الفتوحات المكية

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة القصص: [الآية 38]

سورة القصص
وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَٰٓأَيُّهَا ٱلْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِى فَأَوْقِدْ لِى يَٰهَٰمَٰنُ عَلَى ٱلطِّينِ فَٱجْعَل لِّى صَرْحًا لَّعَلِّىٓ أَطَّلِعُ إِلَىٰٓ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّى لَأَظُنُّهُۥ مِنَ ٱلْكَٰذِبِينَ ﴿38﴾

تفسير الجلالين:

«وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين» فاطبخ لي الآجر «فاجعل لي صرحا» قصرا عاليا «لعلى أطلع إلى إله موسى» أنظر إليه وأقف عليه «وإني لأظنه من الكاذبين» في ادعائه إلها آخر وأنه رسوله.

تفسير الشيخ محي الدين:

وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (87) وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ88)

)

[ وحدة الوجود ]

تفسير هذه الآية من وجوه ، وذلك راجع إلى الضمير في قوله تعالى : «إِلَّا وَجْهَهُ» فإنه من وجه يعود على الشيء ، ومن وجه يعود على الحق ، فمن الوجه الذي يعود فيه الضمير على الحق يقول تعالى : «وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ» نهى تعالى أن يدعو مع اللّه إلها ، فنكّر المنهي عنه ، إذ لم يكن ثمّ ، إذ لو كان ثمّ لتعين ، ولو تعين لم يتنكر ، فدل على أنه من دعا مع اللّه إلها آخر فقد نفخ في غير ضرم ، واستسمن ذا ورم ، وكان دعاؤه لحما على وضم ، ليس له متعلق يتعين ، ولا حق يتضح ويتبين ، فكان مدلول دعائه العدم المحض ، فلم يبق إلا من له الوجود المحض «لا إِلهَ إِلَّا هُوَ» «كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ» فكل شيء يتخيل فيه أنه شيء هالك في عين شيئيته عن نسبة الألوهية إليه لا عن شيئيته «إِلَّا وَجْهَهُ» فوجه الحق باق ، وهو ذو الجلال والإكرام والآلاء الجسام ، فالحق الخالص من كان في ذاته يعلم فلا يجهل ، ويجهل فلا يحاط به علما ، فعلم من حيث أنه لا يحاط به علما ، وجهل من حيث أنه لا يحاط به علما ، فعلم من حيث جهل ، فالعلم به عين الجهل به ، فإذا علمنا أن الحقيقة واحدة دون


أن تنسب إلى قديم أو حديث ، نقول : جعل اللّه نفسه عين كل شيء بقوله تعالى : «كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ» لأن السبحات له ، فهي مهلكة ، والمهلك لا يكون هالكا ، فكل شيء هو موجود تشاهده حسا وعقلا ليس بهالك ، لأن وجه الشيء حقيقته ، فما في الوجود إلا اللّه ، فما في الوجود إلا الخير وان تنوعت الصور ، فكل ما ظهر فما هو إلا هو ، لنفسه ظهر ، فما يشهده أمر ولا يكثّره غير ،

ولذلك قال : «لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» أي من يعتقد أن كل شيء جعلناه هالكا ، وما عرف ما قصدناه إذا رآه ما يهلك ، ويرى بقاء عينه مشهودا له دنيا وآخرة ، علم ما أردنا بالشيء الهالك ، وأن كل شيء لم يتصف بالهلاك فهو وجهي ، فعلم أن الأشياء ليست غير وجهي فإنها لم تهلك ، فرد حكمها إلي ، فهذا معنى قوله : «وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» وهو معنى لطيف يخفى على من لم يستظهر القرآن ، فالعالم لم يزل مفقود العين هالكا بالذات في حضرة إمكانه ، وأحكامه يظهر بها الحق لنفسه بما هو ناظر من حقيقة حكم ممكن آخر ،

فالعالم هو الممد بذاته ما يظهر في الكون من الموجودات ، وليس إلا الحق لا غيره ، وبعبارة أخرى «لَهُ الْحُكْمُ» وهو ما ظهر في عين الأشياء ،

ثم قال : «وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» أي مردكم من كونكم أغيارا إليّ ، فيذهب حكم الغير ، فالأحكام في الحق صور العالم كله ، ما ظهر منه وما يظهر ، والأحكام منه ولهذا قال : «لَهُ الْحُكْمُ» ثم يرجع الكل إلى أنه عينه ، فهو الحاكم بكل حكم في كل شيء حكما ذاتيا لا يكون إلا هكذا ، فسمى نفسه بأسمائه ، فحكم عليه بها ، وسمى ما ظهر به من الأحكام الإلهية في أعيان الأشياء ليميز بعضها عن بعض ،

