الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


خلافة سيدنا ومولان الناصر لدين الله

أمير المؤمنين أبي العباس أحمد ابن الإمام الحسن ابن الإمام يوسف ابن الإمام محمد. بويع له في الخامس والعشرين من ذي القعدة سنة خمس وسبعين وخمسمائة.

ونحن اليوم في شوال سنة إحدى عشر وستمائة، أبقى الله عمر سيدنا ومولانا أمير المؤمنين، وكان قد عقد لولده أبي نصر محمد، ثم إنه استقال منه، فأقاله أمير المؤمنين وأشهد على نفسه بالخلع من ولاية العهد لعجزه عنها، ونزع اسمه من الخطبة و ذلك سنة إحدى وستمائة. أخبرني بذلك الثقات وأنا بالموصل، ولم يبق له اسم في الخطبة بعد الخلع في جميع البلاد إلا بلاد يونان، فإنه بقي ذكره بعد الخلع قريب من سنة، لأنه أبى السلطان كيخسرو بن قليج أرسلان بن مسعود أن يزيل اسمه بالاستفاضة من غير أمر من الديوان، فلما أتى الأمر إليه أزال ذكره. يبقي الله عمر سيدنا أمير المؤمنين ويؤيده ويرشده لمصالح نفسه ومصالح المؤمنين ورعيته، آمنين بعزّته. و توفي آخر شهر رمضان سنة اثنين وعشرين وستمائة، وولى ابنه محمد الظاهر في أمر الله الذي كان قد خلع نفسه، وتوفي في رجب سنة ثلاث وعشرين وستمائة، وكانت خلافته تسعة أشهر، وولى بعده ابنه المستنصر أبو جعفر المنصور، ويعرف بالقاضي، أدام الله بقاه، وهو الخليفة الآن حين تقييدي هذا.

روينا عن الحميدي، عن محمد بن سلامة القضاعي، عن منصور بن النعمان، عن أبي مسلم الكاتب، عن محمد بن الحسين، عن ابن دريد، عن الحسن بن الخضر، عن رجل من أهل بغداد، عن المذكر أبي هشام، قال: أردت البصرة فجئت إلى سفينة أكتريها وفيها رجل ومعه جارية. فقال الرجل: ليس هنا موضع. فسألته الجارية أن يحملني، فحملني. فلما سرنا دعا الرجل بالغداء، ثم قال: انزلوا ذلك الفقير ليتغدى. فأنزلت على أنني مسكين، فلما تغدين قال: يا جارية، هاتي شرابك، فشرب وأمرها أن تسقيني، فقلت: رحمك الله، إن للضيف حقا، فتركني. فلما دبّ فيه النبيذ، قال: يا جارية، هاتي العود، وهاتي ما عندك. فأخذت العود ثم غنّت تقول:

وكن كغصني بانة ليس واحد يزول من الخلاّن عن رأي واحد

تبدّل بي خلا فخاللت غيره وخالفته لما أراد تباعدي

فلو أن كفّي لم تردني أبيتها ولم يصطحبها بعد ذلك ساعدي

ألا قبّح الرحمن كل مماذق يكون أخا في الخفض لا في الشدائد

ثم التفت إلي وقال: أتحسن مثل هذا؟ فقلت: أحسن خيرا منه، فقرأت: إِذَ اَلشَّمْسُ كُوِّرَتْ وإِذَا اَلنُّجُومُ اِنْكَدَرَتْ وإِذَ اَلْجِبالُ سُيِّرَتْ ، فجعل يبكي، فلما انتهيت إلى

قوله تعالى: وإِذَا اَلصُّحُفُ نُشِرَتْ ، قال: ي جارية، اذهبي فأنت حرة لوجه الله تعالى، وألقى ما معه من الشراب في الماء، وكسر العود، ثم دنا إلي واعتنقني، وقال: أترى الله يقبل توبتي؟ فقلت: إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين، قال: فآخيته بعد ذلك أربعين سنة حتى مات قبلي، فرأيته في المنام فقلت: إلام صرت بعدي؟ فقال: إلى الجنة، فقلت: يا أخي، بم صرت إلى الجنة؟ قال: بقراءتك عليّ: وإِذَا اَلصُّحُفُ نُشِرَتْ .

