اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[السنة والبدعة]
وفي الايمان بالله وبرسوله الايمان بكل ما جاء به من عند الله ومن عنده مما سنه وشرعه ويدخل فيما سنه الايمان بسنة من سن سنة حسنة فاستمر الشرع وحدوث العبادة المرغب فيها مما لا ينسخ حكما ثابتا إلى يوم القيامة وهذا الحكم خاص بهذه الأمة وأعني بالحكم تسميتها سنة تشريفا لهذه الأمة وكانت في حق غيرهم من الأمم السالفة تسمى رهبانية قال تعالى ورَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها فمن قال بدعة في هذه الأمة مما سماها الشارع سنة فما أصاب السنة إلا أن يكون ما بلغه ذلك والاتباع أولى من الابتداع والفرق بين الاتباع والابتداع معقول ولهذا جنح الشارع إلى تسميتها سنة وما سماها بدعة لأن الابتداع إظهار أمر على غير مثال هذا أصله ولهذا قال الحق تعالى عن نفسه بَدِيعُ السَّماواتِ والْأَرْضِ أي موجدها على غير مثال سبق فلو شرع الإنسان اليوم أمرا لا أصل له في الشرع لكان ذلك إبداعا ولم يكن يسوغ لنا الأخذ به فعدل الشارع عن لفظ الابتداع إلى لفظ السنة إذ كانت السنة مشروعة وقد شرع الله لمحمد صلى الله عليه وسلم الاقتداء يهدي الأنبياء عليهم السلام والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ انتهى الجزء الثلاثون