اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[أعمال الأشقياء مجسدة وأعمال السعداء كذلك]
واعلم أن هذا المنزل من يدخله يرى فيه عجائب لا يراها في غيره فمن ذلك أنه يرى أعمال الأشقياء مجسدة وأعمال السعداء كذلك مجسدة صورا قائمة تعقل وجود خالقها وقد جعل الله في نفوس هذه الصور طلبا على الأسباب التي وجدت عنها وهم العاملون ويجدون في طلبهم فأما أعمال السعداء فيرون على أيمانهم طريقا يسلكونها فتأخذ بهم تلك الطريق إلى مشاهدة أصحابهم وهم السعداء فيميز بعضهم بعضا ويتساءلون ويتخذونهم العاملون مراكب فوز ونجاة تحملهم إلى مستقر الرحمة وأما أعمال الأشقياء فتقوم لهم طرق متعددة متشعبة متداخلة بعضها في بعض لا يعرفون أي طريق تمشي بهم إلى أصحابهم فيحارون ولا يهتدون وهذا من رحمة الله بالأشقياء فإذا حارت أعمالهم رجعت إلى الله بالعبادة والذكر ويتفرقون في تلك الطرق فمنهم من لا يهتدي إلى صاحبه أبد الآبدين ومنهم من يصل إلى صاحبه فيشاهده ويتعرف إليه فيعرفه ويكون وجوده إياه مصادفة فيتعلق به ويقول له احملني فقد أتعبتنى في طلبك فيجبر العامل على حمله إلى أن تناله الرحمة رحمة الله وإلى جانب موقف هذه الصور طريقان واضحان طريق يكون غايته الحق الوجود وطريق لا غاية له فإنه يخرج السالك إلى العدم فلا يقف عند غاي