فأعيان العالم لا يقال :إنها عين الحق ولا غير الحق ، بل الوجود كله حق ، ولكن من الحق ما يتصف بأنه مخلوق ، ومنه ما يوصف بأنه غير مخلوق ، لكنه كل موجود ، فإنه موصوف بأنه محكوم عليه بكذا ، فالكل محكوم عليه ، كما حكمنا على كل شيء بالهلاك ، وحكمنا على وجهه بالاستثناء من حكم الهلاك ،

ومن ذلك يكون وجه الشيء حقيقته ، فالشيء هنا ما يعرض لهذه الذات ، فإن كان للعارض وجه فما يهلك في نفسه ، وإنما يهلك بنسبته إلى ما عرض له ، فكل شيء وهو جميع صور العالم «هالِكٌ» موصوف بالهلاك يعني من حيث صوره ، فهو هالك بالصورة للاستحالات ، لأن هالك خبر المبتدأ الذي هو «كُلُّ شَيْءٍ» أي كل ما ينطلق عليه اسم شيء ، فهو هالك في حال اتصافه بالوجود ، كما هو هالك في حال اتصافه بالهلاك الذي


هو العدم ، فلا يزال كل شيء هالك كما لم يزل ، لم يتغير عليه نعت ولا تغير على الوجود نعت ، والموصوف بأنه موجود موجود ، والموصوف بأنه معدوم معدوم ، فإن وصف الممكن بالوجود فهو مجاز لا حقيقة ، لأن الحقيقة تأبى أن يكون موجودا ، فإن العدم للممكن ذاتي ، أي من حقيقة ذاته أن يكون معدوما «إِلَّا وَجْهَهُ»

الاستثناء هنا استثناء منقطع ، والضمير في وجهه يعود على الشيء ، ووجهه ذاته وعينه وكونه وحقيقته ، فهي شيئية ذاته ، وهي المستثناة ولا بد ، لأن الحقائق لا تتصف بالهلاك ، وإنما يتصف بالهلاك الأمور العوارض للحقائق من نسبة بعضها إلى بعض ، فكل شيء من صور العالم هالك من حيث صورته ، إلا من حقائقه فليس بهالك ، ولا يتمكن أن يهلك ، فهو غير هالك من حيث وجهه وحقيقته ، فتختلف عليه الأحكام باختلاف الصور ، فما ثمّ إلا هلاك وإيجاد في عين واحدة ، ومثال ذلك للتقريب ، أن صورة الإنسان إذا هلكت ولم يبق لها في الوجود أثر ، لم تهلك حقيقته التي يميزها الحد ، وهي عين الحد له ،

فنقول : الإنسان حيوان ناطق ، ولا نتعرض لكونه موجودا أو معدوما ، فإن هذه الحقيقة لا تزال له وإن لم تكن له صورة في الوجود ، فالحقائق في العلم معقولات ، وهي للحق معلومات ، وللحق ولأنفسها معقولات ، ولا وجود لها في الوجود الوجودي ولا في الوجود الإمكاني ، فيظهر حكمها في الحق فتنسب إليه وتسمى أسماء إلهية ، فينسب إليها من نعوت الأزل ما ينسب إلى الحق ، وتنسب أيضا إلى الخلق بما يظهر من حكمها فيه ، فينسب إليها من نعوت الحدوث ما ينسب إلى الخلق ، فهي الحادثة القديمة ، والأبدية الأزلية ، فالعالم إن نظرت حقيقته وجدته عرضا زائلا ، أي في حكم الزوال ، وهو قوله تعالى : «كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ»

وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : [ أصدق بيت قالته العرب قول لبيد : ألا كل شيء ما خلا اللّه باطل ] يقول ما له حقيقة يثبت عليها من نفسه ، فما هو موجود إلا بغيره ، ولذلك قال صلّى اللّه عليه وسلم : [ أصدق بيت قالته العرب : ألا كل شيء ما خلا اللّه باطل ]

