الفتوحات المكية

وصايا الشيخ الأكبر

وهو الباب 560 الذي ختم به الشيخ محي الدين موسوعة الفتوحات المكية بمجموعة وصايا جامعة

وهو يمثل السفرين السادس والثلاثين والسابع والثلاثين وفق مخطوطة قونية


(و من وصيتي إياك) إنك لا تنام إلا على وتر

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

(و من وصيتي إياك) إنك لا تنام إلا على وتر

فمن أحكم هذه الأركان التي هي من أعظم الفتن وأكبر المحن وآثر جناب الحق ورعاه فيها فذلك الرجل الذي لا أعظم منه في جنسه (و من وصيتي إياك) إنك لا تنام إلا على وتر لأن الإنسان إذا نام قبض الله روحه إليه في الصورة التي يرى نفسه فيها إن رأى رؤيا فإن شاء ردها إليه إن كان لم ينقض عمره وإن شاء أمسكها إن كان قد جاء أجله فالاحتياط إن الإنسان الحازم لا ينام إلا على وتر فإذا نام على وتر نام على حالة وعمل يحبه الله‏

ورد في الخير الصحيح أن الله وتر يحب الوتر

فما أحب إلا نفسه وأي عناية وقرب أعظم من أن أنزلك منزلة نفسه في حبه إياك إذا كنت من أهل الوتر في جميع أفعالك التي تطلب العدد والكمية وقد أمرك الله تعالى على لسان رسوله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فقال أوتروا يا أهل القرآن‏

وأهل القرآن هم أهل الله وخاصته وكذلك إذا اكتحلت فاكتحل وترا في كل عين واحدة أو ثلاثة فإن كل عين عضو مستقل بنفسه وكذلك إذا طعمت فلا تنزع يدك إلا عن وتر وكذلك شربك الماء في حسواتك إياه اجعله وترا وإذا أخذك الفواق اشرب من الماء سبع حسوات فإنه ينقطع عنك هذا جربته بنفسي‏

وإذا تنفست في شربك فتنفس ثلاث مرات وأزل القدح عن فيك عند التنفس هكذا أمرك رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فإنه أبرأ وأمرأ وأروى وإذا تكلمت بالكلمة لتفهم السامع فأعدها عليه ثلاث مرات وترا حتى تفهم عنك فهكذا كان يفعل رسول الله ص‏

فإني ما أوصيك إلا بما جرت السنة الإلهية عليه وهذا هو عين الاتباع الذي أمرك الله تعالى به في القرآن فقال إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ الله فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله فهذه محبة الجزاء وأما محبته الأولى التي ليست جزاء فهي المحبة التي وفقك بها للاتباع فحبك قد جعله الله بين حبين إلهيين حب منة وحب جزاء فصارت المحبة بينك وبين الله وترا حب المنة وهو الذي أعطاك التوفيق للاتباع وحبك إياه وحبه إياك جزاء من كونك اتبعت ما شرعه لك لَقَدْ كانَ لَكُمْ في رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ وبهذه الآية ثبتت عصمة رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم فإنه لو لم يكن معصوما ما صح التأسي به فنحن نتأسى برسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في جميع حركاته وسكناته وأفعاله وأحواله وأقواله ما لم ينه عن شي‏ء من ذلك على التعيين في كتاب أو سنة مثل نكاح الهبة خالِصَةً لَكَ من دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ومثل وجوب قيام الليل عليه والتهجد فهو صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم يقومه فرضا ونحن نقومه تأسيا وندبا فاشتركنا في القيام‏

يقول أبو هريرة أوصاني خليلي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم بثلاث فأوتر في وصيته وفيها إن لا أنام إلا على وتر

وورد في الحديث الصحيح أن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة فإن الله وتر يحب الوتر

وقد تقدم في هذا الكتاب في باب سؤالات الترمذي الحكيم وهو آخر أبواب فصل المعارف في حب الله التوابين والمتطهرين والشاكرين والصابرين والمحسنين وغيرهم مما ورد أن الله يحب إتيانه كما وردت أشياء لا يحبها الله قد ذكرناها في هذا الكتاب فأغنى عن إعادتها

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!