المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الإخلاص: [الآية 1]
سورة الإخلاص | ||
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3)
[ " لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ " الآية :]
-الوجه الأول -فنفى الوالد والولد
- الوجه الثاني -من قوله تعالى «لَمْ يَلِدْ» فيه تنزيه الذات ، فلا يصح أن يكون علة لمعلول ، ولا شرطا لمشروط ، ولا حقيقة لمحقق ، ولا دليلا لمدلول ، ولا سيما وقد قال سبحانه «لَمْ يَلِدْ» مطلقا وما قيد ، فلو كان حقيقة لولد محققا ،
ولو كان دليلا لولد مدلولا ، ولو كان علة لولد معلولا ، ولو كان شرطا لولد مشروطا «وَلَمْ يُولَدْ» فهو تعالى منزه عن أن يكون وجوده معلولا لعلة تتقدمه في الرتبة ، أو مشروطا بشرط متقدم ، أو محققا لحقيقة حاكمة ، أو مدلولا لدليل يربطه به وجه الدليل ،
فهو تعالى عن المناسبة ، فالمناسبة بين الخلق والحق غير معقولة ولا موجودة ، فلا يكون عنه شيء من حيث ذاته ، ولا يكون عن شيء من حيث ذاته ، وكل ما دل عليه الشرع أو اتخذه العقل دليلا إنما متعلقة الألوهة لا الذات ،
واللّه من كونه إلها هو الذي يستند إليه الممكن لإمكانه ، فهو سبحانه المستند المجهول ، الذي لا تدركه العقول ، ولا تفصل إجماله الفصول ،
ولو وقف العاقل من المؤمنين على معنى قوله تعالى في كتابه «وَلَمْ يُولَدْ» وعلم أن ما أنتجه العقل من فكره بتركيب مقدمتيه أن تلك النتيجة للعقل عليها ولادة ،
وأنها مولودة عنه ، وهو قد نفى أن يولد ، فأين الإيمان ؟
وليس المولود إلا عينه ، بخلاف ما إذا أنتج العقل نسبة الأحدية له ، فما معقولية الأحدية للواحد عين من نسبت إليه الأحدية ، فللعقل على الأحدية ولادة ، وعلى الاستناد إليه ولادة ، وعلى كل لا يكون له على عينه ولادة ، فأما هويته وحقيقته فما للعقل عليها ولادة ، وقد نفى ذلك بقوله «وَلَمْ يُولَدْ» ومن هنا تعرف أن كل عاقل له في ذات اللّه مقالة إنما عبد ما ولده عقله ، فإن كان مؤمنا كان طعنا في إيمانه ، وإن لم يكن مؤمنا فيكفيه أنه ليس بمؤمن ، ولا سيما بعد بعثة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم العامة ، وبلوغها إلى جميع الآفاق :
إنما اللّه إله واحد *** ودليلي قل هو اللّه أحد
فإذا ما تهت في أسمائه *** فاعلم أن التيه من أجل العدد
يرجع الكل إليه كلما *** قرأ القارئ اللّه الصمد
لم يلد حقا ولم يولد ولم *** يك كفوا للإله من أحد
فيحار العقل فيه عندما *** يغلب الوهم عليه بالمدد
ثم يأتيه مشدا أزل *** جاء في الشرع ويتلوه أبد
وبنا كان له الحكم به *** فإذا زلنا فكون ينفرد
فالحق تعالى له الوحدة المطلقة ، وهو الواحد الأحد ، اللّه الصمد ، لم يلد فيكون مقدمة ، ولم يولد فيكون نتيجة ، فإنه لو أن العقل يدرك الحق حقيقة بنظره ودليله ويعرف ذاته لكان مولدا عن عقله بنظره ، فلم يولد سبحانه للعقول كما لم يولد في الوجود ، ولم يلد بإيجاده الخلق لأن وجود الخلق لا مناسبة بينه وبين وجود الحق ، والمناسبة تعقل بين الوالد والولد ، إذ كل مقدمة لا تنتج غير مناسبها ، ولا مناسبة بين اللّه وبين خلقه إلا افتقار الخلق إليه في إيجادهم ، وهو الغني عن العالمين .