-وجه آخر - «كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ» فإنه لا يبقى حالة أصلا في العالم كونية ولا إلهية ، وهو قوله تعالى : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) «إِلَّا وَجْهَهُ» يريد ذاته ، إذ وجه الشيء ذاته ، فلا تهلك ، فكل ما سوى ذات الحق فهو في مقام الاستحالة السريعة والبطيئة ، وهو تبدله من صورة إلى صورة دائما أبدا ، فالضمير في وجهه يعود على الشيء ، فالشيء هالك من حيث صورته ، غير هالك من حيث وجهه


وحقيقته ، وليس إلا وجود الحق الذي ظهر به لنفسه . «لَهُ الْحُكْمُ» أي لذلك الشيء الحكم في الوجه ، فتختلف عليه الأحكام باختلاف الصور «وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» في ذلك الحكم ، أي إلى ذلك الشيء يرجع الحكم الذي حكم به على الوجه ، فما ثم إلا هلاك وإيجاد في عين واحدة ، ومن هذه الآية لا نثبت إطلاق لفظ الشيئية على ذات الحق ، لأنها ما وردت ولا خوطبنا بها ، والأدب أولى ،

" وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ"

[ توحيد الحكم ]

هذا هو التوحيد الرابع والعشرون في القرآن ، وهو توحيد الحكم بالتوحيد الذي إليه رجوع الكثرة إذ كان عينها ، وهو توحيد الهوية «لَهُ الْحُكْمُ» وهو القضاء «وَإِلَيْهِ» الضمير في إليه يعود على الحكم فإنه أقرب مذكور ، فالقضاء الذي له المضي في الأمور هو الحكم الإلهي على الأشياء «تُرْجَعُونَ» أي إلى القضاء .

(29) سورة العنكبوت مكيّة

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

------------

(88) الفتوحات ج 4 / 417 - ج 2 / 417 - ج 3 / 419 - ج 2 / 100 - ج 3 / 373 ، 419 - ج 4 / 417 - ج 3 / 419 - ج 2 / 99 - ج 3 / 255 - ج 2 / 99 ، 224 - ج 4 / 349 - ج 3 / 255 ، 419 ، 443 - ج 2 / 313 - ج 3 / 255 - ج 2 / 99 ، 416 -ح 3 / 112

تفسير ابن كثير:

يخبر تعالى عن كفر فرعون وطغيانه وافترائه في دعوى الإلهية لنفسه القبيحة - لعنه الله - كما قال تعالى : ( فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين ) [ الزخرف : 54 ] ، وذلك لأنه دعاهم إلى الاعتراف له بالإلهية ، فأجابوه إلى ذلك بقلة عقولهم وسخافة أذهانهم ; ولهذا قال : ( ياأيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري ) ، [ و ] قال تعالى إخبارا عنه : ( فحشر فنادى فقال أنا ربكم الأعلى فأخذه الله نكال الآخرة والأولى إن في ذلك لعبرة لمن يخشى ) [ النازعات : 23 - 26 ] يعني : أنه جمع قومه ونادى فيهم بصوته العالي مصرحا لهم بذلك ، فأجابوه سامعين مطيعين . ولهذا انتقم الله تعالى منه ، فجعله عبرة لغيره في الدنيا والآخرة ، وحتى إنه واجه موسى الكليم بذلك فقال : ( لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين ) [ الشعراء : 29 ] .

وقوله : ( فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى ) أي : أمر وزيره هامان ومدبر رعيته ومشير دولته أن يوقد له على الطين ، ليتخذ له آجرا لبناء الصرح ، وهو القصر المنيف الرفيع - كما قال في الآية الأخرى : ( وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب . أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل وما كيد فرعون إلا في تباب ) [ غافر : 36 ، 37 ] ، وذلك لأن فرعون بنى هذا الصرح الذي لم ير في الدنيا بناء أعلى منه ، إنما أراد بهذا أن يظهر لرعيته تكذيب موسى فيما زعمه من دعوى إله غير فرعون ; ولهذا قال : ( وإني لأظنه من الكاذبين ) أي : في قوله إن ثم ربا غيري ، لا أنه كذبه في أن الله أرسله ; لأنه لم يكن يعترف بوجود الصانع ، فإنه قال : ( وما رب العالمين ) [ الشعراء : 23 ] وقال : ( لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين ) [ الشعراء : 29 ] وقال : ( يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري ) وهذا قول ابن جرير .


تفسير الطبري :

قوله تعالى: {فلما جاءهم موسى بآياتنا بينات} أي ظاهرات واضحات {قالوا ما هذا إلا سحر مفترى} مكذوب مختلق {وما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين} أي في الأمم الماضية؛ قال ابن عباس. والباء في {بهذا} زائدة؛ أي ما سمعنا هذا كائنا في أبائنا الأولين، وقيل : إن هذه الآيات وما احتج به موسى في إثبات التوحيد من الحجج العقلية وقيل : هي معجزاته. قوله تعالى: {وقال موسى} قراءة العامة بالواو وقرأ مجاهد وابن كثير وابن محيصن {قال} بلا واو؛ وكذلك هو في مصحف أهل مكة {ربي أعلم بمن جاء بالهدى} أي بالرشاد. {من عنده} {ومن تكون له} قرأ الكوفيون إلا عاصما {يكون} بالياء والباقون بالتاء وقد تقدم هذا {عاقبة الدار} أي دار الجزاء {إنه} الهاء ضمير الأمر والشأن {لا يفلح الظالمون}. قوله تعالى: {وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري} قال ابن عباس : كان بينها وبين قوله {أنا ربكم الأعلى} النازعات 24] أربعون سنة، وكذب عدو الله بل علم أن له ثم ربا هو خالقه وخالق قومه {ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله } الزخرف 87 . {فأوقد لي ياهامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى} أي أطبخ لي الآجر؛ عن ابن عباس رضي الله عنه وقال قتادة : هو أول من صنع الآجر وبنى به ولما أمر فرعون وزيره هامان ببناء الصرح جمع هامان العمال - قيل خمسين ألف بناء سوى الأتباع والأجراء - وأمر بطبخ الآجر والجص، ونشر الخشب وضرب المسامير، فبنوا ورفعوا البناء وشيدوه بحيث لم يبلغه بنيان منذ خلق الله السموات والأرض، فكان الباني لا يقدر أن يقوم على رأسه، حتى أراد الله أن يفتنهم فيه فحكى السدي : أن فرعون صعد السطح ورمى بنشابة نحو السماء، فرجعت متلطخة بدماء، فقال قد قتلت إله موسى فروي أن جبريل عليه السلام بعثه الله تعالى عند مقالته، فضرب الصرح بجناحه فقطعه ثلاث قطع؛ قطعة على عسكر فرعون قتلت منهم ألف ألف، وقطعة في البحر، وقطعة في الغرب، وهلك كل من عمل فيه شيئا والله أعلم بصحة ذلك. {وإني لأظنه من الكاذبين} الظن هنا شك، فكفر على الشك؛ لأنه قد رأى من البراهين ما لا يخيل على ذي فطرة. قوله تعالى: {واستكبر} أي تعظم {هو وجنوده} أي تعظموا عن الإيمان بموسى {بغير الحق} أي بالعدوان، أي لم تكن له حجة تدفع ما جاء به موسى {وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون} أي توهموا أنه لا معاد ولا بعث. وقرأ نافع وابن محيصن وشيبة وحميد ويعقوب وحمزة والكسائي {لا يرجعون} بفتح الياء وكسر الجيم على أنه مسمى الفاعل الباقون {يرجعون} على الفعل المجهول وهو اختيار أبي عبيد، والأول اختيار أبي حاتم. {فأخذناه وجنوده} وكانوا ألفي ألف وستمائة ألف {فنبذناهم في اليم} أي طرحناهم في البحر المالح. قال قتادة : بحر من وراء مصر يقال له إساف أغرقهم الله فيه وقال وهب والسدي : المكان الذي أغرقهم الله فيه بناحية القلزم يقال له بطن مريرة، وهو إلى اليوم غضبان وقال مقاتل، يعني نهر النيل وهذا ضعيف والمشهور الأول. {فانظر} يا محمد {كيف كان عاقبة الظالمين} أي آخر أمرهم. قوله تعالى: {وجعلناهم أئمة} أي جعلناهم زعماء يتبعون على الكفر، فيكون عليهم وزرهم ووزر من اتبعهم حتى يكون عقابهم أكثر وقيل : جعل الله الملأ من قومه رؤساء السفلة منهم، فهم يدعون إلى جهنم وقيل : أئمة يأتم بهم ذوو العبر ويتعظ بهم أهل البصائر {يدعون إلى النار} أي إلى عمل أهل النار {ويوم القيامة لا ينصرون}. {وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة} أي أمرنا العباد بلعنهم فمن ذكرهم لعنهم وقيل : أي ألزمناهم اللعن أي البعد عن الخير {ويوم القيامة هم من المقبوحين} أي من المهلكين الممقوتين قاله ابن كيسان وأبو عبيدة وقال ابن عباس : المشوهين الخلقة بسواد الوجوه وزرقة العيون وقيل : من المبعدين يقال : قبحه الله أي نحاه من كل خير، وقبَحَه وقبّحه إذا جعله قبيحا وقال أبو عمرو : قبحت وجهه بالتخفيف معناه قبحت قال الشاعر : ألا قبح الله البراجم كلها ** وقبح يربوعا وقبح دارما وانتصب يوما على الحمل على موضع {في هذه الدنيا} واستغنى عن حرف العطف في قوله {من المقبوحين} كما استغنى عنه في قوله {سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم} الكهف 22 ويجوز أن يكون العامل في {يوم} مضمرا يدل عليه قوله {هم من المقبوحين} فيكون كقوله {يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين} الفرقان 22 ويجوز أن يكون العامل في {يوم} قوله {هم من المقبوحين} وإن كان الظرف متقدما ويجوز أن يكون مفعولا على السعة، كأنه قال : وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ولعنة يوم القيامة.

