في معرفة النفس بفتح الفاء
وهو الباب 198 من الفتوحات المكية
[إن الله خلق النوع الإنساني كاملا]
![]() |
![]() |
[69] - [إن الله خلق النوع الإنساني كاملا]
فإن الله ما خلق أولا من هذا النوع إلا الكامل وهو آدم عليه السلام ثم أبان الحق عن مرتبة الكمال لهذا النوع فمن حازها منه فهو الإنسان الذي أريده ومن نزل عن تلك الرتبة فعنده من الإنسانية بحسب ما تبقي له وليس في الموجودات من وسع الحق سواه وما وسعه إلا بقبول الصورة فهو مجلى الحق والحق مجلى حقائق العالم بروحه الذي هو الإنسان وأعطى المؤخر لأنه آخر نوع ظهر فأوليته حق وآخريته خلق فهو الأول من حيث الصورة الإلهية والآخر من حيث الصورة الكونية والظاهر بالصورتين والباطن عن الصورة الكونية بما عنده من الصورة الإلهية وقد ظهر حكم هذا في عدم علم الملائكة بمنزلته مع كون الله قد قال لهم إنه خليفة فكيف بهم لو لم يقل لهم ذلك فلم يكن ذلك إلا لبطونه عن الملائكة وهم من العالم الأعلى العالم بما في الآخرة وبعض الأولى فإنهم لو علموا ما يكون في الأولى ما جهلوا رتبة آدم عليه السلام مع التعريف وما عرفه من العالم إلا اللوح والقلم وهم العالون ولا يتمكن لهم إنكاره والقلم قد سطره واللوح قد حواه فإن القلم لما سطره سطر رتبته وما يكون منه واللوح قد علم علم ذوق ما خطه القلم فيه قال الله تعالى لإبليس أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ من الْعالِينَ على طريق استفهام التقرير بما هو به عالم ليقيم شهادته على نفسه بما ينطق به فقال أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ فاستكبر عليه لا على أمر الله وما كان من العالين فأخذه الله بقوله وكانَ من الْكافِرِينَ نعمة الله عليه حين أمره بالسجود لآدم وألحقه بالملإ الأعلى في الخطاب بذلك فحرمه الله لشؤم النشأة لعنصرية ولو لا إن الله تعالى جمع لآدم في خلقه بين يديه فحاز الصورتين وإلا كان من جملة الحيوان الذي يمشي على رجليه ولهذا
قال صلى الله عليه وسلم كمل من الرجال كثيرون ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم ابنة عمران
فالكمل هم الخلائف واستخدم الله له العالم كله فما من حقيقة صورية في العالم الأعلى والأسفل إلا وهي ناظرة إليه نظر كمال أمينة على سر أودعها الله إياه لتوصله إليه وقولي صورية أي لها صورة معينة في العالم تحوز مكانها ومكانتها وهذا القدر من الإشارة إلى حكم هذا الاسم الإلهي الجامع في هذا النوع كاف في حصول الغرض من نفس الرحمن فإنه حاز العماء كله ولهذا كان له حرف الميم من حيث صورته وهو آخر الحروف وليس بعده إلا الواو الذي هو للمراتب فيدخل فيه الحق والخلق لعموم الرتبة فلنذكرها في الفصل الذي يلي هذا الفصل وأي اسم لها فنقول
![]() |
![]() |