وذكر صاحب كتاب «أخبار الزمان» أن أبا بكر رضي الله عنه، لما توفي غسّلته زوجته أسماء بنت عميس، وصلى عليه عمر رضي الله عنهما، وحمل على سرير رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو سرير عائشة رضي الله عنها، وكان من خشبتين ساجا منسوجا بالليف، و بيع في ميراث عائشة رضي الله عنها بأربعة آلاف درهم، فاشتراه مولى لمعاوية و جعله للمسلمين، ويقال:

إنه بالمدينة. ودفن أبو بكر رضي الله عنه في حجرة عائشة، ورأسه قبالة كتفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي خلافته فتحت بصرى صلحا، وهي أول مدينة فتحت بالشام. ومات أبو قحافة بعد موت ابنه أبي بكر بسنة، وقيل: سبعة أشهر، وذلك في سنة أربع عشرة سنة، ولم يولّ الخلافة من أبيه حيّ غير أبي بكر ومن ذكرنا من خلفاء بني العباس ممن خلع نفسه لعذر وولى ابنه كالمطيع لله.

ومن أولاد أبي بكر الصدّيق: عبد الله وأسماء لأم واحدة، وهي من بني عامر ابن لؤي. و من أولاده أيضا: عبد الرحمن وعائشة لأم واحدة، وهي أم رومان. ومن أولاده أيضا: محمد وأميمة من أسماء بنت عميس.

ذكر أهل التاريخ أن شريحا القاضي أقام خمسا وسبعين سنة في القضاء إلى أيام الحجاج، تعطل منها ثلاث سنين، امتنع من الحكم زمن فتنته.

ولم ولّي الحجاج الكوفة استعفاه فأعفاه. ومات سنة سبع وثمانين وله مائة سنة، وقيل: مائة وعشرون سنة، وقيل: مات سنة تسع وسبعين. ومات في خلافة عثمان العباس بن عبد المطلب في سنة اثنين وثلاثين وله ثمانون سنة. ويقال: إنه لم ير بنو أب أبعد قبورا من بنيه: عبد الله بن عباس بالطائف، والفضل بالشام، وعبيد الله بالمدينة، وقثم بسمرقند، وسعد بإفريقية. ومات عبد الرحمن بن عوف في سنة واحدة مع العباس، وكان سنّ عبد الرحمن خمسا وخمسين سنة، وأوصى من ماله لكل رجل بقي من أهل بدر بأربعمائة دينار، فكانوا يومئذ مائة رجل، فقسمت تركته على ستة عشر سهما، فكان كل سهم ثمانين ألف دينار.

وكان لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أربعة عشر ولدا ذكورا وثمانية إناث، أعقب

من أولاده: الحسن، والحسين، ومحمد ابن الحنفية، وعمر، والعباس.

وكان لعمر بن الخطاب رضي الله عنه من الأولاد: عبد الله، وحفصة، وعبيد الله، و عاصم، وفاطمة، وزيد، وأبو شحمة واسمه عبد الرحمن وهو الذي حدّ في الشراب فمات.

والذي حفظت من أولاد عثمان بن عفان رضي الله عنه: عبد الله الأكبر وعبد الله الأصغر من رقية، وعمر، وأبان، وخالد، وعمر، وسعيد، ومغيرة، وأم سعيد، وأم أبان، و عائشة، وأم عمر، وغيرهم.

و المحفوظ لي من أولاد الحسين رضي الله عنه: زيد، والحسن، وعلي زين العابدين، و عمر، والحسين الأشرم، والقاسم، وأبو بكر، وطلحة، وعبد الله، وعبد الرحمن، و غيرهم. وأولاد معاوية بن أبي سفيان: عبد الرحمن، يزيد، عبد الله، هند، رملة، صفية، عائشة.

وأولاد يزيد بن معاوية: معاوية، عبد الله الأكبر، عبد الرحمن الأصغر، عمير، عبد الرحمن، عتبة الأعور، يزيد، محمد، أبو بكر، حرب، عبد الله أصغر الأصاغر، وغيرهم. ولم يكن لمعاوية بن يزيد عقب.

وأولاد عبد الله بن الزبير رضي الله عنهم: حمزة، وعبد الله، وحبيب، وثابت، وعبّاد، و قيس، وموسى، وغيرهم.

وأولاد مروان بن الحكم: عبد الملك، معاوية، أم عمرو، عبيد الله، عبد الله، أبان، داود، عبد العزيز، عبد الرحمن، أم عثمان عمرة، أم عمرو، بشر، محمد.

وأولاد عبد الملك بن مروان: الوليد، سليمان، مروان الأكبر، يزيد، مروان، معاوية، هشام، بكار، الحكم، عبد الله، مسلمة، المنذر، عتبة، محمد، سعيد، الحجاج، قبيصة.

وأولاد الوليد بن عبد الملك: يزيد، إبراهيم، العباس، عمر، فخذ بني مروان، وعمر، وعبد العزيز، وبشر، وغيرهم.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!