التفسير الميسّر:

وقال فرعون لأشراف قومه: يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري يستحق العبادة، فأشْعِل لي -يا هامان- على الطين نارًا، حتى يشتد، وابْنِ لي بناء عاليًا؛ لعلي أنظر إلى معبود موسى الذي يعبده ويدعو إلى عبادته، وإني لأظنه فيما يقول من الكاذبين.

تفسير السعدي

{ وَقَالَ فِرْعَوْنُ } متجرئا على ربه، ومموها على قومه السفهاء، أخفاء العقول: { يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي } أي: أنا وحدي، إلهكم ومعبودكم، ولو كان ثَمَّ إله غيري، لعلمته، فانظر إلى هذا الورع التام من فرعون!، حيث لم يقل " ما لكم من إله غيري " بل تورع وقال: { مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي } وهذا، لأنه عندهم، العالم الفاضل، الذي مهما قال فهو الحق، ومهما أمر أطاعوه.

فلما قال هذه المقالة، التي قد تحتمل أن ثَمَّ إلها غيره، أراد أن يحقق النفي، الذي جعل فيه ذلك الاحتمال، فقال لـ " هامان " { فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ } ليجعل له لبنا من فخار. { فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا } أي: بناء { لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ } ولكن سنحقق هذا الظن، ونريكم كذب موسى. فانظر هذه الجراءة العظيمة على اللّه، التي ما بلغها آدمي، كذب موسى، وادَّعى أنه إله، ونفى أن يكون له علم بالإله الحق، وفعل الأسباب، ليتوصل إلى إله موسى، وكل هذا ترويج، ولكن العجب من هؤلاء الملأ، الذين يزعمون أنهم كبار المملكة، المدبرون لشئونها، كيف لعب هذا الرجل بعقولهم، واستخف أحلامهم، وهذا لفسقهم الذي صار صفة راسخة فيهم.

فسد دينهم، ثم تبع ذلك فساد عقولهم، فنسألك اللهم الثبات على الإيمان، وأن لا تزيغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وتهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.


تفسير البغوي

( وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين ) فاطبخ لي الآجر ، وقيل : إنه أول من اتخذ من الآجر وبنى به ، ( فاجعل لي صرحا ) قصرا عاليا ، وقيل : منارة ، قال أهل التفسير لما أمر فرعون وزيره هامان ببناء الصرح ، جمع هامان العمال والفعلة حتى اجتمع خمسون ألف بناء سوى الأتباع والأجراء ، ومن يطبخ الآجر والجص وينجر الخشب ويضرب المسامير ، فرفعوه وشيدوه حتى ارتفع ارتفاعا لم يبلغه بنيان أحد من الخلق ، أراد الله - عز وجل - أن يفتنهم فيه ، فلما فرغوا منه ارتقى فرعون فوقه وأمر بنشابة فرمى بها نحو السماء فردت إليه وهي ملطخة دما ، فقال قد قتلت إله موسى ، وكان فرعون يصعد على البراذين ، فبعث الله جبريل جنح غروب الشمس فضربه بجناحه فقطعه ثلاث قطع فوقعت قطعة منها على عسكر فرعون فقتلت منهم ألف ألف رجل ، ووقعت قطعة في البحر وقطعة في المغرب ، ولم يبق أحد ممن عمل فيه بشيء إلا هلك ، فذلك قوله تعالى : ( فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى ) أنظر إليه وأقف على حاله ، ( وإني لأظنه ) يعني موسى ، ( من الكاذبين ) في زعمه أن للأرض والخلق إلها غيري ، وأنه رسوله .


