﴿أُولٰئِكَ هُمُ الْكٰافِرُونَ حَقًّا﴾ [النساء:151] فجعل العبد نفسه أعلم منه بربه نفسه و أكثر من هذا الجهل فلا يكون و العبد المؤمن ينبغي له أن ينسب إلى الحق ما نسبه الحق إلى نفسه على حد ما يعلمه اللّٰه من ذلك إذا لم يكن ممن كشف اللّٰه عن بصيرته حتى رأى الأمر على ما هو عليه و هذا هو الشرك الخفي فإنه نزاع لله تعالى خفي في العبد لا يشعر به كل أحد و لا سيما الواقع فيه و يتخيل أنه في الحاصل و هو في الفائت و لهذا أمر الحق تعالى أن يسبح بحمده أي بما أثنى على نفسه و ما وصف تعالى نفسه بشيء إلا في معرض الثناء عليه بذلك الوصف و هذا المنزه الجاهل ينزهه عن ذلك الوصف الذي وصف به الحق نفسه و أخذ يثني عليه بما يرى أنه ثناء على اللّٰه و اللّٰه ما أمره أن ينزهه إلا بحمده أي بما أثنى على نفسه به في كتبه و على السنة رسله ﴿وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّٰ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ [الإسراء:44] إلا هذا الإنسان فإن بعضه يسبحه بغير حمده و يكذب الحق في بعض ما أثنى به على نفسه و هو لا يشعر بذلك و لهذا قال تعالى ﴿وَ لٰكِنْ لاٰ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كٰانَ حَلِيماً﴾ [الإسراء:44]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية