقرأ عبدالله بن عمرو وعبدالرحمن بن سابط وعيسى بن عمر ورويس عن يعقوب {من شر النافثات} في وزن (فاعلات). ورويت عن عبدالله بن القاسم مولى أبي بكر الصديق رضي الله عنهما. وروي أن نساء سحرن النبي صلى الله عليه وسلم في إحدى عشرة عقدة، فأنزل الله المعوذتين إحدى عشرة آية. قال ابن زيد : كن من اليهود؛ يعني السواحر المذكورات. وقيل : هن بنات لبيد بن الأعصم. الثامنة: قوله تعالى {ومن شر حاسد إذا حسد} قد تقدم في سورة [النساء] معنى الحسد، وأنه تمنى زوال نعمة المحسود وإن لم يصر للحاسد مثلها. والمنافسة هي تمني مثلها وإن لم تزل. فالحسد شر مذموم. والمنافسة مباحة وهي الغبطة. وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (المؤمن يغبط، والمنافق يحسد)."" وفي الصحيحين"" : (لا حسد إلا في اثنتين) يريد لا غبطة وقد مضى في سورة [النساء] والحمد لله. قلت : قال العلماء : الحاسد لايضر إلا اذا ظهر حسده بفعل أو قول، وذلك بأن يحمله الحسد على إيقاع الشر بالمحسود، فيتبع مساوئه، ويطلب عثراته. قال صلى الله عليه وسلم : (إذا حسدت فلا تبغ..) الحديث. وقد تقدم. والحسد أول ذنب عصي الله به في السماء، وأول ذنب عصي به في الأرض، فحسد إبليس آدم، وحسد قابيل هابيل. والحاسد ممقوت مبغوض مطرود ملعون ولقد أحسن من قال : قل للحسود إذا تنفس طعنة ** يا ظالما وكأنه مظلوم التاسعة: هذه سورة دالة على أن الله سبحانه خالق كل شر، وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يتعوذ من جميع الشرور. فقال {من شر ما خلق}. وجعل خاتمة ذلك الحسد، تنبيها على عظمه، وكثرة ضرره. والحاسد عدو نعمة الله. قال بعض الحكماء : بارز الحاسد ربه من خمسة أوجه : أحدها : أنه أبغض كل نعمة ظهرت على غيره. وثانيها : أنه ساخط لقسمة ربه، كأنه يقول : لم قسمت هذه القسمة؟ وثالثها : أنه ضاد فعل الله، أي إن فضل الله يؤتيه من يشاء، وهو يبخل بفضل الله. ورابعها : أنه خذل أولياء الله، أو يريد خذلانهم وزوال النعمة عنهم. وخامسها : أنه أعان عدوه إبليس. وقيل : الحاسد لا ينال في المجالس إلا ندامة، ولا ينال عند الملائكة إلا لعنة وبغضاء، ولا ينال في الخلوة إلا جزعا وغما، ولا ينال في الآخرة إلا حزنا واحتراقا، ولا ينال من الله إلا بعدا ومقتا. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (ثلاثة لا يستجاب دعاؤهم : آكل الحرام، ومكثر الغيبة، ومن كان في قلبه غل أو حسد للمسلمين). والله سبحانه وتعالى أعلم.

التفسير الميسّر:

ومن شر حاسد مبغض للناس إذا حسدهم على ما وهبهم الله من نعم، وأراد زوالها عنهم، وإيقاع الأذى بهم.

تفسير السعدي

{ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } والحاسد، هو الذي يحب زوال النعمة عن المحسود فيسعى في زوالها بما يقدر عليه من الأسباب، فاحتيج إلى الاستعاذة بالله من شره، وإبطال كيده، ويدخل في الحاسد العاين، لأنه لا تصدر العين إلا من حاسد شرير الطبع، خبيث النفس، فهذه السورة، تضمنت الاستعاذة من جميع أنواع الشرور، عمومًا وخصوصًا.

ودلت على أن السحر له حقيقة يخشى من ضرره، ويستعاذ بالله منه [ومن أهله].


تفسير البغوي

"ومن شر حاسد إذا حسد"، يعني اليهود فإنهم كانوا يحسدون النبي صلى الله عليه وسلم.


الإعراب:

(وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ) معطوف على ما قبله (إِذا) ظرف زمان (حَسَدَ) ماض فاعله مستتر والجملة في محل جر بالإضافة.

---

Traslation and Transliteration:

Wamin sharri hasidin itha hasada

بيانات السورة

اسم السورة سورة الفلق (Al-Falaq - The Daybreak)
ترتيبها 113
عدد آياتها 5
عدد كلماتها 23
عدد حروفها 71
معنى اسمها (الْفَلَقُ): الصُّبْحُ عِنْدَمَا يَنْشَقُّ مِن ظُلْمَةِ الْلَّيلِ
سبب تسميتها لِدِلَالَةِ (الْفَلَقِ) عَلَى مَعْنَى الْبِشَارَةِ وَالتَّفَاؤُلِ بِفَرَجِ اللهِ بَعْدَ ظُلْمَةِ الْمِحَنِ
أسماؤها الأخرى اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الْفَلَقِ)، وَتُسَمَّى (الْمُقَشْقِشَةَ)، وَتُسَمَّى مَعَ (الْإِخْلاصِ) وَ(النَّاسِ) بِالمُعَوِّذَاتِ
مقاصدها الْلُّجُوءُ إِلَى اللهَ وَالْاسْتِعَاذَةُ بِهِ مِنَ الْأَشْرَارِ وَالفُجَّارِ وَأَفْعَالِهِمُ الْخَبِيثَةِ
أسباب نزولها سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، فَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: «سَحَرَ النَّبِيَّ ﷺ رَجُلٌ مِنَ الْيَهودِ، فَاشْتَكَى، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَنَزَلَ عَلَيْهِ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ...». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ ابْنُ حمَيدٍ فِي الْمُنْتَخَبِ)
فضلها هِيَ شِفَاءٌ، عَنْ عَائَشَةَ رضي الله عنها أنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ علَى نَفْسِهِ بالمُعَوِّذَاتِ، وَيَنْفُثُ، فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيهِ، وَأَمْسَحُ عنْه بيَدِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا. (رَوَاهُ البُخَارِيّ). مِنْ أَقْوَى المُحَصِّنَاتِ، عَن عَائِشَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا آوَى إِلَى فِراشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرَأَ فِيهِمَا: ﴿قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ﴾ و ﴿قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلۡفَلَقِ﴾ و ﴿قُلۡ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ﴾ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِن جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بهِمَا عَلَى رَأْسِهِ ووَجْهِهِ وَمَا أقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذلكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. (رَوَاهُ البُخَارِيّ)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ سُوْرَةِ (الفَلَقِ) لِمَا قَبْلَهَا مِنْ سُوْرَةِ (الإخْلَاصِ):(الإِخلَاصُ) مُقَدِّمَةٌ مُهِمَّةٌ لِسُورَتَي (الْفَلَقِ وَالنَّاسِ) لِلاسْتِعَاذَةِ بِهِ سُبْحَانَهُ مِنْ كُلِّ شَرٍّ وَمُصِيبَةٍ
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


Bazı içeriklerin Arapçadan Yarı Otomatik olarak çevrildiğini lütfen unutmayın!