في معرفة النفس بفتح الفاء
وهو الباب 198 من الفتوحات المكية
[الأسباب إما خلقية وإما معنوية نسبية]
![]() |
![]() |
[16] - [الأسباب إما خلقية وإما معنوية نسبية]
واعلم أن الأسباب منها خلقية ومنها معنوية نسبية فالأسباب الخلقية كوجود مخلوق ما على تقدم وجود مخلوق قبله له إلى وجوده نسبة ما بأي وجه كان إما بنسبة فعلية أو بنسبة بخاصية لا بد من ذلك وحينئذ يكون سببا وإلا فليس بسبب وقد يكون ذلك الأثر في غير مخلوق كقوله أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ فالسؤال سبب في وجود الإجابة كان المجيب ما كان ومن هذه الحقيقة نزل قوله تعالى ما يَأْتِيهِمْ من ذِكْرٍ من رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ
أي أحدثت بعض هذه الأمور السؤالات وأما السبب المعنوي فهو من جهة المسبب بفتح الباء اسم مفعول ومن المسبب اسم فاعل فمن جهة المسبب اسم المفعول استعداده لقبول الأثر فيه إذ لو لم يكن فيه استعداد لما وقع فيه الأثر فذلك الاستعداد أمنع من المحال فما يكون ومع هذا فله استعداد في قبول الفرض فيه فلهذا نفرض المحال في بعض المسائل وإن كان لا يقبل الوجود لنستخرج من ذلك الفرض علما لم يكن عندنا فلو لا استعداده لقبول الفرض ما تمكن للعقل أن يفرضه فالممكن أقبل لعين الوجود والسبب الذي من جهة المسبب اسم فاعل فما ذكر الله تعالى إِنَّما قَوْلُنا فأثبت عينه وقوله إِذا أَرَدْناهُ فأثبت الإرادة والتعلق بالمراد فلا بد من هذا شأنه أن يكون عالما حيا له اقتدار على ما يريد تكوينه فهذه كلها استعدادات نسبية معنوية إلا العين الذي هو المسبب فإنه سبب وجودي لا يكون علة لكن هو شرط ولا بد ولما خلق الله هذا العقل الأول قلما طلب بحقيقته موضع أثر لكتابته فيه لكونه قلما فانبعث من هذا الطلب اللوح المحفوظ وهو النفس فلهذا كانت أول موجود انبعاثي لما انبعثت من الطلب القائم بالقلم ولم يكن في القوة العقلية الاستقلال بوجود هذا اللوح فتأيد بالاسم الباعث وبالوجه الخاص الذي انبعثت عنه هذي النفس فالقى العقل إليها جميع ما عنده إلى يوم القيامة مسطرا منظوما وهو موجود ثالث بين اللوح والقلم مرتبته وبعد اللوح وجوده وجعل الله في القلم الإلقاء لما خلق فيه وجعل في اللوح القبول لما يلقى إليه فكان ما ألقى إليه وما ضمه اللوح من الكلمات المخلوقة في ذات القلم واللوح بعد فراغه من الكتابة مائتي ألف آية وتسعا وستين ألف آية ومائتي آية وهو ما يكون في الخلق إلى يوم القيامة من جهة ما تلقيه النفس في العالم عند الأسباب وأما ما يكون من الوجوه الخاصة الإلهية في الموجودات فذلك يحدث وقت وجوده لا علم لغير الله به ولا وجود له إلا في علم الله وهذا جميع ما حصله العقل من النفس الرحماني من حيث ما كلمه به ربه تعالى كما كلم موسى ربه باثنتي عشرة ألف كلمة في كل كلمة يقول له يا موسى وصورة التلقي الإلهي للعقل تجل رحماني عن محبة من المتجلي والمتجلي له
![]() |
![]() |





