الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


موعظة أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه

حدثني يونس بن يحيى، عن محمد بن أبي منصور، عن حفص بن أحمد، عن الحسن بن علي بن أبي بكر بن مالك، عن عبد الله بن أحمد. حدثني أبي، عن الوليد بن

مسلم، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، أن أبا بكر الصدّيق رضي الله عنه، كان يقول في خطبته: أين القضاة الحسنة وجوههم، المعجبون بشأنهم؟ أين الملوك الذين بنوا المدائن و حصّنوها بالحيطان؟ أين الذين كانوا يعطون الغلبة في مواطن الحرب؟ قد تضعضع بهم الدهر، فأصبحوا في ظلمات القبور، الوحا الوحا، النجا النجا.

وروين من حديث ابن أبي الدنيا، حدثنا إسحاق بن إسماعيل، ثنا سفيان بن عيينة، عن جعفر بن برقان، عن ثابت بن الحجاج، قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

حاسبو أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، فإنه أهون عليكم من الحساب غدا، قبل أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر، يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية.

وحدثن يونس بن علي، عن أبي الحسن بن بشر، أنه قال: حدثنا الحسين بن صفوان، ثنا أبو بكر القرشي، عن أبي نصر التمار، عن بقية بن الوليد، عن إبراهيم بن أدهم، عن عبد الله الخراساني، قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من اتقى الله لم يشف غيظه، و من خاف الله لم يفعل ما يريد، ولو لا يوم القيامة لكان غير ما ترون.

حدثن يونس، ثنا عبد الوهاب، أن المبارك بن عبد الجبار، قال: أخبرنا أحمد بن علي النويري، قال: أنا عمر بن ثابت، قال: أنا علي بن محمد بن أبي قيس، ثنا أبو بكر القرشي، عن عبد الرحمن بن صالح العتكي، عن يونس بن بكير، عن عتبة بن أبي الأزهر، عن يحيى بن عقيل، قال: قال علي بن أبي طالب لعمر رضي الله عنهما: إن أردت أن تلحق بصاحبيك فاقصر الأمل، وكل دون الشبع، وارقع القميص، والبس الإزار، واخصف النعل، تلحق بهما.

وروين من حديث أبي زهير نعيم قال: ثنا سليمان بن أحمد، قال: ثنا أبو يزيد القراطيسي، ثن حجاج بن إبراهيم، عن مروان، عن معاوية، عن محمد بن سوقة، قال:

أتيت نعيم بن أبي هند، فأخرج لي صحيفة، فإذا فيها: من أبي عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، إلى عمر بن الخطاب: سلام عليك، أما بعد، فإنا عهدناك، وشأن نفسك لك مهم، فأصبحت وقد ولّيت أمر هذه الأمة، أحمرها، وأسودها، يجلس يين يديك:

الشريف، و الوضيع، والصديق، والعدو، ولكلّ حصة من العدل، فانظر كيف أنت عند ذلك يا عمر، و إنا نحذرك يوما تصفرّ فيه الوجوه، وتجب له القلوب، وتنقطع فيه الحجج بحجة ملك، قهرهم بجبروته، والخلق داخرون له، يرجون رحمته، ويخافون عقابه، وإنا كنا نحدّث أن أمر هذه الأمة سيرجع في آخر زمانها، أن نكون أخوان العلانية أعداء

السريرة، و إنا نعوذ بالله أن ننزل كتابنا منك سوى المنزل الذي نزل من قلوبنا، وإنم كتبنا به نصيحة لك والسلام.

وكتب إليهما عمر رضي الله عنهما: من عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل، سلام الله عليكما. أما بعد، فإنكما كتبتما إليّ تذكّراني أنكما عهدتماني و أمر نفسي إلي مهم، وإني أصبحت وقد ولّيت أمر هذه الأمة، وذكر كلاما. ثم قال: فإنه لا حول ولا قوة عند ذلك لعمر إلا بالله، وذكرتما أنكما كتبتما نصيحة لي و قد صدقتما، فلا تدعا الكتاب إلي فإنه لا غنى لي عنكما، والسلام عليكما.

وروين من حديث مالك، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: خرجت مع عمر إلى السوق فلحقته امرأة شابة، فقالت: يا أمير المؤمنين، هلك زوجي، وترك صبية صغارا، والله ما ينضجون كراعا، ولا لهم زرع، ولا درع، وخشيت عليهم الطمع، فأنا ابنة خفاف بن أغام الغفاري، وقد شهد أبي الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فوقف معه عمر، ولم يمض، وقال: مرحبا بنسب قريب. ثم انصرف إلى بعير كان مربوطا إلى الدار، فحمل عليه غرارتين، ملأهما طعاما، وجعل بينهما نفقة وثيابا، ثم ناولها خطامه، و قال: اقتاديه، فلن يفنى هذا حتى يأتيكم الله بخير.

وروين من حديث أبي نعيم محمد بن معمر، ثنا أبو شعيب الحرّاني، ثنا يحيى بن عبد الله، ثنا الأوزاعي، أن عمر بن الخطاب خرج في سواد الليل، فرآه طلحة، فذهب عمر، فدخل بيتا، ثم دخل بيتا آخر، فلما أصبح طلحة ذهب إلى ذلك البيت، فإذا عجوز عمياء مقعدة، فقال لها: ما بال هذا الرجل يأتيك؟ قالت: إنه يتعاهدني منذ كذا وكذا، يأتيني بم يصلحني، ويخرج عني الأذى. فقال طلحة: ثكلتك أمك يا طلحة، لعثرات عمر تتبع؟


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!