الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


حكاية الضّادي

حدثن أحمد بن مسعود، انا رسلان البغدادي قال: كان رجل بالبصرة يكثر من ذكر الضادات حتى وسم بالضادي، وكان قاضيها يتمنى أن يقع له إليه حاجة ليسمع كلامه، فدخل عليه بعض حجابه يوما وقال:

ي سيدي، الضادي بالباب، قال: ائذن له، فمحصول ما يتكلم به ضادات، وهو أن يقول: السلام عليك أيها القاضي، إن فلانا ظلمني، وأنا ضعيف، فأقول له: الظلم بالظاء و ليس بالضاد، فأقهره، فدخل عليه وقال: السلام عليك أيها القاضي الفاضل الأفضل ابن الأفضل، إن ضرار بن ضمرة الضبي اهتضمني، وعضّني، وضلع ضلعي، وأخذ ضيعة لي على الغياض بالضيعي، اعترضها ضمانا، ولم يعوّضني عنها، وأنت أيها القاضي غضبان عليّ، معرض عني، نتعرض بعرض عرضك، أن تمضي إلى ضرار بن ضمرة الضبي وتحضره بحضرتك إحضارا، وتفرض لي عليه فرضا، ليخضع ويضرع، ويعوّضني البعض عن الضمان، فإني ضعيف متضعّف، مهضوض من بين الضعفاء، فاهتضمني بضوضائه.

قال: فأقبل القاضي على خصمه وقال له: إن خصمك هذا لمجنون، انطلق وخذ الضيعة.

فلما ولى أخذ الضادي بأهدابه وأنشد:

أيا من أقرض القاضي له أرضي لكي يرضى

هذا في القضا فرض بأن ترضى ولا أرضى

قضى قاضيك في أرضي قضاء ليت لم يقضى

فأين المعوض المقروض لا عوضا ولا قرض

ضعاف مهضم ضيم مضت ضيعتهم أيضا

قال: فاستفرغ القاضي منه ضحكا فوقع له بالضيعة.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!