اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[العالم محصور في علو وسفل]
اعلم أن العالم محصور في علو وسفل والعلو والسفل له أمر إضافي نسبي فالعالي منه يسمى سماء والأسفل منه يسمى أرضا ولا يكون له هاتان النسبتان إلا بأمر وسط يكون بينهما ويكون ذلك الأمر في نفسه ذا جهات فما أظله فهو سماء وما أقله فهو أرض له وإن شئت قلت في الملإ الأعلى والملإ الأسفل أنه كل ما تكون من الطبيعة فهو الملأ الأسفل وكل ما تولد من النور فهو الملأ الأعلى وأكمل العالم من جمع بينهما وهو البرزخ الذي بجهاته ميزهما أو بجمعيته ميزهما بالعلو والسفل من حيث المؤثر والمؤثر فيه اسم فاعل واسم مفعول والحق تعالى بالنظر إلى نفسه لا يتصف بشيء مما يتصف به وجود العالم فالعظمة والكبرياء المنسوبان إليه في ألسنة الفهوانية أن الله لما نسب الكبرياء الذي له ما جعل محله إلا السموات والأرض فقال ولَهُ الْكِبْرِياءُ في السَّماواتِ والْأَرْضِ ما قال في نفسه فالمحل هو الموصوف بالكبرياء الذي لله فالعالم إذا نظر إلى نفسه صغيرا ورأى موجدة منزها عما يليق به سمي ربه كبيرا وذا كبرياء لما كبر عنده بما له فيه من التأثير والقهر فلو لم يكن العالم مؤثرا فيه لله تعالى ما علم أنه صغير ولا أن ربه كبير وكذلك رأى لما قامت الحاجة