لذا منع الرحمن في وحيه على *** لسان رسول اللّه في ذاته النظر
فقال ولا تقف الذي لست عالما *** به فيكون الناظرون على خطر
فلم يولد الرحمن علما ولم يلد *** وجودا فحقق من نهاك ومن أمر
فقوله تعالى «لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ» تنزيه الذات ، فلا تتعلق ولا يتعلق بها ، ولذلك قال تعالى :
[سورة الإخلاص (112) : آية 4]
وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (4)
[ «وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ» الآية : ]
فيكون به وجود العالم نتيجة عن مقدمتين ، عن الحق والكفوء ، تعالى اللّه ، وبهذا وصف نفسه سبحانه في كتابه لما سئل النبي صلّى اللّه عليه وسلّم عن صفة ربه ، فنزلت سورة الإخلاص تخلصت من الاشتراك مع غيره تعالى اللّه في تلك النعوت المقدسة والأوصاف
- الوجه الثاني - «وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ» فنفى الصاحبة كما نفى الشريك بقوله (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا) فنفى المماثل الذي لو ثبت صح أن يكون العالم بينهما ،
فما هو لنا أب ولا نحن أبناء له ، بل هو الرب ونحن العبيد ، فيطلبنا عبيدا ونطلبه سيدا ،
وربما يتوهم من لا معرفة له بالحقائق أنه لو وجدت الكفاءة جاز وقوع الولد بوجود الصاحبة التي هي كفؤ ، فليعلم أن الكفاءة مشروعة لا معقولة ،
والشرع إنما لزمها من الطرف الواحد لا من الطرفين ، فمنع المرأة أن تنكح ما ليس لها بكفء ، ولم يمنع الرجل أن ينكح ما ليس بكفء له ، ولهذا له أن ينكح أمته بملك اليمين ، وليس للمرأة أن ينكحها عبدها ، والحق ليس
ص556
بمخلوق ، وهو الوالد لو كان له ولد ، والكفاءة من جهة الصاحبة لا تلزم ، فارتفع المانع لوجود الولد لعدم الكفاءة ، بل لما تستحقه الذات من ارتفاع النسب والنسب ، ولما تستحقه أحدية الألوهية ، إذ الولد شبيه بأبيه ، وبهذا يبطل مفهوم من حمل (مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً) على جواز ذلك إذا كان متخذا ، وكان المفهوم منه نفي الكفء والمثل ما ذكرناه ،
وهذه السورة اختارها الحق تعالى لأنها مخصوصة به ، ليس فيها ذكر كون من الأكوان ، إلا أحدية كل أحد أنها لا تشبه أحديته تعالى خاصة ، فافتتح السورة بأحديته وختمها بأحدية المخلوقين ،
فأعلم أن الكائنات مرتبطة به ارتباط الآخر بالأول لا ارتباط الأول بالآخر ، فإن الآخر يطلب الأول والأول لا يطلب الآخر ، فهو الغني عن العالمين من ذاته ، ويطلب الآخر من مسمى اللّه المنعوت بالأحدية ،
وهذه هي الأحدية المتأخرة التي هي مع ارتباطها بالأول لا تماثلها ، لكونها تطلبه ولا يطلبها (أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) ولذلك سميت هذه السورة بسورة الإخلاص ، فإنها كلها نسب اللّه وصفته ، وهي عين مجموع العالم ،
وإن العالم مع كونه هو الحق المبين من حيث مجموعه لا من حيث جزء جزء منه ، تخلص النسب للّه من حيث ذاته ، فهذا المجموع هو في الحق عين واحدة ، وهو في العالم عين الحق المبين ، فهذه السورة خلصت الحق من التشبيه كما خلصته من التنزيه ،
فإن سر الإخلاص هو سر القدر الذي أخفى اللّه علمه عن العالم ، لا بل عن أكثر العالم ،
فميز الأشياء بحدودها ، فهذا معنى سر القدر ، فإنه التوقيف عينه ، وبه تميزت الأشياء ، وبه تميز الخالق من المخلوق ، والمحدث من القديم ، فتميز المحدث بنعت ثابت يعلم ويشهد ، وما تميز القديم من المحدث بنعت ثبوتي يعلم ، بل تميز بسلب ما تميز به المحدث عنه لا غير ، فهو المعلوم سبحانه المجهول ، فلا يعلم إلا هو ، ولا يجهل إلا هو ، فسبحان من كان العلم به عين الجهل به ، وكان الجهل به عين العلم به ، وأعظم من هذا التمييز لا يكون ،
ولا أوضح منه لمن عقل واستبصر ، ولذلك لما قالت طائفة من الأمة اليهودية لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم [ انسب لنا ربك ] فنسبه لمجموع العالم بما نزل عليه من اللّه تعالى في ذلك ،
فقيل له «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» فنعته بالأحدية ، ولكل جزء من العالم أحدية تخصه لا يشارك فيها ، بها يتميز ويتعين عن كل ما سواه مع ما له من صفات الاشتراك ، ثم قيل له «اللَّهُ الصَّمَدُ» وهو الذي يصمد إليه في الأمور : أي يلجأ ، والأسباب الموضوعة كلها في العالم يلجأ إليها ، ولهذا سميت
