الفتوحات المكية

في معرفة النفس بفتح الفاء

وهو الباب 198 من الفتوحات المكية

[الاعتماد على صاحب علم إلهى‏]

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[86] - [الاعتماد على صاحب علم إلهى‏]

اعلم أن هذا الاعتماد لا يصح إلا أن يكون صاحبه صاحب علم بتعريف إلهي وذلك أن العالم إنما جئنا به بهذه اللفظة لنعلم إنا نريد به جعله علامة ولما ثبت أن الوجود عين الحق وأن ظهور تنوع الصور فيه علامة على أحكام أعيان الممكنات الثابتة فسميت تلك الصور الظاهرة بالحكم في عين الحق ظهور الكتاب في الرق عالما وأظهرها الاسم الإلهي الظاهر بل ظهر بها فهذا باب يتميز فيه الحق من الخلق وأن تنوع الصور لم يؤثر في العين الظاهرة

فيها هذه الصور كما لا يتغير الجوهر عن جوهريته بما يظهر عليه من الأحوال والأعراض فإن ذلك الظاهر حكم المعنى المبطون الذي لا وجود له إلا بالحكم في عين الناظر فأحكامه لا موجودة ولا معدومة وإن كانت ثابتة فيعتمد على العالم بأنه علامة لا على الله فإن الله غني عن العالمين وإنما هو علامة على ثبوت المعاني التي لها هذه الأحكام الظاهرة في عين حق فالعالم علامة على نفسه وهكذا كل شي‏ء فلا شي‏ء أدل من الشي‏ء على نفسه فإنها دلالة لا تزول والدلالات الغريبة تزول ولا تتبعت فمن اعتمد على العالم من هذا الوجه فقد اعتمد على أمر صحيح لا يتبدل ولا يكون الاعتماد على الحقيقة إلا عليه على هذا الوجه فإن الحق إذا كان كل يوم في شأن فلا يدرى ما يكون ذلك الشأن فلا يقدر على الاعتماد على من لا يعلم ما في نفسه فالكامل من أهل الله من يتنوع لتنوع الشئون فإن الحق ما يظهر في الوجود إلا بصور الشئون فيكون اعتماد هذا الشخص اعتمادا إلهيا أي هو متصف في ذلك بنعت الحق في قبوله الشئون التي تظهر للعالم بها وهذا من العلم المضنون به على غير أهله فاعلم ذلك والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ‏


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!