﴿اَلْقُدُّوسُ السَّلاٰمُ﴾ [الحشر:23] فأحب نفسه و الصورة فيهم مثل الصورة في التوابين و لهذا قرن بينهما في آية واحدة فقال ﴿إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ التَّوّٰابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة:222] فعين محبته لهم ليعلم أن صفة التوبة ما هي صفة التطهير و جاور بينهما لاحدية المعاملة من اللّٰه في حقهما من كونه ما أحب سوى نفسه
[المتطهر في الطريق الصوفي]
و اعلم أن المتطهر في هذا الطريق من عباد اللّٰه الأولياء هو الذي تطهر من كل صفة تحول بينه و بين دخوله على ربه و لهذا شرع في الصلاة الطهارة لأن الصلاة دخول على الرب لمناجاته و الصفات التي تحول بين العبد و بين دخوله على ربه هي كل صفة ربانية لا تكون إلا لله و كل صفة تدخله على ربه و يقع بها لهذا العبد التطهير فهي صفاته التي لا يستحقها إلا العبد و لا ينبغي أن تكون إلا له و لو خلع الحق عليه جميع الصفات التي لا تنبغي إلا له و لا بد من خلعها عليه لا تبرح ذاته من حيث تجلى الرب له موصوفة بصفاته التي له فإن كان التجلي ظاهرا كان حكم صفاته عليه ظاهرا مثل الخشوع و الخضوع و خمود الجوارح و سكون الأعضاء و الارتعاش الضروري و عدم الالتفات و إن كان التجلي باطنا لقلبه كان أيضا حكم صفاته في باطنه قائما و سواء كان موصوفا في ظاهره في ذلك الحال بصفة ربانية أي حكمها ظاهر عليه من قهره استيلاء أو قبض أو عطاء أو عطف أو حنان
[طهارة القلب مثل سجود القلب]
فالتجلي في الباطن بصفات العبودة لازم لا ينفك عنه باطن المتطهر أبدا فإن طهارة القلب مثل سجوده إذا تطهر و صح تطهيره لا تنتقض طهارته أبدا و كل من قال في هذا بتجديد طهارة القلب و أن طهارته يدخل عليها في القلب ما ينقضها فهو حديث نفس أعني طهره ما تطهر قط فإن طهارة القلب مؤيدة و هؤلاء هم المتطهرون الذين أحبهم اللّٰه و هي حالة مكتسبة يتعمل لها الإنسان فإن التفعل تعمل الفعل ثم الكلام في التعمل في ذلك على صورة ما ذكرناه في التواب سواء آنفا و بالله التوفيق و هو الهادي إلى الصراط المستقيم
[الأولياء الحامدون]
و من الأولياء أيضا الحامدون من رجال و نساء رضي اللّٰه عنهم تولاهم اللّٰه بعواقب ما تعطيه صفات الحمد فهم أهل عاقبة الأمور قال اللّٰه تعالى
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية