﴿فَاعْلَمُوا أَنَّمٰا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللّٰهِ﴾ [هود:14] فالضمير في فاعلموا يعود على الداعين و هم عالمون بأنه إنما أنزل بعلم اللّٰه و لو أراد المدعين لقال فيعلموا بالياء كما قال يستجيبوا بياء الغيبة ثم قال ﴿وَ أَنْ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ﴾ [هود:14] أي و اعلموا أنه لا إله إلا هو كما علمتم أنه إنما أنزل بعلم اللّٰه ثم قال ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [هود:14] و قد كانوا مسلمين و هذا كله خطاب الداعين إن كانت هل على بابها و إن كانت هنا مثل ما هي في قوله ﴿هَلْ أَتىٰ عَلَى الْإِنْسٰانِ﴾ [الانسان:1] اعتمادا على قرينة الحال فأخرجت عن الاستفهام و إلا فما هذا خطاب الداعين إلا أن يكون مثل قولهم
إياك أعني فاسمعي يا جارة
فالخطاب لزيد و المراد به عمرو و ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ [الزمر:65] و ﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمّٰا أَنْزَلْنٰا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتٰابَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ و معلوم أنه مغفور له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر : و هو ﴿عَلىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ﴾ [هود:17] في ماله فعلمنا بقرائن الأحوال أنه المخاطب و المراد غيره لا هو و حكمة ذلك مقابلة الإعراض بالإعراض لأنهم أعرضوا عن قبول دعوة الداعين فأعرض اللّٰه عنهم بالخطاب و المراد به هم فأسمعهم في غيرهم و أما فائدة العلم في ذلك فهي إن تقول لما علم اللّٰه أن قوما لا يؤمنون ارتفعت الفائدة في خطابهم و كان خطابهم عبثا فأخبرهم اللّٰه تعالى أن نزول الخطاب بالدعوة لمن ليس يقبله في علم اللّٰه أنه إنما أنزل بعلم اللّٰه أي سبق في علم اللّٰه إنزاله فلا بد من إنزاله لأن تبدل المعلوم محال كما قال ﴿مٰا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ﴾ [ق:29] لأنه سبق في علم اللّٰه أن تكون خمس صلوات في العمل و خمسون في الأجر فما زال يحط من الخمسين بعلم اللّٰه إلى أن انتهى إلى علم اللّٰه بإثبات الخمس فنع النقص من ذلك و قال
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية