الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ومن حديث ابن ثابت في باب الفراسة

حدثن يونس بن يحيى بن أبي البركات القصّار نزيل مكة، نبأ الفضل بن يوسف، نبأ أبو بكر بن ثابت الخطيب، نبأ أبو الحسن علي بن أحمد بن نعيم الجارود البصري قال:

سمعت علي بن أحمد بن عبد الرحمن الفهري الأصبهاني يقول: سمعت أحمد بن عبد الجبار المالكي يقول: سمعت يحيى بن معاذ الرازي يقول:

حقيقة المحبة أن لا تزيد بالبرّ، ولا تنقص بالجفاء.

ثم حدّث ابن ثابت على ما حدثناه تاج الأمناء، عن عمه الصائن هبة الله، عن السمرقندي، عن ابن ثابت قال: نبأ يحيى بن علي العجلي، سمعت عبد الله بن محمد الدامغاني، سمعت الحسن بن علي بن يحيى بن سلام، قيل ليحيى بن معاذ: يروى عن رجل من أهل الخير قد كان أدرك الأوزاعي وسفيان أنه سئل: متى تقع الفراسة على الغائب؟ قال: إذا كان محبا لما أحب الله مبغضا لما أبغض الله، وقعت فراسته على الغائب. فقال يحيى:

كل محبوب سوى الله سرف وهموم وغموم وأسف

كل محبوب فمنه خلف ما خلا الرحمن ما منه خلف

إن للحب دلالات إذا ظهرت من صاحب الحب عرف

صاحب الحب حزين قلبه دائم الغصّة مهموم دنف

همّه في الله لا في غيره ذاهب العقل وبالله كلف

أشعث الرأس خميص بطنه أصفر الوجنة والطرف ذرف

دائم التذكار من حب الذي حبه غاية غايات الشرف

فإذا أمعن في الحب له وعلاه الشوق من داء كشف

باشر المحراب يشكو بثّه وأمام الله مولاه وقف

قائما قدّامه منتصبا لهجا يتلو بآيات الصحف

راكعا طورا وطورا ساجدا باكيا والدمع في الأرض يكف

أورد الحق على القلب الذي فيه حب الله حقا فعرف

ثم جالت كفه في شجر ينبت الحبّ فسمّى واقتطف

إن ذا الحب لمن يعنى له لا لدار ذات لهو وظرف

لا ولا الفردوس لا يألفها لا ولا الحوراء من فوق غرف


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!