الإعراب:

(وَقالَ) الواو حرف استئناف (قالَ فِرْعَوْنُ) ماض وفاعله والجملة مستأنفة لا محل لها.

(يا) حرف نداء (أَيُّهَا) منادى نكرة مقصودة مبني على الضم في محل نصب (ها) للتنبيه (الْمَلَأُ) بدل من أيها (ما) نافية (عَلِمْتُ) ماض وفاعله (لَكُمْ) متعلقان بالفعل (مِنْ) حرف جر زائد (إِلهٍ) مجرور لفظا منصوب محلا مفعول علمت (غَيْرِي) صفة إله والجملتان مقول القول.

(فَأَوْقِدْ) الفاء الفصيحة وأمر فاعله مستتر (لِي) متعلقان بالفعل والجملة جواب شرط مقدر لا محل لها (يا هامانُ) منادى مفرد علم مبني على الضم في محل نصب (عَلَى الطِّينِ) متعلقان بالفعل، والجملة الندائية معترضة.

(فَاجْعَلْ لِي) معطوف على فأوقد لي (صَرْحاً) مفعول به.

(لَعَلِّي) لعل واسمها (أَطَّلِعُ) مضارع فاعله مستتر (إِلى إِلهِ) متعلقان بالفعل (مُوسى) مضاف إليه والجملة الفعلية خبر لعل والجملة الاسمية تعليل لا محل لها.

(وَإِنِّي) الواو حالية (إِنِّي) إن واسمها (لَأَظُنُّهُ) اللام المزحلقة (أظنه) مضارع ومفعوله الأول والفاعل مستتر (مِنَ الْكاذِبِينَ) متعلقان بالفعل وهما في موضع المفعول الثاني والجملة الفعلية خبر إني والجملة الاسمية حال.

---

Traslation and Transliteration:

Waqala firAAawnu ya ayyuha almalao ma AAalimtu lakum min ilahin ghayree faawqid lee ya hamanu AAala altteeni faijAAal lee sarhan laAAallee attaliAAu ila ilahi moosa wainnee laathunnuhu mina alkathibeena

بيانات السورة

اسم السورة سورة القصص (Al-Qasas - The Stories)
ترتيبها 28
عدد آياتها 88
عدد كلماتها 1441
عدد حروفها 5791
معنى اسمها القَصَصُ: جَمْعُ (قِصَّةٍ)، وَهِيَ الْأَمْرُ وَالْحَدِيثُ. وَالمُرَادُ (بالقَصَصِ): مَجْمُوعُ قَصَصِ مُوسَى عليه السلام دُونَ غَيرِهِ مِن الأَنْبِيَاءِ عليه السلام
سبب تسميتها نِسْبَةً لِمَجْمُوعِ قَصَصِ مُوسَى عليه السلام
أسماؤها الأخرى اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (القَصَصِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (مُوسَى عليه السلام)
مقاصدها تَسْلِيَةُ النَّبِيِّ ﷺ فِي الدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ
أسباب نزولها سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ
فضلها لَمْ يَصِحَّ حَدِيثٌ أَو أَثَرٌ خَاصٌّ فِي فَضلِ السُّورَةِ، سِوَى أَنـَّهَا مِنَ المَثَانِي
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الْقَصَصِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنِ الْعُلُوِّ فِي الأَرْضِ وَعَاقِبَتِهِ، فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿إِنَّ فِرۡعَوۡنَ عَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ ...٤﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿تِلۡكَ ٱلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ نَجۡعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ ...٨٣﴾. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الْقَصَصِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (النَّمْلِ): لَمَّا خَتَمَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (النَّمْلَ) بِالدَّعْوَةِ إِلَى النَّظَرِ فِي آيَاتِ اللهِ بِقَولِهِ: ﴿وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ فَتَعۡرِفُونَهَاۚ ...٩٣﴾ افْتَتَحَ (القَصَصَ) بِذِكْرِ آيَاتِ اللهِ فِي قَصَصِ مُوسَى عليه السلام، فَقَالَ: ﴿طسٓمٓ ١ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ ٢ نَتۡلُواْ عَلَيۡكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرۡعَوۡنَ بِٱلۡحَقِّ لِقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ ٣﴾.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!