أسبابا لتوصل مسبباتها إلى الصمد الأول الذي إليه تلجأ الأسباب «لَمْ يَلِدْ» إذ العقيم الذي لا يولد له ، وبهذه الصفة نعت الريح العقيم ، لأنه من الرياح ما هي لواقح ومنها ما هي عقيم «وَلَمْ يُولَدْ» آدم عليه السلام ، فإن الولادة معلومة عند السائلين ، فخوطبوا بما هو معلوم عندهم «وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ» أراد بالكفو هنا الصاحبة ،
لأجل مقال من قال إن (الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ) و (عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ) والكفاءة المثل ،
والمرأة لا تماثل الرجل أبدا ، فإن اللّه يقول (وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) فليست له بكفو ، فإن المنفعل ما هو كفو لفاعله ،
والعالم منفعل عن اللّه فما هو كفو للّه ، وحواء منفعلة عن آدم ، فله عليها درجة الفاعلية فليست له بكفو من هذا الوجه ، ولذلك سميت هذه السورة سورة الإخلاص ،
أي خلص الحق للعالم من التنزيه الذي يبرهن عليه العقل ، وخلصه من العالم بمجموع هذه الصفات في عين واحدة ، وهي أعني هذه الصفات مفرقة في العالم لا يجمعها عين واحد ، فإن آدم عليه السلام أكمل صورة ظهرت في العالم ومع هذا نقصه «لَمْ يَلِدْ» فإنه أحد صمد لم يولد ولم تكن له حواء كفوا ،
فخلصت هذه السورة الحق من التشبيه كما خلصته من التنزيه ، فالحمد للّه العظيم جلاله لظهور جماله ، القريب في دنوه ، الرقيب في سموه ، ذو العزة والسناء ، والعظمة والكبرياء ، الذي جلت ذاته أن تشبه الذوات ، وتعالت عن الحركات والسكنات ، والحيرة والالتفات ، وعن درك الإشارات والعبارات ، كما جلت عن التكييف والحدود ، وعن النزول بالحركة والصعود ، وعن الاستواء المماس للمستوى عليه والقعود ، وعن الهرولة لطلب المقصود ، وعن التبشش المعهود ، للقاء المفقود ، إذا صح منه المقصود ، كما جلت أن تفصّل أو تجمل ، أو يقوم بها ملل ، أو تتغير باختلاف الملل ، أو تلتذ أو تتألم بالعمل ، أو توصف بغير الأزل ، كما جلت عن التحيز والانقسام ، أو يجوز عليها ما تتصف به الأجسام ، أو تحيط بكنه حقيقتها الأفهام ، أو تكون كما تكيّفها الأوهام ،
أو تدرك على ما هي عليه في اليقظة أو المنام ، أو تتقيد بالأماكن والأيام ، أو يكون استمرار وجودها بمرور الشهور عليها أو الأعوام ، أو يكون لها الفوق أو التحت أو اليمين أو الشمال أو الخلف أو الأمام ، أو تضبط جلالها النهى أو الأحلام ، كما جلت أن تدركها العقول بأفكارها ، أو أرباب المكاشفات بأذكارها ، أو حقائق العارفين بأسرارها ، والوجوه بأبصارها ، على ما يعطيه جلال مقدارها ، لأنها جلّت عن القصر خلف حجبها وأستارها ، فهي لا تدرك في
غير أنوارها ، كما جلت أن تكون على صورة الإنسان ، أو تفقد من وجود الأعيان ، أو ترجع إليها حالة لم تكن عليها من خلقها الأكوان ، أو تكون في تقييد ظرفية السوداء الخرساء وإن ثبت لها بها الإيمان ، أو تتحيز بكونها تتجلى في العيان ، أو ينطلق عليها الماضي أو المستقبل أو الآن ، كما جلت أن تقوم بها الحواس ، أو يقوم بها الشك والالتباس ، أو تدرك بالمثال أو القياس ، أو تتنوع كالأجناس ، أو يوجد العالم طلبا للإيناس ، أو يكون ثالث ثلاثة للجلّاس ، كما جلت عن الصاحبة والولد ، أو يكون لها كفؤا أحد ، أو يسبق وجودها عدم ، أو توصف بجارحة اليد الذراع والقدم ، أو يكون معها غيرها في القدم ، كما جلت عن الضحك والفرح المعهودين بتوبة العباد ، وعن الغضب والتعجب المعتاد ، وعن التحول في الصور ، كما يكون في البشر ، فسبحانه من عزيز في كبريائه ، وعظيم في بهائه ، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
(113) سورة الفلق مكيّة
------------
(3) الفتوحات ج 3 / 34 - ج 2 / 580 - ج 3 / 310 ، 465 - ج 1 / 291 ، 415 - ج 3 / 371 - ج 1 / 415تفسير ابن كثير:
تفسير سورة الإخلاص وهي مكية .
ذكر سبب نزولها وفضيلتها
قال الإمام أحمد : حدثنا أبو سعد محمد بن ميسر الصاغاني ، حدثنا أبو جعفر الرازي ، حدثنا الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، عن أبي بن كعب : أن المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : يا محمد ، انسب لنا ربك . فأنزل الله : " قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد " .
وكذا رواه الترمذي وابن جرير ، عن أحمد بن منيع - زاد ابن جرير : ومحمود بن خداش - عن أبي سعد محمد بن ميسر به - زاد ابن جرير والترمذي - قال : " الصمد " الذي لم يلد ولم يولد ، لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت ، وليس شيء يموت إلا سيورث ، وإن الله جل جلاله لا يموت ولا يورث ، " ولم يكن له كفوا أحد " ولم يكن له شبه ولا عدل ، وليس كمثله شيء .
