الفتوحات المكية

وصايا الشيخ الأكبر

وهو الباب 560 الذي ختم به الشيخ محي الدين موسوعة الفتوحات المكية بمجموعة وصايا جامعة

وهو يمثل السفرين السادس والثلاثين والسابع والثلاثين وفق مخطوطة قونية


(و أما الركن الثالث) وهو المال‏

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

(و أما الركن الثالث) وهو المال‏

(و أما الركن الثالث) وهو المال‏

وما سمي المال بهذا الاسم إلا لكونه يمال إليه طبعا فاختبر الله به عباده حيث جعل تيسير بعض الأمور بوجوده وعلق القلوب بمحبة صاحب المال وتعظيمه ولو كان بخيلا فإن العيون تنظر إليه بعين التعظيم لتوهم النفوس باستغنائه عنهم لما عنده من المال وربما يكون صاحب المال أشد الناس فقرا إليهم في نفسه ولا يجد في نفسه الاكتفاء ولا القناعة بما عنده فهو يطلب الزيادة مما بيده ولما رأى العالم ميل القلوب إلى رب المال لأجل المال أحبوا المال فطلب العارفون وجها إلهيا يحبون به المال إذ ولا بد من حبه وهنا موضع الفتنة والابتلاء التي لها الضلالة والمهداة فأما العارفون فنظروا إلى أمور إلهية منها قوله تعالى وأَقْرِضُوا الله قَرْضاً حَسَناً فما خاطب إلا أصحاب الجدة فأحبوا المال ليكونوا من أهل هذا الخطاب فيلتذوا بسماعه حيث كانوا فإذا أقرضوه رأوا أن الصدقة تقع بيد الرحمن فحصل لهم بالمال وإعطائه مناولة الحق منهم ذلك فكانت لهم وصلة المناولة وقد شرف الله آدم بقوله لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ فمن يعطيه عن سؤاله القرض أتم في الالتذاذ بالشرف ممن خلقه بيده فلو لا المال ما سمعوا ولا كانوا أهلا لهذا الخطاب الإلهي ولا حصل لهم بالقرض هذا التناول الرباني فإن ذلك يعم الوصلة مع الله فاختبرهم الله بالمال ثم اختبرهم بالسؤال منه وأنزل الحق نفسه منزلة السائلين من عباده أهل الحاجة أهل الثروة منهم والمال بقوله في‏

الحديث المتقدم في هذا الباب يا عبدي استطعمتك فلم تطعمني واستسقيتك فلم تسقني‏

فكان لهم بهذا النظر حب المال فتنة مهداة إلى مثل هذا وأما فتنة الولد فلكونه سر أبيه وقطعة من كبده وألصق الأشياء به فحبه حب الشي‏ء نفسه ولا شي‏ء أحب إلى الشي‏ء من نفسه فاختبره الله بنفسه في صورة خارجة عنه سماه ولدا ليرى هل يحجبه النظر إليه عما كلفه الحق من إقامة الحقوق عليه‏

يقول رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في حق ابنته فاطمة ومكانتها من قلبه المكانة التي لا تجهل لو أن فاطمة بنت محمد سرقت قطعت يدها

وجلد عمر بن الخطاب ابنه في الزنا فمات ونفسه بذاك طيبة وجاد ماعز بنفسه والمرأة في إقامة الحد عليهما الذي فيه إتلاف نفوسهما وقال في توبتهما رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم وأي توبة أعظم من أن جادت بنفسها

والجود بإقامة الحق المكروه‏

على الولد أعظم في البلاء

يقول الله في موت الولد في حق الولد ما لعبدي المؤمن إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا عندي جزاء إلا الجنة

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!