في معرفة النفس بفتح الفاء
وهو الباب 198 من الفتوحات المكية
[أن الصور سبب تمييز الأعيان]
![]() |
![]() |
[73] - [أن الصور سبب تمييز الأعيان]
واعلم أنه لو لا الصور ما تميزت الأعيان ولو لا المراتب ما علمت مقادير الأشياء ولا كانت تنزل كل صورة منزلتها كما قالت عائشة أنزلوا الناس منازلهم وبالرتبة علم الفاضل والمفضول وبها ميز بين الله والعالم وبها ظهرت حقائق ما هي عليه الأسماء الإلهية من عموم التعلق وخصوصه فلنذكر في هذا الفصل مناسبة الأسماء الإلهية التي ذكرناها للحروف التي عيناها والمنازل التي أوردناها ليرتبط الكل بعضه ببعضه فكما جمع العماء صور الموجودات الذي هو النفس الإلهي كذلك جمع الحروف النفس الإنساني كما جمع الفلك المنازل المقدرة لنزول الدراري فيها المبينة مقادير البروج في الفلك الأطلس فنقول إني ما قصدت بهذا المساق ترتيب إيجاد العالم وإنه وجد هذا بعد هذا فإن ترتيب إيجاد العالم قد ذكرناه في هذا الكتاب وإنه على خلاف ما يقوله حكماء الفلاسفة وإنما قصدنا معرفة ما أثرت الأسماء الإلهية في الممكنات في ممكن ممكن منها سواء تقدم على المذكور قبله أو تأخر ورتبة الموجودات على ما هي الآن عليه في وصفها وتقييدها وذكرنا المنازل على ما هي الآن عليه في وضعها وترتيب الحروف على مخارجها ولا يلزم من هذا ترتيبها في الكلمات المؤلفة منها فقد تكون الكلمة الأولى من حروف الوسط مثل كلمة كن وقبلها حروف مخارجها متقدمة عليها فتنظر الاسم الإلهي الذي يقتضي أن يكون له الأثر في العالم ابتداء فتجده البديع لأنه لم يتقدم العالم عالم يكون هذا على مثاله فالبديع له الحكم في ابتداء العالم على غير مثال وليس المبدئ كذلك والمعيد يطلب المبدئ ما يطلب البديع والبديع له الحكم في النشأة الآخرة فينا كما كان له الحكم في النشأة الدنيا فإنها على غير مثال هذه النشأة وهو قوله تعالى ولَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى يعني أنها كانت على غير مثال سبق وقال كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ أي على غير مثال فالبديع حيث كان حكمه ظاهر نفي المثال وما انتفى عنه المثال فهو أول فأعطيناه أول الزمان اليومي وهو الذي ظهر بوجود الشمس في الحمل وأوله الشرطين وأعطيناه من الحروف الهاء فإنها أول حرف ظهر في المخرج الأول والاسم أعطى العين الموجودة والعين الموجودة ظهر بها الزمان الذي هو مقارنة حادث لحادث يسأل عنه بمتى فإن كان الموجود ذا نفس في مادة أعطى الحرف وترتيب المنازل بحلول الشمس لإظهار أعيان الفصول التي بها قوام المولدات فالحروف تحكم على الكلمات والكواكب تحكم على فصول الزمان والأسماء تحكم في الموجودات والأعيان مقسمة بين فاعل ومنفعل فإذا فهمت هذا نسبت كل
اسم إلهي إلى متعلقة غالبا وإن كان لغيره فيه حكم وقد تقدم الكلام في مثل هذا ومتعلقة موجود ما أو حكم في موجود ثم ربط الوجود بعضه ببعضه بين فاعل ومنفعل وجوهر وعرض ومكان وزمان وإضافة وغير ذلك من تقاسيم الأشياء فيه والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ
![]() |
![]() |





