
كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار
للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
![]() |
![]() |
شعر
إذ امتحن الدنيا لبيب تكشّفت له عن عدوّ في ثياب صديق
روينا من حديث الخرائطي قال: نبأ حماد بن الحسن بن عنبسة الوراق، نبأ سيار بن حاتم الغنوي، نبأ جعفر بن سليمان الضبعي، نبأ هشام الدستوائي، قال: بلغني في خطبة عيسى عليه السلام: تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير العمل، ولا تعملون للآخرة و أنتم لا ترزقون فيها إلا بالعمل. ويلكم علماء السوء، الأجر تأخذون والعمل تضيّعون.
يوشك رب العلم أن يطلب علمه، ويوشك أن تخرجوا من الدنيا إلى ظلمة القبر وضيقه.
ولنا في القبر والتحريض على الغرس عليه:
مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال: «إنهما ليعذّبان، وما يعذّبان في كبير. أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من البول» . ثم دعا بقضيب رطب فشقّه اثنين، وغرس على كل قبر منهما واحدا، وقال: «إنه ليخفّف عنهما ما لم ييبسا» .
في القبر أسرار يراها الذي عنه غطاء الحسن مكشوف
فاذكروا فإن كل امرئ بفعله في القبر مصروف
هذا الذي أذكره عندنا وعند أهل الكشف معروف
عاينت قوما عذبوا في الصدا كان لهم نقص وتطفيف
فهل لغصن البان من غارس بقبرهم ففيه تخفيف
ما دام رطبا يانعا أخضرا ولم يقم بالغصن تجفيف
تأسيا فإنه لم يقل بأنه عليه موقوف
وفي تأسّينا به عصمة منجية منه وتشريف
ولنا في قوله تعالى: فَل يَأْمَنُ مَكْرَ اَلله :
من آمن المكر من الله فأمنه المكر من الله
هذا الذي يأمن من مكره هل جاءه وحي من الله
كيف له بالأمن من مكره جراءة منه على اللههذاك جبريل على قربه لا يأمن المكر من الله
فلذ بجنب الله واسترعه وارجع إلى الله من الله
فالصادق المصدوق عبد أتى بكله شوقا إلى الله
روينا من حديث القشيري رحمه الله قال: لما ظهر إبليس على ما ظهر، طفق جبريل و ميكائيل عليهما السلام يبكيان زمانا طويلا، فأوحى الله تعالى إليهما: ما لكم تبكيان كل هذا البكاء؟ فقالا: يا رب، لا نأمن من مكرك. فقال الله تعالى: هكذ كونا لا تأمنا مكري.
كنت ببغداد في سنة ثمان وستمائة، فرأيت في النوم ليلة الحادي عشر من رمضان قد فتحت أبواب السماء وفتحت خزائن المكر، ونادى مناد: ما ذا أنزل الليلة من مكر الله؟ فاستيقظت فزعا مما رأيت.
![]() |
![]() |