ورواه ابن أبي حاتم ، من حديث أبي سعد محمد بن ميسر به . ثم رواه الترمذي ، عن عبد بن حميد ، عن عبيد الله بن موسى ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، فذكره مرسلا ولم يذكر " أخبرنا " . ثم قال الترمذي : هذا أصح من حديث أبي سعد .
حديث آخر في معناه : قال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا سريج بن يونس ، حدثنا إسماعيل بن مجالد ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن جابر : أن أعرابيا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : انسب لنا ربك . فأنزل الله عز وجل : " قل هو الله أحد " إلى آخرها . إسناده مقارب .
وقد رواه ابن جرير ، عن محمد بن عوف ، عن سريج فذكره . وقد أرسله غير واحد من السلف .
وروى عبيد بن إسحاق العطار ، عن قيس بن الربيع ، عن عاصم ، عن أبي وائل ، عن ابن مسعود قال : قالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم : انسب لنا ربك ، فنزلت هذه السورة : " قل هو الله أحد "
قال الطبراني : رواه الفريابي وغيره ، عن قيس ، عن أبي عاصم ، عن أبي وائل ، مرسلا .
ثم روى الطبراني من حديث عبد الرحمن بن عثمان الطائفي ، عن الوازع بن نافع ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لكل شيء نسبة ، ونسبة الله : " قل هو الله أحد الله الصمد " والصمد ليس بأجوف ] .
حديث آخر في فضلها : قال البخاري : حدثنا محمد - هو الذهلي - ، حدثنا أحمد بن صالح ، حدثنا ابن وهب ، أخبرنا عمرو ، عن ابن أبي هلال : أن أبا الرجال محمد بن عبد الرحمن حدثه ، عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن - وكانت في حجر عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم - عن عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية ، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم ، فيختم ب " قل هو الله أحد " فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " سلوه : لأي شيء يصنع ذلك ؟ " . فسألوه ، فقال : لأنها صفة الرحمن ، وأنا أحب أن أقرأ بها . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أخبروه أن الله تعالى يحبه " .
هكذا رواه في كتاب " التوحيد " . ومنهم من يسقط ذكر " محمد الذهلي " . ويجعله من روايته عن أحمد بن صالح . وقد رواه مسلم والنسائي أيضا من حديث عبد الله بن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال به .
حديث آخر : قال البخاري في كتاب الصلاة : " وقال عبيد الله ، عن ثابت عن أنس قال : كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء ، فكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح ب " قل هو الله أحد " حتى يفرغ منها ، ثم يقرأ سورة أخرى معها ، وكان يصنع ذلك في كل ركعة . فكلمه أصحابه فقالوا : إنك تفتتح بهذه السورة ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بالأخرى ، فإما أن تقرأ بها ، وإما أن تدعها وتقرأ بأخرى . فقال : ما أنا بتاركها ، إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت ، وإن كرهتم تركتكم . وكانوا يرون أنه من أفضلهم ، وكرهوا أن يؤمهم غيره . فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر ، فقال : " يا فلان ، ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك ، وما حملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة ؟ " . قال : إني أحبها . قال : " حبك إياها أدخلك الجنة " .
هكذا رواه البخاري تعليقا مجزوما به . وقد رواه أبو عيسى الترمذي في جامعه ، عن البخاري ، عن إسماعيل بن أبي أويس ، عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، عن عبيد الله بن عمر ، فذكر بإسناده مثله سواء . ثم قال الترمذي : غريب من حديث عبيد الله ، عن ثابت . قال : وروى مبارك بن فضالة ، عن ثابت عن أنس أن رجلا قال : يا رسول الله ، إني أحب هذه السورة : " قل هو الله أحد " قال : " إن حبك إياها أدخلك الجنة " .
وهذا الذي علقه الترمذي قد رواه الإمام أحمد في مسنده متصلا فقال :
حدثنا أبو النضر ، حدثنا مبارك بن فضالة ، عن ثابت ، عن أنس قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني أحب هذه السورة : " قل هو الله أحد " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حبك إياها أدخلك الجنة " .
حديث في كونها تعدل ثلث القرآن : قال البخاري : حدثنا إسماعيل ، حدثني مالك ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة ، عن أبيه ، عن أبي سعيد . أن رجلا سمع رجلا يقرأ : " قل هو الله أحد " يرددها ، فلما أصبح جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر ذلك له ، وكأن الرجل يتقالها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده ، إنها لتعدل ثلث القرآن " . زاد إسماعيل بن جعفر ، عن مالك ، عن عبد الرحمن بن عبد الله ، عن أبيه ، عن أبي سعيد قال : أخبرني أخي قتادة بن النعمان ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وقد رواه البخاري أيضا عن عبد الله بن يوسف والقعنبي . ورواه أبو داود ، عن القعنبي . والنسائي ، عن قتيبة ، كلهم عن مالك به . وحديث قتادة بن النعمان أسنده النسائي من طريقين ، عن إسماعيل بن جعفر ، عن مالك به .
حديث آخر : قال البخاري : حدثنا عمر بن حفص ، حدثنا أبي ، حدثنا الأعمش ، حدثنا إبراهيم والضحاك المشرقي ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : " أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة ؟ " . فشق ذلك عليهم وقالوا : أينا يطيق ذلك يا رسول الله ؟ فقال : " الله الواحد الصمد ثلث القرآن " .
تفرد بإخراجه البخاري من حديث إبراهيم بن يزيد النخعي والضحاك بن شرحبيل الهمداني المشرقي ، كلاهما عن أبي سعيد ، قال القربري : سمعت أبا جعفر محمد بن أبي حاتم وراق أبي عبد الله قال : قال أبو عبد الله البخاري : عن إبراهيم مرسل ، وعن الضحاك مسند .
حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن إسحاق ، حدثنا ابن لهيعة ، عن الحارث بن يزيد ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد الخدري قال : بات قتادة بن النعمان يقرأ الليل كله ب " قل هو الله أحد " فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " والذي نفسي بيده ، لتعدل نصف القرآن ، أو ثلثه " .
حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا حيي بن عبد الله ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو : أن أبا أيوب الأنصاري كان في مجلس وهو يقول : ألا يستطيع أحدكم أن يقوم بثلث القرآن كل ليلة ؟ فقالوا : وهل يستطيع ذلك أحد ؟ قال : فإن " قل هو الله أحد " ثلث القرآن . قال : فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وهو يسمع أبا أيوب ، فقال : " صدق أبو أيوب " .
حديث آخر : قال أبو عيسى الترمذي : حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا يزيد بن كيسان ، أخبرني أبو حازم ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " احشدوا ، فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن " . فحشد من حشد ، ثم خرج نبي الله صلى الله عليه وسلم فقرأ : " قل هو الله أحد " ثم دخل فقال بعضنا لبعض : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن " . إني لأرى هذا خبرا جاء من السماء ، ثم خرج نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال : " إني قلت : سأقرأ عليكم ثلث القرآن ، ألا وإنها تعدل ثلث القرآن " .
وهكذا رواه مسلم في صحيحه ، عن محمد بن بشار به ، وقال الترمذي : حسن صحيح غريب ، واسم أبي حازم سلمان .
حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن زائدة بن قدامة ، عن منصور ، عن هلال بن يساف ، عن الربيع بن خثيم ، عن عمرو بن ميمون ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن امرأة من الأنصار ، عن أبي أيوب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة ؟ فإنه من قرأ : " قل هو الله أحد الله الصمد " في ليلة ، فقد قرأ ليلتئذ ثلث القرآن " .
هذا حديث تساعي الإسناد للإمام أحمد . ورواه الترمذي والنسائي ، كلاهما عن محمد بن بشار بندار - زاد الترمذي وقتيبة - كلاهما عن عبد الرحمن بن مهدي به . فصار لهما عشاريا . وفي رواية الترمذي : " عن امرأة أبى أيوب ، عن أبي أيوب " ، به [ وحسنه ] . ثم قال : وفي الباب عن أبي الدرداء وأبي سعيد وقتادة بن النعمان وأبي هريرة وأنس وابن عمر وأبي مسعود . وهذا حديث حسن ، ولا نعلم أحدا روى هذا الحديث أحسن من رواية " زائدة " . وتابعه على روايته إسرائيل والفضيل بن عياض . وقد روى شعبة وغير واحد من الثقات هذا الحديث عن منصور واضطربوا فيه .
حديث آخر : قال أحمد : حدثنا هشيم ، عن حصين ، عن هلال بن يساف ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبي بن كعب - أو : رجل من الأنصار - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ ب " قل هو الله أحد " فكأنما قرأ بثلث القرآن " .
ورواه النسائي في " اليوم والليلة " ، من حديث هشيم ، عن حصين ، عن ابن أبي ليلى به . ولم يقع في روايته : هلال بن يساف .
حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن أبي قيس ، عن عمرو بن ميمون ، عن أبي مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " قل هو الله أحد " تعدل ثلث القرآن " .
وهكذا رواه ابن ماجه ، عن علي بن محمد الطنافسي ، عن وكيع به . ورواه النسائي في " اليوم والليلة " من طرق أخر ، عن عمرو بن ميمون ، مرفوعا وموقوفا .
حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا بهز ، حدثنا بكير بن أبي السميط ، حدثنا قتادة ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن معدان بن أبي طلحة ، عن أبي الدرداء ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أيعجز أحدكم أن يقرأ كل يوم ثلث القرآن ؟ " . قالوا : نعم يا رسول الله ، نحن أضعف من ذلك وأعجز . قال : " فإن الله جزأ القرآن ثلاثة أجزاء ، ف " قل هو الله أحد " ثلث القرآن " .
ورواه مسلم والنسائي من حديث قتادة به .
حديث آخر : قال الإمام أحمد : حدثنا أمية بن خالد ، حدثنا محمد بن عبد الله بن مسلم - ابن أخي ابن شهاب - عن عمه الزهري ، عن حميد بن عبد الرحمن - هو ابن عوف - عن أمه - وهي : أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط - قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " قل هو الله أحد " تعدل ثلث القرآن " .
وكذا رواه النسائي في " اليوم والليلة " ، عن عمرو بن علي ، عن أمية بن خالد به . ثم رواه من طريق مالك ، عن الزهري ، عن حميد بن عبد الرحمن ، قوله . ورواه النسائي أيضا في " اليوم والليلة " من حديث محمد بن إسحاق ، عن الحارث بن الفضيل الأنصاري ، عن الزهري ، عن حميد بن عبد الرحمن : أن نفرا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حدثوه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " قل هو الله أحد " تعدل ثلث القرآن لمن صلى بها " .
حديث آخر في كون قراءتها توجب الجنة : قال الإمام مالك بن أنس ، عن عبيد الله بن عبد الرحمن ، عن عبيد بن حنين قال : سمعت أبا هريرة يقول : أقبلت مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فسمع رجلا يقرأ " قل هو الله أحد " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وجبت " . قلت : وما وجبت ؟ قال : " الجنة " .
ورواه الترمذي والنسائي من حديث مالك . وقال الترمذي : حسن صحيح غريب ، لا نعرفه إلا من حديث مالك .
وتقدم حديث : " حبك إياها أدخلك الجنة " .
حديث في تكرار قراءتها : قال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا قطن بن نسير ، حدثنا عيسى بن ميمون القرشي ، حدثنا يزيد الرقاشي ، عن أنس قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أما يستطيع أحدكم أن يقرأ : " قل هو الله أحد " ثلاث مرات في ليلة ، فإنها تعدل ثلث القرآن ؟ "
هذا إسناد ضعيف ، وأجود منه حديث آخر ، قال عبد الله بن الإمام أحمد :
حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، حدثنا الضحاك بن مخلد ، حدثنا ابن أبي ذئب ، عن أسيد بن أبي أسيد ، عن معاذ بن عبد الله بن خبيب ، عن أبيه قال : أصابنا طش وظلمة ، فانتظرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا ، فخرج فأخذ بيدي ، فقال : " قل " . فسكت . قال : " قل " . قلت : ما أقول ؟ قال : " " قل هو الله أحد " والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثا ، تكفك كل يوم مرتين " .
ورواه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث ابن أبي ذئب به . وقال الترمذي : حسن صحيح غريب من هذا الوجه . وقد رواه النسائي من طريق أخرى ، عن معاذ بن عبد الله بن خبيب ، عن أبيه ، عن عقبة بن عامر ، فذكره [ ولفظه : " يكفك كل شيء " ] .
حديث آخر في ذلك : قال الإمام أحمد : حدثنا إسحاق بن عيسى ، حدثنا ليث بن سعد ، حدثني الخليل بن مرة ، عن الأزهر بن عبد الله ، عن تميم الداري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قال : لا إله إلا الله واحدا أحدا صمدا ، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، ولم يكن له كفوا أحد ، عشر مرات ، كتب له أربعون ألف ألف حسنة " .
تفرد به أحمد والخليل بن مرة : ضعفه البخاري وغيره بمرة .
حديث آخر : قال أحمد أيضا : حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا زبان بن فائد ، عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني ، عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من قرأ " قل هو الله أحد " حتى يختمها ، عشر مرات ، بنى الله له قصرا في الجنة " . فقال عمر : إذن نستكثر يا رسول الله . فقال صلى الله عليه وسلم : " الله أكثر وأطيب " . تفرد به أحمد .
ورواه أبو محمد الدارمي في مسنده فقال : حدثنا عبد الله بن يزيد ، حدثنا حيوة ، حدثنا أبو عقيل زهرة بن معبد - قال الدارمي : وكان من الأبدال - أنه سمع سعيد بن المسيب يقول : إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : " من قرأ " قل هو الله أحد " عشر مرات ، بنى الله له قصرا في الجنة ، ومن قرأها عشرين مرة بنى الله له قصرين في الجنة ، ومن قرأها ثلاثين مرة بنى الله له ثلاثة قصور في الجنة " . فقال عمر بن الخطاب : إذا لتكثر قصورنا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الله أوسع من ذلك " . وهذا مرسل جيد .
حديث آخر : قال الحافظ أبو يعلى : حدثنا نصر بن علي ، حدثني نوح بن قيس ، أخبرني محمد العطار ، أخبرتني أم كثير الأنصارية ، عن أنس بن مالك ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من قرأ " قل هو الله أحد " خمسين مرة غفرت له ذنوب خمسين سنة " إسناده ضعيف .
حديث آخر : قال أبو يعلى : حدثنا أبو الربيع ، حدثنا حاتم بن ميمون ، حدثنا ثابت ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ في يوم : " قل هو الله أحد " مائتي مرة ، كتب الله له ألفا وخمسمائة حسنة إلا أن يكون عليه دين " . إسناده ضعيف حاتم بن ميمون : ضعفه البخاري وغيره . ورواه الترمذي ، عن محمد بن مرزوق البصري ، عن حاتم بن ميمون به . ولفظه : " من قرأ كل يوم ، مائتي مرة : " قل هو الله أحد " محي عنه ذنوب خمسين سنة ، إلا أن يكون عليه دين " .
قال الترمذي : وبهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أراد أن ينام على فراشه ، فنام على يمينه ، ثم قرأ : " قل هو الله أحد " مائة مرة ، فإذا كان يوم القيامة يقول له الرب عز وجل : يا عبدي ، ادخل على يمينك الجنة " . ثم قال : غريب من حديث ثابت وقد روي من غير هذا الوجه ، عنه .
وقال أبو بكر البزار : حدثنا سهل بن بحر ، حدثنا حبان بن أغلب ، حدثنا أبي ، حدثنا ثابت ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ : " قل هو الله أحد " مائتي مرة ، حط الله عنه ذنوب مائتي سنة " . ثم قال : لا نعلم رواه عن ثابت إلا الحسن بن أبي جعفر والأغلب بن تميم ، وهما متقاربان في سوء الحفظ .
حديث آخر في الدعاء بما تضمنته من الأسماء : قال النسائي عند تفسيرها : حدثنا عبد الرحمن بن خالد ، حدثنا زيد بن الحباب ، حدثني مالك بن مغول ، حدثنا عبد الله بن بريدة ، عن أبيه : أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد فإذا رجل يصلي ، يدعو يقول : اللهم ، إني أسألك بأني أشهد أن لا إله إلا أنت ، الأحد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد . قال : " والذي نفسي بيده ، لقد سأله باسمه الأعظم ، الذي إذا سئل به أعطى ، وإذا دعي به أجاب " .
وقد أخرجه بقية أصحاب السنن من طرق ، عن مالك بن مغول ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه ، به . وقال الترمذي : حسن غريب .
حديث آخر في قراءتها عشر مرات بعد المكتوبة : قال الحافظ أبو يعلى [ الموصلي ] : حدثنا عبد الأعلى ، حدثنا بشر بن منصور ، عن عمر بن نبهان ، عن أبي شداد ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاث من جاء بهن مع الإيمان دخل من أي أبواب الجنة شاء ، وزوج من الحور العين حيث شاء : من عفا عن قاتله ، وأدى دينا خفيا ، وقرأ في دبر كل صلاة مكتوبة عشر مرات : " قل هو الله أحد " . قال : فقال أبو بكر : أو إحداهن يا رسول الله ؟ قال : " أو إحداهن "
حديث في قراءتها عند دخول المنزل : قال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا محمد بن عبد الله بن بكر السراج العسكري ، حدثنا محمد بن الفرج ، حدثنا محمد بن الزبرقان ، عن مروان بن سالم ، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير ، عن جرير بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ : " قل هو الله أحد " حين يدخل منزله ، نفت الفقر عن أهل ذلك المنزل والجيران " . إسناده ضعيف .
حديث في الإكثار من قراءتها في سائر الأحوال : قال الحافظ أبو يعلى : حدثنا محمد بن إسحاق المسيبي ، حدثنا يزيد بن هارون ، عن العلاء بن محمد الثقفي قال : سمعت أنس بن مالك يقول : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك فطلعت الشمس بضياء وشعاع ونور لم نرها طلعت فيما مضى بمثله ، فأتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا جبريل ، ما لي أرى الشمس طلعت اليوم بضياء ونور وشعاع لم أرها طلعت بمثله فيما مضى ؟ " . قال : إن ذلك معاوية بن معاوية الليثي ، مات بالمدينة اليوم ، فبعث الله إليه سبعين ألف ملك يصلون عليه . قال : " وفيم ذلك ؟ " قال : كان يكثر قراءة : " قل هو الله أحد " في الليل وفي النهار ، وفي ممشاه وقيامه وقعوده ، فهل لك يا رسول الله أن أقبض لك الأرض فتصلي عليه ؟ قال : " نعم " . فصلى عليه .
وكذا رواه الحافظ أبو بكر البيهقي في [ كتاب ] دلائل النبوة " من طريق يزيد بن هارون ، عن العلاء أبي محمد - وهو متهم بالوضع - فالله أعلم .
طريق أخرى : قال أبو يعلى : حدثنا محمد بن إبراهيم الشامي أبو عبد الله ، حدثنا عثمان بن الهيثم - مؤذن مسجد الجامع بالبصرة عندي - عن محمود أبي عبد الله ، عن عطاء بن أبي ميمونة ، عن أنس قال : نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : مات معاوية بن معاوية الليثي ، فتحب أن تصلي عليه ؟ قال : " نعم " . فضرب بجناحه الأرض ، فلم تبق شجرة ولا أكمة إلا تضعضعت ، فرفع سريره فنظر إليه ، فكبر عليه وخلفه صفان من الملائكة ، في كل صف سبعون ألف ملك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يا جبريل ، بم نال هذه المنزلة من الله تعالى ؟ " . قال بحبه : " قل هو الله أحد " وقراءته إياها ذاهبا وجائيا قائما وقاعدا ، وعلى كل حال .
ورواه البيهقي من رواية عثمان بن الهيثم المؤذن ، عن محبوب بن هلال ، عن عطاء بن أبي ميمونة ، عن أنس فذكره . وهذا هو الصواب ، ومحبوب بن هلال قال أبو حاتم الرازي : " ليس بالمشهور " . وقد روي هذا من طرق أخر ، تركناها اختصارا ، وكلها ضعيفة .
حديث آخر في فضلها مع المعوذتين : قال الإمام أحمد : حدثنا أبو المغيرة ، حدثنا معاذ بن رفاعة ، حدثني علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة عن عقبة بن عامر قال : لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فابتدأته فأخذت بيده ، فقلت : يا رسول الله ، بم نجاة المؤمن ؟ قال : " يا عقبة ، احرس لسانك وليسعك بيتك ، وابك على خطيئتك " . قال : ثم لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فابتدأني فأخذ بيدي ، فقال : " يا عقبة بن عامر ، ألا أعلمك خير ثلاث سور أنزلت في التوراة ، والإنجيل والزبور ، والقرآن العظيم ؟ " . قال : قلت : بلى ، جعلني الله فداك . قال : فأقرأني : " قل هو الله أحد " و " قل أعوذ برب الفلق " و " قل أعوذ برب الناس " ثم قال : " يا عقبة ، لا تنسهن ولا تبت ليلة حتى تقرأهن " . قال : فما نسيتهن منذ قال : " لا تنسهن " ، وما بت ليلة قط حتى أقرأهن . قال عقبة ثم لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فابتدأته ، فأخذت بيده ، فقلت : يا رسول الله ، أخبرني بفواضل الأعمال . فقال : " يا عقبة ، صل من قطعك ، وأعط من حرمك ، وأعرض عمن ظلمك "
روى الترمذي بعضه في " الزهد " ، من حديث عبيد الله بن زحر ، عن علي بن يزيد وقال : هذا حديث حسن . وقد رواه أحمد من طريق آخر :
حدثنا حسين بن محمد ، حدثنا ابن عياش ، عن أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي ، عن فروة بن مجاهد اللخمي ، عن عقبة بن عامر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر مثله سواء . تفرد به أحمد .
حديث آخر في الاستشفاء بهن : قال البخاري : حدثنا قتيبة ، حدثنا المفضل ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ، ثم نفث فيهما فقرأ فيهما : "قل هو الله أحد " و " قل أعوذ برب الفلق " و " قل أعوذ برب الناس " ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده ، يبدأ بهما على رأسه ووجهه ، وما أقبل من جسده ، يفعل ذلك ثلاث مرات .
وهكذا رواه أهل السنن ، من حديث عقيل به .
قد تقدم ذكر سبب نزولها . وقال عكرمة : لما قالت اليهود : نحن نعبد عزيرا ابن الله . وقالت النصارى : نحن نعبد المسيح ابن الله . وقالت المجوس : نحن نعبد الشمس والقمر . وقالت المشركون : نحن نعبد الأوثان - أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم : ( قل هو الله أحد )
يعني : هو الواحد الأحد ، الذي لا نظير له ولا وزير ، ولا نديد ولا شبيه ولا عديل ، ولا يطلق هذا اللفظ على أحد في الإثبات إلا على الله عز وجل ; لأنه الكامل في جميع صفاته وأفعاله .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
أي { قُلْ } قولًا جازمًا به، معتقدًا له، عارفًا بمعناه، { هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } أي: قد انحصرت فيه الأحدية، فهو الأحد المنفرد بالكمال، الذي له الأسماء الحسنى، والصفات الكاملة العليا، والأفعال المقدسة، الذي لا نظير له ولا مثيل.
تفسير البغوي
مكية
( قل هو الله أحد ) روى أبو العالية عن أبي بن كعب أن المشركين قالوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : انسب لنا ربك ، فأنزل الله تعالى هذه السورة .
وروى أبو ظبيان ، وأبو صالح ، عن ابن عباس : أن عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة أتيا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال عامر : إلام تدعونا يا محمد ؟ قال : إلى الله ، قال : صفه لنا أمن ذهب هو ؟ أم من فضة ؟ أم من حديد ؟ أم من خشب ؟ فنزلت هذه السورة فأهلك الله أربد بالصاعقة وعامر بن الطفيل بالطاعون ، وقد ذكرناه في سورة الرعد .
وقال الضحاك وقتادة ومقاتل : جاء ناس من أحبار اليهود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : صف لنا ربك يا محمد لعلنا نؤمن بك ، فإن الله أنزل نعته في التوراة ، فأخبرنا من أي شيء هو ؟ وهل يأكل ويشرب ؟ ومن يرث منه ؟ فأنزل الله هذه السورة .
( قل هو الله أحد ) أي واحد ، ولا فرق بين الواحد والأحد ، يدل عليه قراءة ابن مسعود : قل هو الله الواحد .
الإعراب:
(قُلْ) أمر فاعله مستتر والجملة ابتدائية لا محل لها (هُوَ) ضمير الشأن مبتدأ (اللَّهُ أَحَدٌ) مبتدأ وخبره والجملة خبر هو وجملة هو.. مقول القول.